نشر ثقافة الأمن والسلامة في مدارس إدلب وريفها
توجيه الطلاب في المدارس حول إجراءات الأمن والوقاية تصوير سونيا العلي
"فريق الأمن والسلامة في منظمة بنفسج قام بزيارة المدارس في إدلب وريفها، لتدريب التلاميذ على إجراءات وقواعد ومتطلبات تكون بمثابة وقاية لتوفير بيئة آمنة نسبياً للتلاميذ، وحمايتهم من المخاطر التي قد تتسبب بإصابتهم وتعرضهم للخطر"
بشجاعة وإقدام وحس عال بالمسؤولية تمكن الفتى عمران الأحمد (11 عاماً) من إخماد الحريق الذي شبّ في منزل جده في معرة النعمان، نتيجة اشتعال المدفأة أثناء غياب والديه عن المنزل.
عمران طبق بحذر تدابير الأمن والسلامة التي يجب اتباعها لدرء الخطر والتي تعلمها من فريق منظمة بنفسج الذي زار المدرسة، في إطار مشروع “إدارة المخاطر والتحكم بها”. كانت منظمة بنفسج قد درّبت كوادرها على مواضيع وقوانين الحفاظ على السلامة في حالات القصف الجوي والمدفعي والعنقودي، والإسعافات الأولية لمختلف الإصابات. وتدابير السلامة حول مخاطر السيارات المفخخة والألغام ومخلفات الحرب
مسؤول فريق الأمن والسلامة في المنظمة مصطفى هلال (35 عاماً) يتحدث عن المشروع وأهدافه وأهميته قائلاً: “فريق الأمن والسلامة في منظمة بنفسج قام بزيارة المدارس في إدلب وريفها، لتدريب التلاميذ على إجراءات وقواعد ومتطلبات تكون بمثابة وقاية لتوفير بيئة آمنة نسبياً للتلاميذ، وحمايتهم من المخاطر التي قد تتسبب بإصابتهم وتعرضهم للخطر”.
ويوضح هلال أنه “تم توفير نوع من التوجيه والخطوط للمدرسين للعمل عليها في سبيل الحفاظ على المستوى المطلوب من الأمن والسلامة، إضافة إلى معرفة كيفية الإخلاء الاضطراري للمدارس مع ضرورة سرعة التصرف والاستجابة في حالات المخاطر، بحيث يتحول كل شخص عند حدوث الخطر إلى مسعف قادر على المساعدة لنقل المصابين بطريقة صحيحة، دون أن تزداد حالة المصاب سوءاً مثل قطع نزيف أو تثبيت كسر وغيرها”.
الطفل عمران كان ممن استفادوا من المشروع، وتمكن من السيطرة على حريق نشب في منزل جده، كان من الممكن أن تلتهم النيران المنزل بمن فيه. والدة عمران تقول: “كان عمران في زيارة لجده المريض حين اشتعلت المدفأة في منزله، فقام بإبعاد خزان المدفأة المليء بالوقود أولاً حتى لا يزداد الحريق، ثم أطفأ النار باستخدام شرشف مبلل، وعندما أعجب الجميع بعمله أخبرنا بأنه تعلم ذلك في المدرسة.
تشكر والدة عمران الأحمد الفريق المدرّب كل الشكر، “لأنهم نذروا أنفسهم لمساعدة الآخرين ودفع الأذى عن الكثيرين، واستطاعوا كسر حاجز الخوف لدى الأطفال وتمكنوا من تعزيز ثقتهم بأنفسهم من خلال تعريفهم بالإجراءات اللازمة في الظروف الطارئة المفاجئة وامتلاك القدرة على التصرف حيال المخاطر”.
مدير مركز الطوارئ في منظمة بنفسج في معرة النعمان وأحد المساهمين في المشروع زاهر السعيد (30 عاماً) يقول لحكايات سوريا: “فريق الأمن والسلامة، هو فريق مجهز ومدرب يضم متطوعين ينبع عملهم من محبة العمل الإنساني، إذ يعمل الفريق على تدريب الطلاب والكوادر التدريسية على كيفية التصرف في حال حدوث قصف على المدارس، والاستعداد المسبق لحالات الطوارئ وتوجيه التلاميذ حول كيفية التعامل مع الواقع المأساوي، وزيادة وعيهم بعد أن أصبحوا أهدافاً للقصف”.
ويؤكد السعيد أن الفئات التي ستخضع للتدريب ليست داخل المدارس فحسب، وإنما تشمل الأشخاص العاملين في المنشآت الطبية والتجارية، بهدف المساهمة الفاعلة في توعية المواطنين وتثقيفهم وتدريبهم على تقنيات الإنقاذ، وتأمين أشخاص مستعدين للقيام بالإسعافات الأولية وإخماد الحرائق وإخلاء المباني في أي وقت.
ويلفت السعيد إلى أن “المواطن السوري يتسم بالشجاعة، ويتحلى بروح المبادرة لتقديم يد العون والمساعدة في الحالات الطارئة، فعند تعرض أي شخص حوله للخطر يسارع لمحاولة إنقاذه بالوسائل والطرق التي يعرفها، لذلك يجب أن يكون مؤهلاً بالقدر الكافي والطرق العلمية الصحيحة”.
سمير الحسن (36 عاماً) من قرية بابيلا بريف إدلب، أحد أعضاء فريق الأمن والسلامة وأحد المتطوعين في هذا المشروع يتحدث عن بعض التعليمات التي يجب اتباعها قائلاً: “المخاطر التي يتعرض لها الشعب السوري تتطلب من الجميع أخذ الحيطة والحذر ومعرفة سبل الوقاية والسلامة. علّمنا الطلاب والمدرسين من خلال مشروع إدارة المخاطر كيفية التصرف في أوقات القصف وإجراء الإسعافات الأولية والتعامل مع الحرائق لحماية أنفسهم والحفاظ على سلامتهم”.
ويضيف الحسن: “عند القصف يجب فتح نوافذ الصفوف جميعها دون أن نخفي الواقع السيئ عن الطلاب، بل نعلمهم بالوضع الحالي بصدق ونحاول تهدئتهم، كما نسارع إلى إبعاد المواد القابلة للاشتعال عن الصفوف، ويفضل الابتعاد عن النوافذ والبقاء في زوايا الصفوف أو الممرات”.
ويشرح الحسن كيف أن عملية الإخلاء يجب أن تتم بداية من الطوابق العليا بالنزول للطوابق السفلى. ثم القيام بإخلاء الطلاب الصغار وذوي الإعاقة من الصفوف أولاً، وبعد تأمين حركة السير خارج المدرسة يتم إخراج الطلاب من الصفوف في مجموعات صغيرة بمرافقة المعلمين. أما في حال وجود إصابات فيجب معرفة عددها وطبيعتها لإبلاغ طواقم الإسعاف عند وصولها.
وذكر الحسن أن فريق الأمن والسلامة يمنح لكل مدرسة بعد التدريب صندوقاً حديدياً يحتوي على المتطلبات التي يجب توافرها وهي حقيبة الإسعافات الأولية إضافة إلى جهاز إنذار ومطفأة للسيطرة على أي حريق من المحتمل وقوعه لمنع تطوره وانتشاره بشكل أكبر .
جميع التلاميذ يبدون رغبة كبيرة في تعلم كيفية الاحتماء خلال الغارات الجوية ويقومون بنقلها إلى أهاليهم وأقاربهم، نظراً لأهمية المعلومات وإيصالها لهم من قبل الفريق بأسلوب سهل وبسيط.
الطفل علاء عزام (10 أعوام) من إحدى قرى جبل الزاوية بريف إدلب يقول: “تعلمت في المدرسة ضرورة الالتزام بتوجيهات فريق الأمن والسلامة والتفاعل معها. لقد علمونا كيفية إطفاء أسطوانة الغاز في المنزل في حال اشتعالها، وضرورة عدم الاقتراب من التوصيلات الكهربائية لتجنب الخطر. كما أنني عندما أسمع جرس الإنذار أتوجه مع إخوتي إلى الملجأ ونأخذ وضعية الانبطاح ونفتح أفواهنا”.
والد الطفل علاء الملقّب بـ”أبي عزام ” (42 عاماً) يحدثنا عن أهمية المشروع فيقول: “انطلق هذا المشروع بالتزامن مع تكثيف الطيران الحربي القصف على قرى وبلدات الشمال السوري. لذلك يجب على الآباء حث أبنائهم على الالتزام بهذه الإجراءات والعمل على تطبيقها”.
ويعبّر والد علاء عن شعوره “بالفخز ممزوجاً بالحزن العميق، حين أشاهد أولادي الصغار يتحلقون حول أخيهم علاء منصتين إلى حديثه. وهو يشرح لهم ما تعلمه في المدرسة عن تعليمات الأمن والسلامة، وآمل أن يكون المستقبل أفضل وأكثر إشراقاً ليحمل الخير والبشرى لهؤلاء الأطفال الذين فتحوا أعينهم على الحياة ليعرفوا الدمار والموت والتشرد”.