هل أتزوَّج شقيقَ زوجي؟!
احدى نساء الريف الادلبي وهي تتسوق من السوق الرئيسي تصوير معهد صحافة الحرب والسلام
"لم ولن أقبل بالفكرة، فقد سلبت منّا الحرب الكثير، لكن بقي لدينا بعض المنطق والوفاء... لن أكون إلا لأحمد..."
جلستُ ذاتَ ليلة بصحبةِ والدتي وأخواتي في منزل أهلي، وكنت أحدّثهن عن حياتي وعن مصير أطفالي بعد موت زوجي أحمد… لاحظتُ في حينها أنّ أُمي تنظرُ إلي نظرةً غريبة، وكأنها تُخبئ عنّي أمراً ما، لكني لم أعلم ما هو!
كان ذلك بعدَ وفاة زوجي بستة أشهر، في 13 نيسان/أبريل 2016. وبينما كنا جالسين، قُرِعَ الباب بقوة… فدخلت زوجة فضل شقيق زوجي. كانت تبدو غاضبةً! دخلت وبدأت بالصراخ ووجّهت الشتائم لي! لم أعلم في البداية لما كانت تشتمني، لكن سرعان ما عرفتُ حين قالت: “ألم تجدي سوى زوجي فضل كي تتزوجي به؟!”
أصابني الجنون، وأمام وابل الشتائم الذي كنتُ أتلقاه، لم أجد من حلٍ أمامي سوى أن أطردها إلى خارج المنزل
طردتُها وأنا أقول لها: “إبتعدي عن طريقي، ما الذي تقولينه؟ يستحيل لي أن أتزوّج بعد أحمد! فهل أتزوّج أخيه؟! مستحيل!” لكنَّ المستحيل بالنسبة لي لم يكن كذلك بالنسبة لفضل وأهلي، فقد علمتُ بعد خروج زوجة فضل سبب تردده إلى منزلنا في الآونة الأخيرة، وها قد فهمتُ سبب الأحاديث الجانبية التي كانت تدورُ بين أُمّي وإخوتي بعيداً عني!
أخبرتني أُمي أنّ فضل قد تقدَّم للزواج مني، بحجة أنهُ يريد أن يسترني! وأن يربّي أولاد أخيه بنفسه. إغرورقتْ عيناي بالدموع وبدأتُ البكاء دونَ توقّف! فما الذي أسمعه؟
لُمتُ أمي أنها لم تخبرني عن الموضوع، وبأنّ الجميع يتشاورون في أمرٍ يخصُّني دون أن يقولوا لي. ثمَّ جاءَ أبي بعد ذلك، وأبلغني بعرض الزواج من فضل… لكنّي سكتُ وجعلتُ دموعي تبوحُ بحالي! لا أُريدُ الزواج بأي شخص بعد أحمد، فكيفَ لي أن أقبل الزواج من أخيه؟!
كانت زوجة فضل لا تنجب، وقد مضى على زواجهما أربع سنوات. صرتُ أقول: ربما اختارني لأني أُنجّب فأعوّض حرمانه من الأطفال… هذا هو السبب الأساسي، لا من أجل أولاد أخيه! لكن كيف يستطيع أن يفكّر بذلك؟ وكيف يقبل على نفسه الارتباط بزوجة أخيه؟
جاء فضل في اليوم التالي، وللأسف لم يعتذر منهُ والدي، بل قالَ له: “فلنعطها وقتاً، تريدُ التفكير بالموضوع”!
بقيا يتكلمان ما يُقارب الساعة، وكنتُ من خلف الباب أستمع إليهما… كان فضل يقول لأبي: “سأُعامل الأطفال أفضل معاملة”! وكان أبي للأسف يوافقهُ على كلامه…
كنتُ أشعر أنَّ داخلي يحترق، وصرتُ أسأل: “أينَ أنتَ يا أحمد كي تسمع وترى ما يحصل لزوجتك من بعدك؟!”
بعدما انصرفَ فضل، دعاني أبي للحديث، وصار يقولُ لي أنَّ المرأة بدون رجل حياتها صعبة، وبأنّ فضل أحق بأولاد أخيه من أي رجل آخَر! أجبتهُ بصوتٍ لا يعتريه أي خوف أو تردُّد لأنَّ الله مدَّني بالقوة، فقلتُ: لا أُريدُ الزواج بعدَ أحمد، سواء بفضل أو بغيره! أُريدُ أحمداً زوجاً لي مجدَّداً في الحياة الأُخرى بعد الموت وسأنتظر تلكَ اللحظة.
بدأ الجميع إقناعي بالعودة عن قراري… أبي وأمي وإخوتي… لكني لم أرضخ! خلدتُ إلى النوم وأنا أُحاولُ إبعاد الكابوس عني… ربما يقولونَ أولادي لعمِّهم “يا أبي” ويكون لهم أشقاء هم أبناء عمِّهم في آن؟ كيف لي أن أغدر بزوجة فضل، ويحترق قلبها بسببي إن أخذتُ زوجها منها؟!
لم ولن أقبل بالفكرة، فقد سلبت منّا الحرب الكثير، لكن بقي لدينا بعض المنطق والوفاء… لن أكون إلا لأحمد…
أمل محمد (34 عاماً)، ربّة منزل وأُم لثلاثة أطفال. توفيَ زوجها بالقصف وهي الآن تبحث عن عملٍ لإعالة أطفالها. تقيمُ في بلدة النقير في ريف إدلب، بعدما نزحت من سهل الغاب.