بطاقات عائلية جديدة في درعا والقنيطرة
داخل هذا المبنى يمكن اصدار بطاقات جديدة للسوريين تصوير أحمد عبيد
""ساهم إصدار البطاقات الشخصية والعائلية بتخفيف العبء عن المجالس المحلية والقوى التنفيذية في المناطق المحررة"
بعد سيطرة المعارضة على مناطق واسعة من الجنوب السوري، توقفت الدوائر الحكومية والمؤسسات التابعة للنظام في المنطقة عن العمل بشكل كلي. ونظراً لضرورة البطاقات الشخصية والأوراق الثبوتية التي يحتاجها سكان المنطقة في كل خطوة، أعلن مجلس محافظة درعا الحرة عن افتتاح مديرية للأحوال المدنية فيها.
مدير الأحوال المدنية في درعا والقنيطرة سليمان القرفان يقول: “قمنا بتأسيس مديرية الأحوال المدنية العامة في محافظة درعا نهاية عام 2016 نظراً لصعوبة تسيير إجراءات المدنيين في المناطق المحررة:.
ويضيف القرفان: “افتتحنا العديد من الأمانات في درعا البلد وطفس والجيزة وبصرى الحرير والحراك، ومكتبين للتوثيق المدني في صيدا والنعيمة في محافظة درعا، ومركزين رئيسيين في محافظة القنيطرة، بهدف منح الأوراق الثبوتية التي يطلبها المواطن من بيان عائلي وإخراج قيد مدني وبيان ولادة وشهادة وفاة بشكل مجاني”.
ويشدد القرفان على “أهمية هذا الأمر بسبب فقدان العديد من السكان لأوراقهم الثبوتية نتيجة النزوح الداخلي والتهجير القسري الذي تعرضت له المحافظات السورية، كما أن الكثير منهم لا يمكنهم دخول مناطق سيطرة النظام لتسيير أمورهم المدنية خوفاً من الاعتقال، إضافة إلى المبالغ الطائلة التي تتقاضاها مؤسسات النظام لتسيير مثل هذه المعاملات”.
ويوضح القرفان أنه “ومنذ تأسيس المديرية ونحن نسعى جاهدين لإصدار بطاقات عائلية خاصة بالمناطق المحررة، يتمكن الأهالي من خلالها من تثبيت زواجهم وتسجيل الأطفال والمواليد، لكننا لم نتمكن من إصدارها حتى بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول 2017، وبدأنا بتوزيعها على المدنيين”.
وبحسب القرفان “يتم توفير البطاقة لقاء مبلغ قدره 3 آلاف ليرة سورية أي ما يقارب 6 دولارات أمريكية نظراً لارتفاع تكاليف الطباعة، ووضعنا خطة لطباعة 50 ألف بطاقة عائلية سيتم توزيعها على مكاتب درعا والقنيطرة لتصل إلى أيدي المواطنين، ويمكن أن تكون مجانية بحسب وعود المنظمات الدولية بتقديم الدعم اللازم لطباعتها”.
يضيف القرفان: “نقوم اليوم بالتواصل مع جميع الجهات المعنية في المناطق المحررة لاعتماد نموذج موحد لهذه البطاقة في كافة الأراضي السورية، كون هذه الخطوة ضرورية ملحة للسير في الاتجاه الصحيح، ولا يمكن أن تصبح مراكزنا بديلاً حقيقياً عن مؤسسات النظام إلا في حال إصدار نماذج موحدة خاصة تعتمدها الحكومة السورية المؤقتة”.
وعن طريقة إصدار هذه البطاقات ومميزاتها يقول عماد البطين نائب محافظ درعا الحرة: “تمتاز البطاقات الأسرية الصادرة عن مديرية الأحوال المدنية في درعا والقنيطرة بتصاميمها الجيدة والورق الفاخر المطبوعة عليه، حيث تم وضع النموذج من قبل مختصين محترفين، وهي تحمل رقماً متسلسلاً وعلامة أمنية منعاً للتزوير”.
ويضيف البطين: “قمنا بوضع خطة لسير عملية التوزيع عبر المراكز المنتشرة في الأرياف، عن طريق إنشاء غرف مشتركة بين العاملين للتواصل وتسجيل الإحصائيات للمهجرين لمنحهم بطاقات أسرية. وإبلاغ باقي المراكز لمنع الازدواجية وحصول الشخص على بطاقتين من مراكز مختلفة”.
ويتابع البطين: “وضعنا آلية للتعامل مع فاقدي الثبوتيات من النازحين بالتعاون مع مجلس القضاء الحر المستقل من خلال الضبوط الأمنية، ووجهنا مؤخراً كتاب إلى جميع المنظمات العاملة في الجنوب السوري المحرر لمطالبتهم باعتماد هذه البطاقة بشكل رسمي، والتعاون مع المدنيين الحاصلين عليها وتقديم الخدمات لهم”.
ويلفت البطين إلى وجود وعود للاعتراف بهذه البطاقات دولياً، حيث تلقى مدير الأحوال المدنية في درعا دعوة من ممثل البرنامج الإنساني للأمم المتحدة إلى ورشة عمل لمناقشة وضع الأوراق الثبوتية الصادرة في جنوب سوريا والاعتراف بها”.
وكان قد تم الاتفاق بين المديرية وعدد من منظمات المجتمع المدني في اجتماع عقد في العاصمة الأردنية عمان على رفع توصية لمكتب المبعوث الأممي ستيفان ديمستورا لاعتماد وثائق مديرية الأحوال المدنية، مستندين على قرارات مؤتمر جنيف الأخير، والتي تسعى إلى إجراء انتخابات دستورية وبرلمانية خلال المرحلة الانتقالية.
ويلفت البطين إلى أنه “تم التنويه في التوصية بأن المئات من السوريين من مواليد 1997 وحتى 2000 يحق لهم الانتخاب ولم يحصلوا على بطاقات شخصية من مؤسسات النظام، وأن العديد ممن فقدوا وثائقهم الرسمية يعتمدون على الوثائق الصادرة عن مديرية الأحوال المدنية في درعا والقنيطرة”.
نبيل التركاوي (25 عاماً) يقول: “أعيش في درعا منذ انشقاقي عن جيش النظام عام 2013 وتزوجت فيها دون أي وثيقة رسمية تثبت شخصيتي، وبعد أن رزقني الله بطفلة بدأت أسعى لتوثيق الزواج وتسجيل الطفلة”.
ويضيف التركاوي: “تواصلت مع عدة محاميين في حمص حيث دائرة النفوس المسؤولة عن بياناتي الشخصية، لكنهم طلبوا مبلغ زاد عن 250 ألف ليرة سورية أي ما يقارب 800 دولار أمريكي آنذاك، لإتمام عملية التسجيل والحصول على دفتر عائلة من مؤسسات النظام كون الأمر يتطلب موافقة من شعبة التجنيد العامة والحضور أمام القاضي الشرعي في المحكمة للحصول على حكم بتثبيت الزواج”.
ويعبر التركاوي عن فرحته بـأنه “حين بدأت مديرية الأحوال المدنية في درعا بإصدار البطاقات الأسرية، حصلت على واحدة منها بعد ذهاب أهل زوجتي ومختار الحي الذي أعيش فيه منذ فترة طويلة إلى مجلس القضاء الحر، والشهادة باسمي ونسبي، وأنني زوج ابنتهم ووالد طفلتها كونهم من أبناء درعا”.
هارون أبو نقطة (42 عاماً) وهو أحد أبناء مدينة طفس يقول: “لم أكن أحصل على أي مساعدات من المنظمات الإغاثية بسبب فقدان أوراقي الثبوتية، لكن بعد إصدار البطاقات العائلية من قبل مديرية الأحوال المدنية حصلت على دفتر عائلة يحمل رقم تسلسلي أستطيع من خلاله إجراء أي معاملة في المناطق المحررة”.
ولكن أبو نقطة ينبه إلى أن دفاتر العائلة هذه تغني عن دفاتر العائلة الصادرة عن مؤسسات النظام، كون الاعتراف فيها محصور بالمناطق المحررة فقط، ولو أردنا السفر خارج سوريا سنعود إلى المعاناة ذاتها”.
سامر الحمصي عضو المجلس المحلي في مدينة درعا البلد يقول: “ساهم إصدار البطاقات الشخصية والعائلية بتخفيف العبء عن المجالس المحلية والقوى التنفيذية في المناطق المحررة حيث كنا نجد صعوبة في تسجيل عقود الإيجار وإحصاء أسماء وأعداد النازحين في المدينة، بسبب غياب الأوراق الثبوتية”.
ويضيف الحمصي: “المنظمات أيضاً كانت تمتنع عن تسليم حصص إغاثية لمن لا يملك إثبات شخصية حسب ما تطلب منها الإدارة بالخارج من توثيق لأسماء المستلمين وأعداد أفراد أسرهم والأرقام الوطنية أو دفاتر العائلة، بعد تعرض العديد منها إلى حالات الاحتيال عن طريق الأسماء الوهمية”.
ولا ينسى الحمصي “المشاكل التي كنا نواجهها على الحواجز الأمنية على مداخل المدينة كتوقيف من لا يحمل إثبات لشخصيته وتحويله إلى القوة التنفيذية في المجلس المحلي، وخاصة من النازحين الغير معروفين من قبل عناصر الأمن”.