رغدة أسيرة داعش التي تم بيعها 16 مرة
رغدة بعد تحريرها من قبضة داعش تصوير لامار اركندي
“انهارت قواي واجهشتُ بالبكاء بمرارة، حين أبلغني مغتصبي أنه سيبيعني لشخص اسمه أبو شجاع دنايي، ولم يخطر ببالي أنه الشخص الذي غامر بحياته ليحررني مما أنا فيه”. تقول رغدة (14 عاماً) التي اختطفها تنظيم داعش وأبقاها أسيرة لثلاث سنوات.
في 3 أغسطس/آب 2014، تم اختطاف رغدة مع أخيها عاصي وأختها خجة مع أطفالها الستة، وصالحة زوجة اخيها الأكبر مع رضيعها، بعد ان دخل مسلحو داعش قريتها تل قصب التابعة لمحافظة نينوى جنوب شرق مدينة سنجار في العراق.
كانت رغدة في الـ11 من عمرها حين اختطفت. تم نقلها مع مئات المختطفين من تلعفر إلى الموصل، ومنها الى معقل التنظيم في الرقة السورية. تعرّضت رغدة كغيرها للاغتصاب الجماعي اليومي، وللضرب المبرح بالسوط والجوع والسجن. وتنقلت بين معظم المدن السورية التي وقعت تحت سيطرة التنظيم. خلال سنوات استعبادها الثلاثة بيعت رغدة 16 مرة في منبج وميادين وحلب وبوكمال وديرالزور وريف حماة.
رغدة التي التقيناها في مقر هيئة المرأة التابعة للادارة الذاتية الكردية في مدينة القامشلي، تروي ما جرى معها بعد وصولها إلى قصر المحافظ في مدينة الرقة وتقول: “عناصر التنظيم وعدونا ألا يهينوننا او يفرقوننا لو أسلمنا، لكنهم كانوا يكذبون ولم نملك حينها الا خيار تصديقهم. بمجرد أن دخلنا الإسلام اخذوا الأطفال الذكور، ومن بينهم اخي عاصي الى معسكرات تدريب على مختلف الأسلحة، و نحن البنات، والنساء عرضونا كسبايا على مقاتليهم من كل الجنسيات”.
تتابع رغدة رواية قصتها وتضيف: “ادعت زوجة أخي انني ابنتها، أملاً أن نبقى سوية. أمّا أختي فبيعت مع أطفالها الستة، وانقطعت اخبارها مع اخبار أخي عاصي. باعوني انا وزوجة أخي بـ 15 ألف دولار للمدعو أبو الخطاب، وهو عراقي الجنسية من مدينة الموصل. كان قاسياً لم يملك قلباً ولا رحمة. ترك ابن اخي الرضيع يموت من الجوع. لم يجلب له الحليب فمات بعد ثلاثة ايام من اتمام صفقة شرائنا”.
“كنا عشرة ايزيديات تجمعنا حول نافذة الغرفة المطلة على فسحة البيت العربي، حيث حبسنا صهيب التونسي، المهووس بشراء السبايا. كان صراخ تلك السيدة يشق كبد السماء وصهيب يجرها من شعرها ويضربها بالسوط. جردها من ثيابها حينها، وأمام أطفالها ،تناوب هو وثلاثة ممن كانوا معه على ضربها بالسوط حتى فقدت وعيها لساعات طويلة، تلك الانسانة لم يفارق الألم جسدها المنهك شهوراً، ومن حينها اقسمت لو تحررت، سأصبح مقاتلة وسأنتقم من داعش”.
بعد شهر من احتلال تنظيم داعش لشنكال الموطن الأصلي للايزديين، واختطافه حوالي 7000 طفل وامرأة ايزيدية، شكّل ابو شجاع دنايي خلية لإنقاذ المخطوفات من داعش داخل سوريا. ضمّت الخلية مجموعة شباب مغامرين، تمكنوا من عبور الحدود التركية إلى سوريا، وتحرير سبعة مختطفات تم تسليمهن الى عوائلهن في مخيمات دهوك في اقليم كردستان العراق .
وسع أبو شجاع الشبكة، لضمان تحرير أكبر عدد من المختطفات، في الرقة والميادين وحلب ومنبج ودير الزور، وتل ابيض وغيرها من المدن السورية الواقعة تحت قبضة التنظيم .ويخطط دنايي لعمليات التحرير بدقة كبيرة لا تقبل الخطأ، وتتغير معايرها وتتبدل بشكل دوري لضمان النجاح في كل مرة، لا سيما أن هناك أكثر من 3400 طفل وامرأة معتقلين لدى داعش، ينتظرون طوق نجاة يبدو للبعض منهم بعيد المنال، وللبعض كالمعجزة.
مع إعلان التحالف الدولي حربه على تنظيم داعش المتطرف في سوريا والعراق، عمد عناصره الى نقل الايزيديات في المدن الواقعة تحت القصف الجوي للتحالف في منبج سابقاً، والرقة. ما جرى دفع مؤسس خلية الانقاذ للتنقل بين كل المدن السورية المسيطر عليها من قبل التنظيم بحثاً عن المخطوفات.
ويقول أبو شجاع دنايي خلال اتصال هاتفي: ” سنستمر في عمليات التحرير، ما دام صراخ الاطفال عالياً والمجتمع الدولي يغض الطرف عن رؤية دموع نسائنا ممن وقعن في يد اقذر قوة ارهابية، نكلت بهن منذ ثلاث سنوات، ومارست أبشع أنواع التعذيب، والاجرام بحقهن”.
عمليات تحرير الرهائن من قبضة داعش مغامرة وتحدي للموت، مجازفة خطرة بالأرواح، لكن كما يوضح دنايي أنهم مجبرون على تحرير آخر مختطفة، ويكشف عن فقدان شبكة الانقاذ لـ 19 مجازفاً من اعضائها ويقول: “خسرنا العديد من اصدقائنا في الشبكة فمنهم من وقع في كمائن التنظيم، والبعض خسر حياته أثناء مطاردة عناصر التنظيم لهم في اماكن سيطرته، وآخرون لقوا حتفهم جراء الالغام التي زرعها داعش حول المدن التي اتخذها معاقل له. فإنقاذ الضحايا من الموت هو مجازفة وتحدي للموت قد يؤدي فشلها الى خسارة المزيد من الارواح”.
ويشير دنايي الى عمليات كللت بالنجاح كعملية تحرير رغدة التي “اشتراها” عن طريق وسطاء من الداعشي التونسي الأصل الذي اتخذ الطفلة سبية لديه لشهرين، لتكون هذه المرة آخر عملية شراء لحرية طفلة عرضت صورها على شبكات التواصل الاجتماعي التي كان يديرها داعش، في سوق نخاسة الكتروني، كالعشرات غيرها من الايزيديات.