تنفيذ أول حكم إعدام بالرصاص في كفرنبل

"الشيخ مروان من كفرنبل يوضح بأن الشرع الإسلامي ترك خيارا آخر لأهل القتيل غير الإعدام وهو أن يدفع القاتل مبلغاً كبيراً من المال كفدية لأهل القتيل"

لعلع صوت الرصاص خلال إعدام المجرمين خالد وأسعد. اللذين أصدرت بحقهما محكمة تابعة لجبهة تحرير الشام حكماً بالإعدام رمياً بالرصاص في 22 آب/أغسطس 2017.
وجاء تنفيذ الحكم بحضور حشد شعبي تابع الحدث الذي يعتبر الأول من نوعه في مدينة كفرنبل منذ بداية الثورة. خالد وأسعد مثل كثر غيرهما، سلكا طريق الإجرام وعمليات القتل والسرقة التي تزايدت بشكل ملحوظ، مستغلين ظروف الحرب والفوضى.
في 12 يونيو 2017 جاء رجلان إلى المغدور شحود الذي يعمل كسائق اجرة. طلبا منه أن يوصلهما إلى قرية حيش وفي الطريق تبين أن الزبونين هما مجرد لصين ومجرمين. وهذا ما جاء في شهادة راعي الأغنام أحمد من بلدة حاس، الذي كان يشاهد ما حدث من بعيدن ودون أن يشعر به أحد.
يقول أحمد: “كنت أرعى الأغنام في أرض زراعية بين قرية حاس وأرمنايا. وإذا بسيارة ينزل منها رجلان ويطلبان من آخر داخل السيارة أن ينزل منها ويعطيهما مفتاح السيارة. وعندما رفض أطلق أحدهما النار عليه، ثم اخرجاه منها ورموه أرضاً، ثم انطلقا بسيارته، فذهبت على الفور الى المحكمة التابعة لأحرار الشام في قرية حاس وأخبرتهم بالأمر”.
منى زوجة المغدور شحود تقول: “عندما لا حظنا بعض التراخي من محكمة الأحرار في التحقيق بقضية اغتيال زوجي شحود، نقلنا ملف القضية الى محكمة جبهة تحرير الشام في مرعيان التي اهتمت اكثر بالموضوع ولم تمض مدة 15 يوماً حتى تمكنوا من كشف المجرمين”.
أبو مراد، قاضي في محكمة جبهة فتح الشام سابقا يوضح أنه صدر حكم الاعدام بحق المجرمين استنادا الى نص بالقرآن الكريم وهو قول الله سبحانه وتعالى “ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب”. وتعني الآية أن في تطبيق العقوبة على القاتل والإقتصاص منه ما يساعد على استمرار الحياة ..
لإن تطبيق العقوبة يردع ويمنع الناس الآخرين من القتل عندما يرون أن العقوبة سوف تطبق عليهم. وهذا بالتالي يساعد على استقرار الامن والحياة بين الناس.
شعرت زوجة المغدور شحود بالسرور كما تقول بخبر إعدام قاتلي زوجها. وتقول منى: “سررت بتطبيق العقوبة على قاتل زوجي، وسعدت باكتشافهما وعقابهما جزاء ما تسبباه لنا من الحزن ومن حرمان لأولادي من أبيهم، وغدرهم به دون ذنب”.
ليست منى وحدها من أسعدها إجراء تطبيق العقوبة، فهناك أيضا أقرباء المجرمين أنفسهم من قرية الزيارة في ريف حماه الذين شهدوا عليهما بأن لهما سوابق كثيرة من الإجرام والسرقة. بالإضافة للمظاهرات التي قامت في كفرنبل أثناء اعتقال المجرمين والتي طالبت بإعدامهما.
الشيخ مروان من كفرنبل يوضح بأن الشرع الإسلامي ترك خيارا آخر لأهل القتيل غير الإعدام وهو أن يدفع القاتل مبلغاً كبيراً من المال كفدية لأهل القتيل. هذا إن رضي أهل القتيل وإلا فالإعدام مصيره وهناك من أهالي القتلى من لا يرضى بالدية او المال كبديل عن القتيل وفي هذه الحالة يتوجب الإعدام.
منير (65 عاماً) من كفرنبل يفيد بأن الجرائم قد تزايدت في المنطقة في الآونة الأخيرة بشكل كبير، وخاصة جرائم القتل وطلب الفدية والسرقة. وقد سجل في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2017، حالتي قتل بأسبوع واحد في قرية مرعيان في جبل الزاوية ارتكبها نازحون الى القرية.
يعمل مرشد (50 عاماً) مستشاراً في المحكمة المدنية التي تشكلت مؤخرا في كفرنبل، وكان يعمل قاضياً في محكمة الأحرار سابقاً. وبحسب مرشد فقد تم توحيد المحاكم حالياً تحت إدارة مدنية واحدة، تضم جميع الفصائل الموجودة على الأرض في إدلب وريفها. محكمة مدنية واحده لها فروع في جميع المناطق.
ويعترف مرشد بزيادة نسبة جرائم القتل في ادلب وريفها بمعدل قتيلين شهريا في سنة 2017. وهذه نسبة مرتفعة قياساً بالسنوات السابقة. ويلفت مرشد إلى أنه تم اكتشاف المجرمين خالد وأسعد بعد بتعميم شكل السيارة المسروقة ورقمها على صفحات فايسبوك، مما ادى الى ان الرجل الذي اشتراها منهما لاحظ الأمر وأخبر المحكمة بمكانهما حيث تم إرسال قوة كبيرة خاصرتهما في مكان تواجدهما في اورم الجوز وتم القاء القبض عليهما قبل هروبهما إلى تركيا.
ومن جهة ثانية وفي الإطار عينه ام العثور على الطالب محمد (22 عاماً) من قرية تلمنس مقتولا على الطريق الواصلة بين ادلب المدينة ومعصران في شهر أيار/مايو عام 2017، بعد أن رفض أهله دفع فدية لخاطفيه تقدر بعشرة آلاف دولار.
ولسوء الحظ لم تكتشف أي محكمة لغاية الآن القتلة، وظل أهله يعيشون حسرة فقدان ولدهم بعدما عجزوا عن دفع الفدية للخاطفين.
سامر (23 عاماً) من قرية كفروما، غرب معرة النعمان. حكمت عليه المحكمة المدنية المشكّلة حديثا بالإعدام بعد أن بلغ أحدهم عنه بأنّه سبّ سبه النبي محمد جراء مشاجرة قامت بينه وبين أحد الاشخاص.
هذا الحكم أدّى لاندلاع مظاهرة كبيرة في القرية، حيث اعتبر بعض المتظاهرين أن حكم الإعدام جاء متسرعاً. وهو ما دفع المحكمة إلى تخفيض الحكم.
أبو ناصر من كفروما (50 عاماً) يشهد: “بأن المتهم بسب الرسول تلفظ بالسب في حالة غضب وبدون قصد. وكان يجب أن يعطى مهلة أو فرصة للتوبة قبل الحكم عليه مباشرة. عدا عن كون المتهم وحيد والديه بعد أن توفي إخوته في الحرب ضد النظام”.
للقاضي ملهم في المحكمة المدنية رأي مخالف لرأي أبي ناصر فهو لا يستطيع إلا أن يسوق دليلا شرعيا في الحكم. ويقول: “بعيدا عن هذا الحديث ومن ناحية الحكم الشرعي. فقد أجمع علماء الإسلام ومنهم ابن تيميه على القتل كعقاب لمن يسب الرسول محمد. وقال الإمام حنبل أنه يقتل مباشرة بدون أن يستتاب استنادا للآية الكريمة :- (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ).
ويضيف القاضي ملهم: “نحن هنا أخذنا بعين الاعتبار أن الشاب لم يكن يقصد أو يتعمد المعنى الحقيقي للسب كما يقول. بما أنه حصل جراء إنفعال وغضب”.