نجحت العملية ولا حمل بعد
رجل وإمرآة سورية يحملون أكياس على أكتافهم في أحد أحياء مدينة درعا جنوب سوريا.
"وبعد الفحص أخبرتني ان هناك كيس ماء يمنع الحمل ويجب استئصاله بالسرعة القصوى. حين سمعت عجزت عن الحراك، أصبت بالذهول. "
في الشهر الأول من زواجنا، عشنا أجمل أيام حياتنا. وكانت مليئة بالسرور والفرح، بعد الغياب والفرقة التي باعدت بيننا طوال السنوات السابقة. وتمضي الأيام بسرعة ونحن فرحين ولله الحمد.
لم تستمر فترة السعادة طويلاً. دهمتنا هموم الدنيا بعد فترة قصيرة، بعد شهرين أو 3 أشهر. كان السؤال الطبيعي بحسب عاداتنا بعد الزواج عند كل اتصال: هل هناك حمل؟ وبسبب ضغوط الأهل والأقارب بدأنا نفكر لماذا لم يحصل الحمل حتى الآن؟
كنت أشعر بألم شديد في بطني شديد. لم نكن نعرف السبب انا وزوجي، ولم يكن بإمكاني مراجعة الطبيب أو المستشفى فلم أكن قد حصلت على الأوراق الخاصة بإقامتي بعد ولا بالتأمين الصحي.
ومضت الأيام والأسابيع ووجعي يزداد يوماً بعد يوم. نصحتنا زميلة زوجي بالعمل بالذهاب إلى طبيبة سورية، كانت تملك عيادة نسائية غير مرخصة، تعمل بالسر، وهي ملاذ من هم بوضعنا. وعندما وصلنا إلى العيادة وجدنا عشرات النساء السوريات ينتظرن دورهن.
عندما دخلت إليها عاملتني معاملة جيدة. وبعد الفحص أخبرتني ان هناك كيس ماء يمنع الحمل ويجب استئصاله بالسرعة القصوى. حين سمعت عجزت عن الحراك، أصبت بالذهول. وقالت لي أنه إذا لم أستأصل هذا الكيس لن يحصل الحمل. زاد خوفي ممّا سيحدث، وماذا سأقول لزوجي.
خرجت من العيادة، زوجي برفقتي وأنا لا أتكلم. هو يلحّ علي بالسؤال عمّا حدث بالداخل. وأنا في حيرة من أمري. اخبره أو أكتم عنه الخبر. عندما وصلنا غلى البيت أخبرته بالذي حصل فلم يصدق. وقال سنذهب غداً للفحص مرة أخرى، فيما كنت أبكي.
وفي اليوم التالي طلب زوجي من زميلته في العمل الذهاب معي، كونها أكبر مني سناً وخبرةً. ورجعنا إلى العيادة، وبعد الفحص قالت الطبيبة الكيس يكبر ولا بد من استئصاله. وعندما سألتها عن تكلفة العملية. قالت: تحتاجين إلى ألف و500 ليرة تركية. وشددت على ضرورة الإسراع بإجرائها.
خرجنا من عندها وأنا أفكر، من أين نأتي بهذا المبلغ. رافقتني زميلة زوجي إلى البيت حيث انضم إلينا. قالت زميلته أن لها صديقة تركية وإن شاء الله ستساعدنا بالدخول إلى المشفى الحكومي، من غير الأوراق الخاصة لإجراء العملية.
وبالفعل في اليوم التالي ذهبنا برفقة السيدة التركية إلى مشفى 25، وللأسف طردونا من هناك ولم يستقبلوننا بسبب الأوراق. السيدة التركية اتصلت بأحد المسؤولين في المشفى وحدثت مشاجرة بينهما وهي تقول له هل نفقد حياة إنسان بسبب الأوراق، أين الرحمة ولإنسانية.
وتم تحويلنا إلى مشفى آخر اسمه مشفى النساء. وأيضا عند وصولنا لم يتم استقبالنا فقامت السيدة التركية بجهد كبير واتصالات واسعة لإدخالنا ودخلنا. قالت لي الممرضة: ستنامين هنا. زوجك لا يستطيع البقاء معك نريد سيدة ترافقك لأنه مشفى مخصص للنساء فقط.
اتصلت زميلة زوجي بوالدتها للحضور والنوم معي في المشفى. ولله الحمد تم تيسير هذه الامور وربنا هيأ لنا من يقف بجانبنا في هذه المحنة. وبدأت رحلة الفحوصات الطبية من غرفة إلى غرفة. كانوا يسحبون الدم مني و يجرون فحوصات التصوير والتشخيص، وأنا أزداد ألماً.
كانت معاملة الاطباء لي قاسية جداً. لا أدري ما السبب. أكثر من تسعة أيام وأنا بالمشفى، أنتظر إجراء العملية وهم لا يستجيبون. قالوا لي بغياب الوراق الخاصة لا نستطيع إجراء العملية.
بعدها طلب زوجي إخراجي على مسؤوليته الشخصية. لأنه رأى أن لا جدوى من بقائنا في المشفى. لم تجرَ العملية وخرجنا بعد عشرة أيام. كنت قد مرضت جسدياً ونفسياً حينها. وبدأ البحث مجدداً عن مشفى يستقبل السوريين بدون تلك الأوراق.
رجعنا إلى الطبيبة السورية التي قالت: فورا سنجري العملية في مشفى على أطراف مدينة عين تاب. والتكلفة كما قلت سابقاً ألف و500 ليرة تركية. في اليوم التالي أحضر زوجي المبلغ المطلوب من أحد زملائه بالعمل وتوجهت إلى المشفى برفقة الطبيبة وزوجي وزميلة زوجي.
دخلت المشفى وأنا خائفة، وعندها لم يدعوا زوجي يدخل ولا زميلته. أنزلوني في غرفة باردة جداً، تسمى غرفة العمليات. بعدها لا أذكر شيئاً مما جرى، استفقت لأجد نفسي على السرير وبقربي زوجي وزميلته.
كان زوجي ينظر إليّ وهو يقول: الحمد لله رب العالمين على شفائك. لم أكن أقدر على الحركة حينها. وبعد مرور أكثر من 10 ساعات على العملية جاء زوجي وقال: سنخرج إلى البيت. ما قاله كان أجمل خبر سمعته حينها. ولله الحمد تم استئصال الكيس اللعين ونجحت العملية.
ويبقى أن هناك الدين على زوجي جراء هذه العملية والحمد لله رب العالمين على كل حال من الأحوال . لم يحدث حمل حتى يومنا هذا والله كريم.
فاطمة سامي (20 عاماً) متزوجة وتقيم في تركيا.