نجمة من نجوم الثورة في معرة النعمان

كما كانت الأولى في الهتافات بالتكبير في جنازة كل شهيد سقط على أرض مدينتها، كانت الأولى في جنازة تشييع ولدها عامر ابن العشر سنوات الذي قضى ضحية قصف قوات النظام المجرم، الذي لا يميّز بين طفل أو شاب أو امراة.

نجمة الأصفر (47عاماً) من مدينة معرة النعمان، إحدى الناشطات ضد نظام الأسد. أم  لـ 8  أبناء، اصبحوا سبعة بعد استشهاد أحدهم. بيضاء البشرة ، قوية الشخصية، شديدة الذكاء وطيبة.

تقول نجمة متحدثة عن كرهها للنظام “بدأت قصتي مع هذا النظام منذ أحداث الثمانينات ومجزرة حماه عام 1982. صحيح أنني كنت في الـ 14 من عمري، ولكنني شعرت بظلم هذا النظام الذي قتل البشر والحجرفي سبيل بقائه على عرشه. وعند قيام هذه الثورة المباركة وقفت معها منذ البداية، لأنني شعرت أنها ثورة كرامة وثورة تمرد على الظلم والقهر والتجبر”.

تنتقل نجمة إلى الحديث عن نشاطها الثوري قائلة:”أولى نشاطاتي كانت تنظيم وقيادة المظاهرات النسائية في المعرة . طبعا كنا نضع الخمار على وجوهنا كي لا يتعرّف علينا جواسيس النظام، لاسيما أن المعرة آنذاك كانت تعج بقوات الامن والشبيحة الذين كانوا يطلقون علينا النار ويفرقون المظاهرات بالقوة. ثم تطور نشاطي الثوري للتنسيق مع الثوار وذلك بالإبلاغ عن مخبري النظام واستدراجهم، حيث كنت أعرف عدداً منهم عن طريق زياراتي لزوجاتهم”. كانت بذكائها تستدرجهم إلى مناطق تواجد الثوار فيقومون  بالقاء القبض عليهم واستجوابهم . وتضيف نجمة أنها بدأت بمساعدة الثوار بعد أن أصبحت الثورة مسلحة مع عدد من جاراتها الموثوقات “لأن يدا واحدة لاتصفق” على حد تعبيرها،وبدأن بتجهيز وفرش مقرات للثوار المرابطين على الجبهات. وتأمين الطعام لهم أيضا، حيث كانت نجكة تعدّ لهم الوجبات في بيتها القريب من الجبهة. كما وخبأت لهم السلاح في بيتها مرات عديدة وذلك أثناء تواجد الجيش النظامي  في المعرّة، الأمر الذي أدى لمداهمة بيتها وتفتيشه مرات عدة. ولحسن حظ نجمة لم  يعثروا على السلاح الذي كانت تخبئه داخل بئر المنزل الذي لم يشك الأمن بوجوده به.

سيدة تمشي في حي سيف الدولة في حلب. تصوير: حسام كويفاتية

هذا وتؤكد نجمة أنها قامت بإنشاء فريق اسعافات أولية، مؤلف من عدد من الممرضات المتطوعات في إحدى البيوت السرية، وذلك لإسعاف المصابين أثناء المظاهرات وإسعاف الثوار أيضا . كما وحملت نجمة السلاح أثناء الاشتباكات بين الثوار والجيش. حيث كانت تطلق عليهم النار من بيوت عديدة  قريبة من الاشتباك، وذلك لإرباك قوات الأسد وعدم معرفتهم بمصدر إطلاق النار. هذا قبل تحرير معرة النعمان من الجيش النظامي، أما بعد تحريرها وذلك في يوم الاثنين 9 أيلول/سبتمبر 2012 ، فقد بدأ تنسيقها العلني مع الثوار وذلك بجمع متطوعين عن طريقها وانضمامهم الى الجيش الحر.

لم تكن نجمة تنتسب إلى أي جهة معينة، وإنما عملت مع كافة الفصائل وكان آخرها جبهة النصرة. كانوا يعتمدون عليها في توزيع المواد الغذائية والإغاثية على الفقراء والمحتاجين، وكذلك توثيق الحالات الانسانية. نجمة أصابها ما أصاب الكثيرين في هذه الثورة: “قاموا باستهداف منزلي ومحلي بقذائف الهاون وراجمات الصواريخ من قبل حاجز وادي الضيف القريب من المعرة، وهو أكبر الحواجز في المنطقة والذي تم تحريره في ما بعد بعون من الله في15 كانون الاول/ ديسمبر 2014. فقدت ولدي عامر الذي كان يلعب مع رفاقه أمام المنزل قبل سقوط القذيفة علينا، كما وفقد أبني أحمد ( 14 عاماً)عاما ساقه و أصيب نتيجة لذلك بإعاقة، وأصبت أنا، طبعاً لست الوحيدة من تضرر في المعرة ، فقد كنا نتعرض لقصف يومي من قبل هذا الحاجز اللعين”.

حنان(45عاماً) إحدى أخوات نجمة تقول:”أنا فخورة بأختي نجمة التي لم تقف مكتوفة الأيدي حيال ما يحدث من ظلم لهذا الشعب المسكين، فقررت المساعدة وفعل شيئا للثورة، ومنذ البداية هي طلبت من الله اما الشهادة أو النصر، وقمنا نحن اخوتها بتشجيعها ومساعدتها”.

أبو محمد (56عاما) زوج نجمة يقول:”كنت أحد الموظفين عند النظام وكنت أرى مدى الفساد الذي تفشى في مؤسساته دون مساءلة أو رقيب، كما كنت أرى أيضا أن القانون كان يطبق على الضعفاء والفقراء بينما لا يطبق على ذوي السلطة والمال. ولم أكن أستطع سوى النظر بعينين عاجزتين عن فعل أي شئ، لذلك وعند قيام الثورة انشقيت عن النظام وشجعت زوجتي نجمة على المضي في مشوارها الثوري كما وقمت بمساعدتها وتوجيهها أحيانا”. أسامة قيطاز قائد لواء شهداء الثورة (52عاماً) يقول:”نجمة هي احدى أهم الناشطات في المنطقة ولايخفى على أحد نشاطاتها الثورية وجرأتها ومساعدتها الثوارفي معظم الامور، وهذا ما يعكس دور المرأة الهام في الثورة السورية”.

مديرة مركز مزايا كفرنبل غالية الرحال (40عاماً) تقول:”لطالما تمنيت أن ألتقي بنجمة لكثرة ماسمعت عنها وعن مواقفها البطولية والتي جعلتها مميزة في المنطقة ،وهذاما دفعني لدعوتها الى المركز وتكريمها مع عدد من الناشطات المحليات في يوم المرأة العالمي في 8 آذار/مارس 2015″.

“كنت ومازلت وسأبقى غير مترددة في بذل الغالي والنفيس في سبيل هذه الثورة، فإما نصر يسرّ الصديق وإمّا موت يغيظ العدا”. بهذه الكلمات أنهت نجمة حديثها.