وبدأت ابنتي بالتعلم في المدراس التركية
أطفال يحضرون دورة صيفية في أحد مدارس مدينة دوما، الدورة تتضمن "مواد تعليم مسرع" للأطفال الذين انقطعوا عن الدراسة في السنوات الماضية بسبب ظروف الحرب في سوريا
"كانت ابنتي ضعيفة باللغة التركية، ولكنها لم تجد صعوبة ابداً في تعلّمها، مما جذب معلمتها لها. وجعلتها مترجمة لطلاب صفها من السوريين"
بعد مرور خمس سنوات على تواجدنا في تركيا بسبب الحرب الدائره في سوريا.. أصدر الحكومة التركية قراراً بدمج بعض المراحل الدراسية السورية مع المدارس التركية ليتم تعليمهم المنهج التركي.
كان يجب أن أسجل ابنتي التي كانت من ضمن المراحل التي شملها الدمج. وكان لا بد من تسجيلها لانه لم تعد هناك مقاعد دراسية لهذه المراحل في المدارس السورية المؤقتة التي افتتحت في غالبية مناطق تركيا لمساعدة الطلاب السوريين قدر الامكان على اتمام دراستهم وعدم ضياع مستقبلهم.
توجهنا إلى عدة مدارس تركية لاتمام التسجيل. وكل مدرسة كانت ترسلنا إلى أخرى نظراً لاكتمال المقاعد الدراسية وعدم وجود شواغر. إلى أن وصلنا في محطتنا الاخيره الى مدرسة الإمام الخطيب. وهي تعتبر مدرسة شرعيه والكل يثني على مستوى التعليم والمدرسين فيها.
تم قبول اوراق ابنتي في مدرسة الإمام الخطيب. اطمأنينا أننا وجدنا مكاناً لابنتي في مدرسة تركية بعد هذا التعب في البحث، والقلق من أن تضيع عليها سنة كاملة نظراً لاكتمال المقاعد. كان هذا القرار مفرحاً جداً بالنسبة لي، إذ أن دراسة المنهج التركي شيءٌ أتمناه لابنتي منذ قدومي إلى تركيا وإلتحاقها بالدراسة في المدارس السورية المؤقتة في تركيا.
كنت أشعر أن اقامتنا في الريحانية ستكون طويلة بعض الشيء. وتعلم لغة جديدة أمر جميل و سيفيد ابنتي في مستقبلها ودراستها. في سنتها الأولى ظننت أننا سنعود قريباً، لذلك لم إعط للموضوع أهمية. اعتقدت أن أمر وجودنا في تركيا شيء مؤقت، ولا فائدة من تعلم التركية لانها ليست بهذه الاهميه مثل اللغه الانجليزية مثلاً.
وبعد شهر من الانتظار جاءنا اتصال كي تباشر ابنتي الذهاب لمدرستها. وتم إبلاغنا بالمواعيد. ونظراً لبعد المدرسه كان يجب على ابنتي ان تذهب بباص خاص بالطلاب. ولكن لم تكن لدي مشكلة في هذا فقد كنت قد قطعت الامل من انها ستلتحق بمدرسة هذه السنة مع كل هذا التأخير.
يوم الاثنين 4 تشرين الاول/أوكتوبر، باشر التلاميذ ومن ضمنهم ابنتي الذهاب إلى مدرستهم الجديدة ولغتهم الجديده. كان انتظار عودتها في اليوم الأول صعباً للغاية. أردت اعرف ردة فعلها، وطبيعة المدرسين، ومعاملتهم لها.
كل مخاوفي تبددت مع اول اسبوع من الدراسة. بالرغم من ان الدوام المدرسي يبدأ في وقت مبكر وينتهي بوقتٍ متأخرت إلّا أن ابنتي كانت سعيده بمدرستها ومعلميها، الذين تصفهم باللطفاء. وهي لاقت إعجابهن بذكائها.
كانت ابنتي ضعيفة باللغة التركية، ولكنها لم تجد صعوبة ابداً في تعلّمها، مما جذب معلمتها لها. وجعلتها مترجمة لطلاب صفها من السوريين. وبدأت تحفظ كلمات معلمتها التشجيعية لها باللغة التركيه. كانت المعلمة تتحدث العربية بصعوبة. وهذا الامر شجّع ابنتي اكثر على الدراسة. وأصبحت تكره يوم الإجازة.
أصبحت اكثر اطمئناناً عليها، أولاً من ناحية المدرسة والمدرسين. لأنها ابنتي الوحيدة ولأن الجو سيكون غريباً عليها، وبسبب الاشاعات التي كانت تدور بين الناس عن صعوبة تعامل المدرسين الأتراك مع الطلاب الاجانب، وعدم تقبلهم لهم. ثانيا كنت أخشى من صعوبة تأقلم ابنتي مع المدرسة والمدرسين.
ويبقى موضوع الكتب الدراسية التي لم تسلم للطلاب حتى الان، رغم الوعود بقرب تسليمها. اما غير ذلك فكل شيء مريح.
اتمت ابنتي الشهر تقريباً في مدرستها. ولا زالت بنفس الوتيرة من الراحة والتقدم في دراستها. واصبحت تحفظ الكثير من الكلمات والجمل باللغة التركية. وهي سعيدة بكل ما يخص المدرسة. لم تعد تتذمّر من أي شيءٍ فيها.
أتمنى ان تستمر بهذا التقدم، لأن تراجعها سيجعل الأمر صعباً عليها في استيعاب دروسها. نجاحها في تعلم اللغة بالشكل المطلوب أصبحت شيئاً ضرورياُ وملحاً، نظراً لعدم معرفة ان كنا سنعود لبلدنا في يوم من الايام. وحتى لو عندنا، ستكون لديها لغة جديدة تفيدها في اأيامنا المقبلة.
ريم سعيد (38 عاماً) ربّة منزل وأم لطفلة واحدة. ريم لاجئة الآن في تركيا.