السوق الخيري الأول من نوعه في المناطق المحررة

أطلقت جمعية نفحات الشام الخيرية في 25 حزيران/يونيو 2016 سوقها الخيري في مدينة ترمانين بريف إدلب الشمالي تحت مسمى “سوق رمضان الخيري”، ويعتبر هذا المشروع الأول من نوعه في الشمال السوري، ويستهدف المشروع الأطفال الأيتام والأرامل والفقراء وعوائل الشهداء.
مدير السوق الخيري محمد الطقش (32 عاماً) يقول: “تم التجهيز لهذا السوق منذ عدة أشهر حتى تمكنا من تأمين جميع محتوياته، ومدة المشروع 5 أيام قابلة للتمديد، ويفتتح السوق أبوابه أمام الأهالي من الساعة 12 ظهرا وحتى الساعة 4 عصراً، ويستقبل حوالي 80 زائراً كل يوم”.
ويضيف الطقش: “يعتبر هذا المشروع إغاثي وتنموي وغير ربحي، يساعد على وصل أهل العطاء بأصحاب الحاجة الحقيقية. فهو يستهدف الأسر الفقيرة عبر منحهم قسائم شرائية، ويتيح هذا السوق للعوائل إمكانية تسوق احتياجاتهم من الألبسة الرجالية والنسائية والأطفال، والأحذية، والأدوات المنزلية”.
ويشير الطقش أن فكرة المشروع تتمحور حول أن يأخذ كل شخص حاجته من المواد فقط ولا يزيد عليها. ويؤكد أن فكرة مثل هذه المشاريع أفضل بكثير من السلل الإغاثية، لأن السلل تحتوي على بعض المواد التي لا يحتاجها الأهالي. ومعظمهم يقومون ببيعها بأسعار رخيصة وهذا الأمر يستغله تجار الأزمات الذين يفتتحون محال تجارية من أجل هذا الموضوع. ويلفت الطقش إلى ضرورة إنشاء مؤسسات استهلاكية من قبل الجمعيات الخيرية التي تقوم بتوزيع سلل إغاثية على الناس، يتم فيها توزيع المواد الإغاثية بحيث يأخذ كل شخص ما يحتاجه فقط، وبهذا الأمر يتم تجنب مثل هؤلاء التجار.
“سيعمل المشروع على تغطية احتياجات حوالي 500 عائلة فقيرة ومحتاجة من خلال توزيع هذه القسائم على هذه العائلات. الأمر الذي سيؤدي لتخفيف العبء عن المجتمع المحلي الذي أنهكه الدمار والقصف وويلات هذه الحرب الغير أخلاقية والغير إنسانية، ويخفف قدر المستطاع من المعاناة، من خلال خلق جو بعيد عن الحرب والمعاناة والأسى” يقول الطقش.
اعتمد السوق على نظام محاسبة جديد، هو الأول من نوعه في المناطق المحررة. وقد لاقى رواجاً ونجاحاً كبيرين، علاء (30 عاماً) أحد القائمين على السوق يقول: “قمنا بتخصيص شريحة لكل عائلة مستفيدة من السوق وتضم كل شريحة من هذه الشرائح 10 آلاف نقطة، أي ما يعادل 10 آلاف ليرة سورية لكل عائلة لا يتجاوز عدد أطفالها الثلاثة، وكل عائلة يزيد عدد أطفالها عن الثلاثة خصصت لها شريحة بقيمة ألفين ليرة سورية لكل طفل، وتقسم كل شريحة إلى 50 مربع قيمة كل مربع 200 ليرة سورية”.
ويضيف علاء: “سيكون هذا المشروع سابقة وبادرة تشجع على إقامة المزيد من المشاريع الإغاثية والتنموية، التي ستؤدي من حيث النتيجة إلى تمكين المجتمعات المحلية وتقويتها، وستتيح الفرص لإشراك المنظمات المحلية والدولية والمؤسسات والجمعيات الراغبة في المشاركة والمساهمة بمثل هذه المشاريع”.
اقبال كبير من قبل أهالي مدينة ترمانين على هذا السوق الذي يمتاز بجودة بضاعته والتي بدورها تنافس السوق المحلية، بحسب أحد الباعة فيه.
نورية الزعيم (34 عاماً) إحدى النساء المستفيدات من خدمات السوق تقول: “أشكر القائمين على هذا العمل، الآن أستطيع أن أشتري لأطفالي الأيتام ملابسهم وبدون أي إحراج، وكنت أتوقع أن تكون المواد الموجودة فيه بالية وغير صالحة لشيء لكن تفاجأت أن العكس صحيح، ولا تقل عن جودة السوق المحلي بشيء”.
من جانبها أكدت أم موسى (43 عاماً) أن مثل هذا السوق يجب أن يعمم على جميع المواد الإغاثية من ملابس ومواد غذائية، تقول أم موسى: “الآن يمكنني أن أختار الشيء الذي يلزمني بدون أن أضطر إلى بيع أو رمي الأشياء البالية والتي كثيرا ما وجدتها ضمن سلة الإغاثة المخصصة للملابس”.
مشاريع صغيرة في مضمونها ولكنها كبيرة في عيون المحتاجين الذين فقدوا معليهم، أو الذين اضطروا إلى ترك وظائفهم في مناطق سيطرة النظام ولم يجدوا بديلا عنها في مناطقهم، الأمر الذي يحتِّم على الجمعيات الخيرة والمجالس المحلية في المناطق المحررة المبادرة إلى مثل هذه المشاريع.
يوسف القدور (45 عاماً) عضو مجلس ترمانين المحلي يقول: “نحن نشجع على إقامة مثل هذه الأسواق، ولنا تجربة سابقة مع جمعية ترمانين للأعمال الخيرية، وتم التنسيق بيننا وبين جمعية نفحات الشام من أجل إنشاء هذا السوق كون رئيس الجمعية عضو في المكتب الإغاثي التابع للمجلس، وسنقوم في الأيام القادمة بتجهيز سوق جديد لبيع الخضرة بالمجان أيضاً”.