ناشطون: تسليح المعارضة السورية ورقة بيد الدول الكبرى
مريم عبدالله*
منذ أن قُتل غياث مطر في السادس من أيلول/ سبتمبر 2011 بعدما كان يوزع الورود بين صفوف عناصر الجيش، أدرك كثير من السوريين الذين خرجوا طلباً للحرية أن ثورتهم لن تستمرّ دون سلاح، وأن جثة ذلك الشاب الذي رميت أمام بيته بعد أيام من اعتقاله ما هي الا اشارة مع قصص كثيرة منذ بدء الثورة تؤكد أنها لن تستمر سلميّة.
ظهرت حينها نقاشات حادة حول صحة خيار التسلح بين مناصري المعارضة. حالياً، يعود هذا الحديث إلى الأضواء بعد أن أعلنت الدول الأعضاء في مجموعة “أصدقاء سوريا” اتجاهها نحو تسليح المعارضة، وهو نقاش يطال ما إذا كان إدخال المزيد من السلاح سوف يساعد المعارضة على الحسم، أو كونه مجرد خطوة في لعبة دولية، تهدف إلى إطالة أمد الحرب.
استطلع موقع “دماسكوس بيورو” آراء بعض مناصري المعارضة والناشطين، في دمشق وضواحيها ومن انتماءات دينية مختلفة.
يقول قصي (48 عاماً) وهو موظف في شركة خاصة، كان ممن شاركوا في مظاهرات برزة وفي مواكب التشييع في بداية الثورة، “إن تسليح المعارضه سيف ذو حدين“. ويعتقد أنه لو أرادت الولايات المتحدة حل الأزمه السورية كانت تستطيع ذلك منذ أمد بعيد، ولكنها ترى الأزمة وتطوراتها من منظورها ومصالحها، وهي اليوم تستخدم عبارة التسليح لمصلحتها، وكان بإمكانها أن تدعم الثورة لو أرادت سابقاً. ويضيف “لو تم دعم الضباط والعسكريين المنشقين لتشكيل جيش وطني حقيقي كان تم تحييد الإسلاميين ومنع الجهاديين من دخول سوريا، وكفت أموال قطر والسعودية عن الثورة مما أفسد الحراك بشكل كبير. ولو بقي الحراك سلمياً إلى حد ما لكانت الأمور أقل خراباً“.
لكن قصي اليوم يرى أنه لا بدّ من التسليح لايجاد التوازن وإجبار النظام على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وتقديم التنازلات، ويضيف قصي “السلاح أولاً وأخيراً لن يقوم بتحول ديمقراطي كما يصبو الشعب السوري، نعم ممكن أن تنشأ تغيرات، ولكن ستتأخر التحولات الديمقراطية لأمد طويل، كل ما يأتي بالعنف لن يؤدي إلا إلى العنف“.
أما وائل (38 عاماً) وهو من المحامين الذين بدأوا بالاعتصامات السلمية، وشارك بالعديد من البيانات التي أدانت النظام، وقدم الكثير من الحلول المتعلقة بالدساتير المقبلة فيرى أن “القرار هو من ضمن الخطة الأميركية-الإسرائيلية، وهو قبيل الضربة العسكرية القادمة لا محال، لأن النظام مصر على عدم نقل السلطة والاستئثار بها وهذا لن يحدث أبداً، طبعاً التسليح سيغير المعادلة ولكن اميركا لن تسمح بنصر المعارضة بهذه البساطة وأتوقع الضربة العسكرية“.
مها ناشطة نسوية ضمن تجمع سوريات من أجل الديمقراطية وهي ساهمت في صياغة دستور للفترة الانتقالية القادمة تقول: “لا بد من نشاط سلمي مدني موازي للعسكري، كنا نأمل أن تبقى الأمور سلمية، لأن الهدف الأساسي هو التعمير والبناء على كل الأصعدة، أما العمل العسكري ضد هذا النظام فهو شر لا بد منه… كون طبيعة هذا النظام الإجرامية وغير القابلة للتراجع تدفعنا دفعاً لمقاومته عسكرياً… لذا أنا مع تسليح “الجيش الحر” بقيادة اللواء سليم إدريس، لتعديل موازين القوى مع جيش النظام من جهة ومع الفصائل المتشددة من جهة أخرى مستقبلاً…دون إغفال أهمية وضرورة النشاط السلمي”.
ومن بين الشابات اللواتي نشطن في العمل الإعلامي والمظاهرات والتنسيقيات المحلية، التقى موقع “دماسكوس بيورو” رند التي أكدت المخاوف من التسليح الأميركي بسبب ما قد يتبع ذلك من صراعات داخل المعارضة المسلحة، للحصول على السلاح الأفضل، والتخوف من الشروط الأميركية الموضوعة، وتسأل رند: “رغم أننا نعلم أن امريكا تريد توزيع السلاح بعيداً عن يد المتطرفين، فعلى أي أساس سيتم تصنيف المتطرفين والإرهابيين، وهل سيصل السلاح أيضاً من أيدي القادة إلى أيدي المقاتلين؟ فنحن نسمع عن كثير من قصص الفساد وإخفاء الأسلحة، فمن يضمن الأمر؟” وتتخوف رند من أن “النظام لن يسقط عسكرياً لذلك لن يكون السلاح هو ما سيحسم الأمر، لكنه سيساعد ربما بما سيوفره من استنزافٍ للقوى الخارجية الموجودة على الأرض، من مثل حزب الله وإيران والقوات العراقية“.
وعبرت رند عن تخوفها من أن يكون تسليح المعارضة ورقة ضغط يستعملها الغرب من أجل الضغط على إيران في مجال المفاوضات حول مشروعها النووي.
أما المنسق الإعلامي في إحدى الكتائب التابعة للجيش الحر ويدعى مصطفى، والذي سبق أن شارك في المظاهرات السلمية في جوبر والمزة، فإنه يرى إيجابية في قرار التسليح من ناحية فرض قوة أكبر للـ”جيش الحر” تدفع النظام للجلوس إلى طاولة المفاوضات، والقبول بمرحلة انتقالية بدون (الرئيس بشار) الأسد. وان توزيع السلاح بعدالة يمكن أن يقلل من فترة الفوضى بعد سقوط النظام، بما أن هيئة الأركان هي التي ستكون بمثابة وزارة الدفاع،لكن بالنهاية كل هذا يخدم مصالح أميريكا في المنطقة، وتأخير التسليح جزء من هذه الخدمة… وهذا ما يحبط أحلام الثورة الأولى”.
ولا زال الكثيرون في دمشق ينتظرون تطبيق قرار التسليح بترقب وخوف من عاصفة قد تطيح بالجميع.
* مريم عبد الله اسم مستعار لصحافية تعيش داخل سوريا