مدرسة مجانية لذوي الاحتياجات الخاصة تديرها سيدة
أم وسيم رسالة إنسانية حيّة تصوير أسعد الأسعد
تقف أم وسيم كل صباح أمام باب ذاك البيت القديم في قرية الجينة، تنتظر طلابها وهم بأغلبهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. تسبقهم في الصباح الباكر مشياً على قدميها لتعانقهم واحداً تلو الآخر، وبث الفرح في قلوبهم.
نور الهدى حفار المعروفة بأم وسيم (73 عاماً)، كانت معلمة في إحدى مدارس مدينة حلب لمدة 25 عاماً. تمتلك خبرة واسعة في معاملة الأطفال والاعتناء بهم. كرّست أم وسيم جلَّ وقتها لمتابعة ولديها المصابين بمرض التلاسيميا، ونجحت بتحسين حالهما وتخليصهما من مرضهما.
تقول أم وسيم:” ابتلاني الله بطفلين من أطفالي كانا يعانيان من مرض التلاسيميا. قمت بمتابعتهما منذ الصغر. حرصت على تعليمهما والاهتمام بهما بطريقة خاصة، من خلال ترغيبهما بالعلم و توعيتهما. والحمد لله تحسنت حالهما بنسبة كبيرة، وهما الآن في العشرين من العمر، وزوجتهما وهما الآن والدين”.
تجربة أم وسيم مع ولديها، شجعتها على مساعدة الأطفال الذين يعانون من حالات صحية واحتياجات خاصة. قامت بإنشاء مدرسة خاصة لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة في أحد الأحياء الشرقية لمدينة حلب. وبعد أن تهجرت من مدينتها قامت بإنشاء مدرستها مجدداً في بلدة الجينة.
وعن تجربة المدرسة وقصة تهجيرها تقول أم وسيم: “بعد أن خرجت على التقاعد قمت بإنشاء مدرسة الجسر الذهبي التي تختص بتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة والاعتناء بهم. شهدت مدرستي إقبالاً مميزاً في مدينة حلب. كان لدينا حوالي 100 طالب نقوم بالاعتناء بهم أنا وكادر المدرسة”.
وتضيف أم وسيم: “بعد تهجيرنا من مدينة حلب، سكنت في الريف الغربي للمدينة وتحديداً في بلدة الجينة. قمت بتأمين منزل لعائلتي وبعد 3 أشهر من التهجير قمت بإعادة إنشاء مدرسة الجسر الذهبي المعنية بذوي الاحتياجات الخاصة”.
تبرعت جمعية أيلول وهي جمعية محلية صغيرة بإيجار المنزل الذي تم تحويله إلى مدرسة. كما أن الكادر التعليمي تطوعي أيضاً، والمدرسة مجانية.
وتلفت أم وسيم إلى أن مدرستها شهدت إقبالاً جيد، وهي الآن تحوي حوالي 50 طالباً وطالبة يهتم بهم كادر من 6 معلمات هنّ أصلاً من أهالي الطلاب الموجودين في المدرسة، كونهن أكثر من يدرك حجم المعاناة التي يمر بها هؤلاء الطلاب.
وفاء العموري إحدى معلمات مدرسة الجسر الذهبي تقول: “سياسة أم وسيم في اختيار المعلمات سياسة ناجحة تماماً، فهي اختارتنا كوننا أهالي الطلاب وندرك معاناتهم، فهي بهذه الطريقة تضمن أن المعلمة ستقوم بواجبها كون أحد هؤلاء الطلاب هو ابنها أو ابنتها”.
ويثني أهالي الطلاب على عمل أم وسيم وكادرها، في سبيل نقل أبنائهم من عالمهم إلى عالم آخر، يستطيعون من خلاله مواكبة مجتمعهم، والاختلاط بالناس.
أم سامر والدة لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يتلقى التعليم في مدرسة أم وسيم تقول: “أنا ممتنة لأم وسيم والكادر العامل في المدرسة، فعندما جلبت ابني سامر في العام الماضي الى المدرسة كان شديد العصبية ولا يعرف القراءة والكتابة، ولكنه الآن والحمد لله يجيد القراءة من خلال التهجئة، ويجيد الكتابة المفصلة، وكل ذلك تعلمه من خلال النشاطات الترفيهية التربوية التي تقدمها له المدرسة بشكل مجاني”.
الاهتمام الذي يحظى به الطلاب في مدرسة الجسر الذهبي هو اهتمام نابع من القلب الى القلب، وهو وليدة معاناة خاصة يجري العمل على تحويلها إلى طاقة صحية منتجة.