ياسمينات سوريات فريق تطوعي يضم مهجرات جمعهن العمل الانساني
فريق ياسمينات سوريات خلال تحضير الطعام لتوزيعه على المحتاجين تصوير هاديا منصور
“ياسمينات سوريات” ينشطن كل يوم قاصدات الأراضي الزراعية والأماكن التي يتوزع بها النازحون في العراء، لتفقد أوضاعهم والإستماع لهمومهم، وتقديم ما يمكن تقديمه لهم من مساعدات عينية طارئة، وإيصال معاناتهم للعالم عبر صفحات التواصل الاجتماعي.
فريق “ياسمينات سوريات”يضم 16 سيدة سورية متطوعة من 6 محافظات مختلفة في سوريا. بعضهن نازحات من حمص، حماة، الغوطة، دير الزور وحلب، وبعضهن الآخر من أهالي محافظة إدلب. جمع هؤلاء النسوة النزوح، ووحدهن العمل الإنساني من خلال إطلاق الأنشطة والمبادرات التطوعية.
مديرة العلاقات العامة في الفريق ضحى الشحنة (35 عاماً) تتحدث عن تاريخ تأسيس الفريق والأنشطة التي قام بها فتقول لحكايات سوريا: “تأسس الفريق في شهر آب/أغسطس 2018، وهو يضم 16 سيدة مهجرة من مختلف محافظات سوريا. والهدف من إنشاء هذا الفريق هو رغبة المهجرات بتغيير وضعهن من مستهلكات وبحاجة للمساعدة إلى نساء فاعلات وشخصيات منتجة”.
وتضيف الشحنة: “أن عمل الفريق يقوم على تقديم خدمات الدعم النفسي والإستجابات الفورية للحالات الطارئة، وتأمين بعض متطلبات ذوي الإحتياجات الخاصة. ويضاف إلى ذلك توزيع بعض المواد الغذائية على المخيمات والنازحين في العراء.”
لفريق ياسمينات سوريات مركز ثابت وصالة تدريب وحضانة أطفال في مدينة معرة النعمان. ويغطّي الفريق مدينة المعرة إضافة لريفها بالكامل والعمل “للوصول لأكثر الحالات المحتاجة للمساعدة في ظل الحرب والتهجير” بحسب الشحنة.
وتلفت الشحنة “إلى العلاقات الأخوية ابتي تجمع بين مكونات الفريق، حيث يجمعهن هدف إنساني واحد وآمال وآلام واحدة، بمواجهة الصعوبات الأمنية بالدرجة الأولى، وقصف المناطق المحررة بشكل مستمر وهو ما يحدّ من نشاطاتهن في المنطقة”.
ترك فريق ياسمينات سوريات معرة النعمان جراء الهجمة العسكرية الشرسة على المنطقة، والتي رافقها العديد من المجازر وخاصة في مدينة معرة النعمان ما تسبب بموجة نزوح كبيرة طالت معظم أهالي المدينة. ولهذا السبب يبحث الفريق عن مركز جديد ليكون ضمن المناطق الشمالية، حيث المخيمات والنازحين حتى يتسنى لهن تقديم المساعدة للمهجرين الوافدين من ريف إدلب الجنوبي.
حملات عديدة أطلقها فريق ياسمينات سوريات ومنها حملة “معناً سنبقى” التي استهدفت النازحين وهي حملة إغاثية تقدم وجبات طعام للنازحين ممن إفترشوا الطرقات وأقاموا تحت الأشجار وفي المخيمات الجديدة.
عائشة طعمة (25 عاماً) رئيسة تجمع المرأة السورية، ومؤسسة فريق ياسمينات سوريات، لا تكل ولا تمل من التنقل وتفقد أوضاع النازحين ومشاركتهم أحزانهم ومآسيهم. وعن إحدى الجولات التي قامت بها تقول: “بعد إنتهائنا من تحضير وجبات الطعام، خرجنا كالعادة لنبدأ بتوزيع الوجبات على النازحات والنازحين الجدد. فذهبنا نحو الأراضي الزراعية في بلدة حزانو حيث تستقر العديد من الأسر النازحة، وكانت أشعة الشمس حارقة وارتفعت درجات الحرارة بشكل ملحوظ”.
هناك لفت إنتباه الطعمة وجود سيدة عشرينية مع طفلة رضيعة وطفل صغير قارب عمره السنة والنصف. فاتجهت إليها وسألتها عن إسمها. وتتابع الطعمة” قالت لي تلك السيدة العشرينية سوريا. فوجئت بالأسم وتسارعت الأسئلة في ذهني حول إسمها ومن أي مكان أتت ومتى وما هي الظروف التي واجهتها لتأتي بها إلى هذا المكان وهي لم تمض سوى أيام قليلة على ولادتها لإبنتها”.
وعلمت الطعمة أنها من إحدى قرى ريف حماة الشمالي وهي المرة الخامسة التي تنزح فيها، ولكنها كانت الأصعب والأقسى، ليس فقط لأنها حامل ومقبلة على الولادة بل لأنها المرة الأولى التي تجلس فيها بين الأشجار. بسبب كثرة أعداد النازحات والنازحين.
نزوح سوريا هذه المرة كان الأصعب لأنها كانت سابقاً تتمكن من إصطحاب بعض حاجاتها الشخصية أو العودة إلى منزلها عندما يهدأ القصف، أما هذه المرة فلم تستطع أن تصطحب معها أي شيء من أمتعتها وأشيائها الضرورية، أو حتى ما جهزته لمولودتها الجديدة من ملابس بسبب شدة القصف، عدا عن كل ذلك فهي لم تعد تستطيع العودة إلى قريتها بعد إستيلاء الجيش عليها.
وأكثر ما آلم الطعمة بحديث سوريا حين قالت أنها لم تأخذ من إسمها سوى التراب الذي تجلس عليه وشجرة الزيتون التي تحتمي بظلها من الشمس والقصف والموت.
وعن أحوال النازحين تقول الطعمة بغصة: “حال النازحة سوريا يشابه الكثير من الحالات التي تخفي قصصها وراء ملامح أعداد كبيرة من النازحين، ممن تركوا حكاياتهم وآمالهم وبيوتهم ليستقبلهم العراء مع أطفالهم في أكثر المشاهد إيلاماً”.
أم محمد نازحة من ريف إدلب الجنوبي تشكر وقوف فريق ياسمينات سوريات بجانبها وبجانب عائلتها. وتقول أم محمد: “رغم أن المساعدات التي قدمها لنا الفريق بسيطة، وهي عبارة عن وجبات طعام وبعض المواد الإغاثية، لكنها تبقى مساعدات هامة وضرورية في وضعنا المذري هذا، والذي نحن فيه بحاجة لأي مبادرة حتى لو كانت بسيطة”.
أم محمد لا زالت تفترش الأرض مع عائلتها، بعد أن عجزت عن تأمين مأوى لهم بسبب إزدحام جميع المناطق الشمالية بالنازحين، وقلة البيوت وإرتفاع بدل الإيجار الذي لا يتناسب مع فقر حالها.
أما بالنسبة لأم خالد فهي جداً ممتنة لما قدمه فريق ياسمينات سوريات بعد تقديمه كرسي متحرك لإبنها لم تكن إم خالد قادرة على تأمينه له. وهو ما ساعده اليوم على التنقل والحركة بعد أن كان ملازماً لفراشه طوال الوقت، وتقول أم خالد: “أشعر بالسعادة لسعادته، حين أراه قد بات يدخل ويخرج وتحسنت نفسيته وغدا أكثر إيجابية في حياته وفي تعامله مع الآخرين”.
لا تخفي الطفلة ريهام (12 عاماً) سعادتها باللعب والمشاركة بالأنشطة التي قام بها الفريق للأطفال النازحين في العراء. وتقول ريهام: “إنتقلنا من قمة القهر والألم بسبب الظروف التي نعيشها هنا وسط الأراضي الزراعية، إلى حالة من الفرح وتقبل الأمر، بعد مشاركتي بالمسابقات والتسلية التي وفرها لنا الفريق، لقد كنت بحاجة إلى هذا النشاط لأنسى ما عشناه من خوف”.
تعمل ياسمينات سوريات على تأمين الدعم للمتضررين والمحتاجين، وأحياناً تقدمن مساعدات على نفقتهن الخاصة وفق ما أفادت ضحى الشحنة.
على الرغم من ألم النزوح والهجرة القسرية التي يشعرن بها إلّا أن ياسمينات سوريات يحاولن كفريق جماعي أن يخففن من مآسي الآخرين وأوجاعهم بمد يد العون لهم وفق إمكانياتهن المتاحة متناسيات كل أوضاعهن الصعبة لزرع الأمل بمن ضاقت بهم الحياة.