ورش تدريبية للمرأة السورية في القيادة المجتمعية
"أن مشاركة المرأة أكثر من ضرورية وخاصة في هذه الظروف التي تحتم على الجميع التضافر والتكاتف والتعاون في كل الأعمال وعلى كل الأصعدة. تغيير حالة النساء ممكن أن يغير حالة العالم بأسره"
إسعاف رشيد (45 عاما) تستقل كل صباح احدى السيارات التي تنقلها من مدينتها معرة النعمان الى مركز مزايا في مدينة كفرنبل لتتابع دورات تدريب في القيادة المجتمعية.
تطمح إسعاف إلى اكتساب ثقة أكبر بالنفس وإلى لعب دور قيادي في المناطق المحررة، وهو ما كانت منظمة مزايا قد بدأت بالعمل على تحقيقه مع غيرها من المنظمات، التي اعتمدت تدريبات القيادة المجتمعية في محاولة منها لتعزيز قدرات النساء في هذا المجال.
المشرفة على الدورات والمتحدثة باسم المنظمة الداعمة للمشروع مركز التنمية والتكنولوجيا إيثار علام (35 عاماً) وفي حديث مع حكايات سوريا تقول: “التدريبات استهدفت 35 امرأة من مناطق متعددة من ريف إدلب الجنوبي ومنها معرة النعمان، احسم، جبالا، بسقلا، معرة حرمة اضافة الى كفرنبل”.
ولفتت علام إلى “معايير تم بموجبها اختيار المتدربات، أهمها أن تتمتع المتدربة بنوع من الشخصية القيادية، وأن تكون حائزة على إجازة جامعية أو شهادة معهد على أقل تقدير والغاية أن تكون المتدربة على درجة عالية من الثقافة”.
وتشمل تدريبات القيادة المجتمعية الحوكمة، الإدارة الرشيدة، فض نزاعات، مهارات التواصل، كتابة تقارير لمنظمات حقوق الإنسان. مدة كل دورة ستة أيام، كل يوم ست ساعات. وتوضح علام “أن التدريبات بدأت في كان مقرر لها أن تمتد لمدة أربعة أشهر ونصف، ولكن تم ضغطها في مدة شهر ونيف نتيجة الظروف الأمنية”.
وتهدف التدريبات بحسب علام إلى “منح المتدربات فرصة لإثبات جدارتهن، بتزويدهن بالمهارات اللازمة والتأهيل القيادي. وكل هذا من أجل القيام بدور فعال في المجتمع من خلال المشاركة الفاعلة فيه، كالمشاركة ضمن المجالس المحلية على أقل تقدير، سيما وأن مجالسنا لا تزال حتى اليوم تخلو من المشاركة النسائية”.
مدربة القانون الدولي سلمى بلاني (52 عاماً)، صرحت لحكايات سوريا عن أهم ما تركزت عليه ورشاتها بالقول: “كانت حول حقوق الإنسان وتحديدا حقوق المرأة، وتدريبها على كتابة تقارير لمنظمات حقوق الإنسان بما يشمل حقوق المرأة الانسانية، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المعايير الانسانية وغيرها”.
وتضيف بلاني: “التدريب شمل قسماً نظرياً وقسماً عملياً، تم خلال الأخير كتابة تقارير من قبل المتدربات، هذه التقارير تفاوتت بين المتوسطة والجيدة والممتازة. بالتالي فإن التدريب حقق هدفه بنسبة 90 في المئة من خلال فهم المتدربات لحقوقهن وضرورة الدفاع عن هذه الحقوق وفق القوانيين الدولية”.
المتدربة حسناء (30 عاماً) أبدت إعجابها بدورة المهندسة بلاني كونها ضمن عمق معاناتها وما تشعر به من غبن وضياع لحقوقها. وذكرت حسناء أن حضورها لهذه التدريبات منحها بعض الثقة والجرأة للمطالبة بحقوقها
غالية عبد الرحمن السعيد (38 عاماً) رئيسة مكتب الموارد البشرية في نقابة المهندسين السوريين الأحرار فرع إدلب، أوضحت أن “تدريبها الذي يحمل عنوان القيادة والتنظيم المجتمعي، تضمن محاور عن مفهوم القيادة، تعريف القائد وصفاته، الفرق بين القائد والمدير، والفرق بين القائد والرئيس اضافة لأهمية القادة المحليين بتنمية المجتمع المدني”.
وتضيف السعيد: “تم التدريب التطرق لنظريات القيادة وأنواعها بناء على طلب المتدربات ونتيجة رغبتهن بالمشاركة في المجالس المحلية، كذلك تم الحديث عن المجالس المحلية تأسيسها وأهدافها وهيكلها التنظيمي”. وأبدت السعيد إعجابها بتفاعل المتدربات آملة أن “يكون لدينا جيل من النساء القياديات والقادرات على إحداث تغيرات إيجابية في مجتمعهن دائما نحو الأفضل”.
علياء (25 عاماً) وهي احدى المتدربات وكونها فتاة تريد العمل في مجتمع ذكوري محافظ تؤكد على حاجتها لشخصية قوية تصقلها الخبرات لتواجه بها واقعها وتكسر الصورة النمطية للمرأة، ولذا خضعت لتلك الدورات التي استفادت منها ووعدت بتطبيق ما تعلمته في حياتها العملية.
“رغم الانفتاح على عمل المرأة في المناطق المحررة، غير أن العادات والتقاليد لا زالت تحكم إمكانية خوضها مجالات أكثر تخصصاً وتسليمها مناصب قيادية تخولها اتخاذ القرارات” يقول عضو اللجنة التحضيرية لتشكيل المجلس المحلي في كفرنبل عفيف عمور (55 عاماً).
ويضيف عمور: “رغم فتح باب مشاركة المرأة في الانتخابات التشكيلية للمجلس، إلا أن النساء لا يزلن يحجمن بالكامل عن الترشح، وسط غياب التشجيع على خوض الحياة السياسية. أنا من مشجعي مثل هذه الدورات التي من شأنها تأهيل المرأة وتشجيعها على المشاركة في جميع الأعمال الادارية ليس على مستوى الداخل السوري فقط، بل على مستوى العلاقات الخارجية أيضا”.
ويشدد عمور على “أن مشاركة المرأة أكثر من ضرورية وخاصة في هذه الظروف التي تحتم على الجميع التضافر والتكاتف والتعاون في كل الأعمال وعلى كل الأصعدة. تغيير حالة النساء ممكن أن يغير حالة العالم بأسره”.
من جهته يصرّ أستاذ مادة التاريخ محمد كليب (30 عاماً) على توضيح أن الإسلام لم يحرم المرأة من القيادة لافتاً إلى ملكات تركن بصماتهن على نواحي التاريخ أمثال الملكة أروى بنت أحمد الصويلحي، وولادة ابنة المستكفي، شجرة الدر وغيرهن من العلامات الناضرات في العلم والتجارة والسياسة والفكر الإنساني.
ويدين كليب العادات والتقاليد التي ماتزال تلاحق خطوات النساء وتحسب تحركاتهن ما يحد من مشاركتهن الهامة في الحياة الإدارية.
وفيما تشهد المناطق المحررة غيابا واضحا للمرأة في مؤسساتها الإدارية، لا تزال المرأة تثبت وجودها الفاعل ضمن كافة المجالات الاغاثية والتعليمية والإعلامية، وتسعى لزيادة مؤهلاتها بغية كسر بعض القواعد التي تحد من عملها في المناصب والحياة السياسية والإدارية.