نساء كفرنبل ينشطن ثقافياً وتنموياً عبر مركز “مزايا”
عمر الحسين
لم تكن النشاطات الثورية في مدينة كفرنبل حكراً على الرجال، فالعاملات في مركز “مزايا” أثبتن أن المرأة تقف مع الرجل جنباً الى جنب
(كفرنبل- سوريا) “لم أعد عبئاً.. أصبحت سنداً” شعار مرفوع على أحد جدران صالة مركز “مزايا” الكائن وسط كفرنبل. هي صالة كبيرة تتدرب فيها حوالي 160 امرأة على أعمال مختلفة وبأوقات مختلفة. يحتفل المركز كل 3 اشهر تقريبا بتخريج دفعة جديدة من المتدربات اللواتي تلقين دورة في الخياطة أو التطريز. كما تشارك نحو 45 متدربة في دورة الإسعافات الأوليةالتي يأمل المركز أن
تمكنهن من العمل في المشافي الميدانية.
مركز “مزايا” افتتح أبوابه في الأول من حزيران/ يونيو2013 في مدينة كفرنبل الخاضعة لسيطرة الجيش الحر، والواقعة شمال غربي سوريا، ويبلغ عدد سكانها نحو 35 ألف نسمة. هو مبادرة من قبل بعض نسوة المدينة، بهدف تعليم المرأة وتثقيفها وتأهيلها وتدريبها على بعض الحرف، وإفساح المجال لها للقيام بدورها كممثلة لنصف المجتمع.
المركز هو أحد مشاريع “منظمة اتحاد المكاتب الثورية” التي تنشط في مدينة كفرنبل ثقافيا وتنموياً، وهو يستقبل النساء من كل الأعمار، اقتصر اهتمامه في البداية بالتدريب على الخياطة والنسيج وتزيين العرائس والإسعافات الأولية. وبعد أن حصل على دعم من منظمة “النساء الآن” و”المنتدى السوري للأعمال” توسعت نشاطاته لتشمل دورات كومبيوتر ولغة انكليزية، بالإضافة الى محاضرات ثقافية وأدبية وجلسات دعم نفسي للنساء.
مديرة مركز مزايا غالية الرحال تقول: “بدأ العمل في المركز على شكل دورات تطوعية للنساء اللاجئات الى مدينة كفرنبل، ولما كان الإقبال كبيراً اتسع المركز تدريجياً، ليشمل نساء مدينة كفرنبل والقرى المحيطة بها، بالإضافة الى النساء اللاجئات”.
رغم أن المركز يواجه صعوبات مختلفة، مثل ضعف الإمكانيات المادية، ونقص المعدات اللازمة للدورات. غير أنه وبحسب الرحال: “يسعى دائماً لتقديم الأفضل، وأخذ جميع الاقتراحات بعين الاعتبار، وإقامة الدورات المطلوبة، ومساعدة النساء على حل مشاكلهن، ومساعدتهن مادياً ومعنوياً قدر الإمكان”. وتابعت: “هدفنا تخريج أكبر عدد ممكن من النساء المنتجات”.
أبدت النساء كل الحماس للتعلم والعمل، وأظهرن إصرارهن على ذلك،. فاطمة (25 عاماً) تقول: “نريد أن نعمل في بلادنا.. أن نعيش فيها.. سئمنا من النزوح.. لسنا خائفين من بشار (الأسد الرئيس السوري) وطائراته”. وتضيف: “تعلمت في المركز الخياطة والنسيج وأتعلم الآن الإسعافات الأولية.. سأكون عنصراً فعالاً في بناء المجتمع”.
لدى فاطمة أمل بتطور المركز واتساعه، ليكون ملاذ المرأة خلال الثورة وبعدها.
من جهتها تقول ريم (35 عاماً): “بعد افتتاح المركز، أتيحت لنا فرصة الخروج من بوتقة الاتكال على الرجل، بل ومساعدته، وخاصة بعد قطع رواتب الكثير من الرجال، بسبب انحيازهم للثورة، وفقدان الكثير منهم لأعمالهم في ظل الظروف القاسية التي نعيشها”.
شادية (30 عاماً)، وهي مطلقة ومعيلة لطفلين، تقول: “تعلمت في المركز التمريض وأصبحت خياطة ماهرة.. كما أتقنت العمل على الكمبيوتر”. وتضيف: “مركز مزايا جدد في حياتي أموراً كثيرة لم أكن أتوقعها، خاصة وقد انفصلت عن زوجي وأصبحت مجبرة على الاعتماد على نفسي”. وتتابع: “في المركز تعرفت على أناس جدد، وتمكنت من بناء صداقات مع فتيات ونساء هن حقاً نعم الصديقات”.
أبدى محمدزوج إحدى المتدربات في المركز رضاه عن ذهاب زوجته للتدريب في المركز، حيث يقول:” منذ انشقاقي عن جيش النظام، لم يعد لدي أي مصدر معيل لعائلتي. زوجتي اتقنت حرفة الخياطة في المركز، وهي لا تحتاج للعمل خارج المنزل، فهي تعمل في المنزل وتوفر لنا مصدر دخل جيد للعائلة”.
لم يقتصر اهتمام المركز على الخياطة والتطريز والدورات التعليمية والثقافية بل بات المركز يصدر مجلة نسائية الهدف منها بحسب مديرة المركز هو “تعزيز دور المرأة بعد تهميشها في ظل الحرب، وإظهار الجانب المثقف من النساء، لإيصال رأي المرأة الى المجتمع المحيط بها”.
تقول غالية الرحال مديرة المركز: “نعمل من خلال هذه المجلة على توعية النساء وتأهيلهن لتربية جيل مثقف واعي، وإيجاد طرق تواصل مع المرأة في المجتمع الخارجي، في ظل الأزمة الحالية”.
وقد أصدرت المجلة منذ الأول من حزيران/يونيو 2014 ثلاثة أعداد، وشاركت في كتابتها مجموعة من النساء العاملات ضمن المركز بمساعدة الكاتب عبد العزيز الموسى الذي يعتقد أن تهميش المرأة هو سبب أساسي في “هزائمنا”. الموسى ينادي بإعطاء المرأة دورها الحقيقي في المجتمع، وعند ذلك “ستبدأ الانتصارات” على حد تعبيره.
لم تكن النشاطات الثورية في مدينة كفرنبل حكراً على الرجال، فالعاملات في مركز مزايا أثبتن أن المرأة تقف مع الرجل جنباً الى جنب، بل كان لها دور الريادة في بعض النشاطات الثورية في كفرنبل، حيث قامت المتدربات في مركز “مزايا” بنسج علم بأيديهن بطول 75 متراً، ورفع هذا العلم ضمن مظاهرة نسائية في الذكرى الثالثة للثورة السورية.