ناشطون سوريون في الأردن يضربون عن الطعام
رأفت الغانم
أمام تقلص الخيارات المتاحة لهم لوقف حمام الدم السوري، لم يجد بعض السوريين في الخارج غير الأمعاء الخاوية سبيلاً إلى الإحتجاج. بدأت الإضراب مجموعة من النشطاء في مختلف دول العالم يوم الإثنين الماضي، وهم منهل باريش (تركيا) عالية منصور (لبنان) فراس قصاص (ألمانيا) أحمد زيدان (تركيا) همام حداد (فرنسا)، لتجد الدعوة رواجاً في اليوم التالي حيث انضمت إلى الحركة تسعة أسماء في فرنسا، منها رودي عثمان ورنا الجندي، بالإضافة إلى فضيلة الشامي (إسبانيا) أحمد كناص (ليبيا) ولينا رزوق (ألمانيا). إستمرت الحملة بالنمو، لتشمل نشطاء موجودين سوريين في الأردن والسعودية من بين دول أخرى.
الناشطون السوريون في الأردن كانت لهم مشاركتهم في هذا الحدث الذي يمتد عبر أنحاء العالم، وقد نشرت مجموعة منهم بياناً عبر صفحتهم على موقع فيسبوك، يوم الأحد الماضي، حددوا فيه مطالبهم من المجتمع الدولي: إحالة “مجرمي النظام” إلى محكمة الجنايات الدولية؛ طرد السفراء السوريين؛ حماية المدنيين وتأمين ممرات إنسانية ومناطق حظر جوي؛ ومطالبة المنظمات الدولية والإنسانية، مثل الصليب الأحمر الدولي، “أن تقوم بواجبها تجاه الشعب السوري” في إغاثة المنكوبين في سوريا واللاجئين خارجها.
وفي سياق متصل، ذكر موقع “بوابة الأهرام” المصري اليوم الثلاثاء أن شاعرات وفنانات سوريات قد أعلنّ الإضراب عن الطعام أمام مقر جامعة الدول العربية، لدفع الأخيرة باتجاه “تقديم المزيد من الدعم للثورة،” بحسب ما نقله الموقع عن الشاعرة رشا الطيبي المقيمة في القاهرة.
وكان المضربون عن الطعام في عمّان قد اختاروا مقرهم أمام بوابة مبنى تابع للأمم المتحدة، حيث قامت الناشطة ريما فليحان يوم الخميس الماضي، أول أيام الإعتصام، بمقابلة ممثل عن المنظمة الدولية وتسليمه ورقة تتضمن المطالب. وقد أخبرت فليحان الممثل الدولي بأن المعتصمين سيبقون في هذا المكان بشكل يومي من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة السادسة مساءً إلى حين تحقيق مطالبهم، وأنهم في حال لم تتحقق، سيقومون بتصعيد الإضراب ليشمل الإمتناع عن شرب الماء أيضاً.
عناصر الأمن الأردني كانوا حاضرين منذ اليوم الأول، حيث أتوا لحماية المعتصمين ولم يسببوا لهم أي إزعاج، بحسب ما قالت فليحان.
وقام عدد من الكتّاب والفنانين التشكيليّين الأردنين بزيارة المعتصمين وأبدوا تعاطفهم معهم، ومن بينهم القاصة بسمة نسور والشاعر طاهر رياض.
أثناء وجوده في مكان الإعتصام، تحدث الناشط أحمد المصري عن هذه الحملة، وقد بدت عليه مظاهر الإعياء. المصري أكد أن الحركة قام بها نشطاء مستقلون ولا تحظى بأي دعم من قوى سياسية، وأن النشطاء الموجودين في الأردن هم على تواصل مع رفاقهم في مختلف أنحاء العالم.
يضيف المصري قائلاً: “هناك دول متعاطفة مع الشعب السوري يجب عليها أن تقطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام… وأن توجه له رسالة حادة وجدية بأن جرائمه أصبحت غير مقبولة.”
وحول الصدى الذي وجده التحرك، يقول المصري: “هناك تعاطف منذ اللحظة الأولى من قبل هيئة الأمم المتحدة بعمّان وأبلغونا بأنهم سيرفعون هذه المطالب إلى الجهات العليا التي يتبعون لها… قمنا بمراسلة كل سفارات الدول ذات الأهمية بعمان وجاءنا رد من الخارجية البريطانية بأن تنفيذ مطالبنا بالمجمل ممكن باستثناء مطلب الحظر الجوي.”
أما ريما فليحان فأكدت قائلة: “الهدف من الإضراب هو الضغط على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والرأي العام لإيقاف نزيف الدم السوري.” وتضيف فليحان أنّ المجتمع الدولي يقف أمام العدد الهائل للشهداء والنازحين داخل سوريا واللاجئين خارجها، دون أن يأتي بأيّ “خطوات عملية لإيقاف النزف السوري.”
وقد ذكر موقع المرصد السوري لحقوق الإنسان في لندن أن الأخير قد وثق منذ بداية الإحتجاجات في منتصف آذار/مارس من العام الماضي وحتى الآن مقتل ما يزيد عن ستة وعشرين ألف من المدنيين والعسكريين المنشقين والعسكريين النظاميين.
وطالبت فليحان بدور أكبر لمنظمة الصليب الأحمر الدولي، لأنه “يعمل في زمن الحروب والأزمات ومن غير المنطقي أن لا يكون فاعلاً بسوريا،” على حد تعبيرها، مضيفة أنّ المنظمة بمقدورها أن تقوم بدور أكبر للتدخل في موضوع المعتقلين والتأكد من سلامتهم.
“لدينا مخاوف حقيقية حول عمليات تصفيات داخل السجون ومحاكم ميدانية سرية وبالتالي يستطيع الصليب الأحمر على الأقل أن يحمي حياتهم من الإعدام.”
وتقول فليحان إن الصليب الأحمر باستطاعته أن يدخل مساعدات إنسانية إلى المناطق المنكوبة ويفرض على النظام وقف إطلاق النار، على الأقل خلال الفترة التي يدخل بها المساعدات.
“هناك منظمات إنسانية عاملة بمجال حقوق الإنسان ومنظمات تتعلق بحرية الصحافة والحريات العامة تستطيع أن تضغط على المجتمع الدولي للسماح بإدخالها وأن تقوم بواجبها تجاه الشعب السوري،” تضيف فليحان. “نحن نطالب بحقوقنا كبشر ضمن مواثيق حقوق الإنسان والقانون الدولي ولا نطلب شيء أكثر من ذلك.