مولدات كهربائية برعاية المجلس المحلّي
سيرتاح سعيد (33 عاماً) من حمل بطارية السيارة معه يومياً ذهاباً وإياباً إلى الفرن حيث يعمل. ولأنه لا يملك سيارة يضطر لشحن البطارية هناك ليستطيع إنارة منزله الكائن بعيدا عن المدينة. سعيد اشترك بمولد الكهرباء الذي وضعه المجلس المحلي في الخدمة، لتوفير الطاقة إلى المواطنين الذين يقطنون في أماكن بعيدة.
بدأ المجلس المحلّي في مدينة كفرنبل بالتعاون مع البرنامج الإقليمي السوري الذي تديره “منظمة كيمونكس” بتأمين الكهرباء للمواطنين عبر مشروع استثماري. وذلك بسبب انقطاع الكهرباء عن المدينة منذ أكثر من سنتين، نتيجة تدمير محطة كهرباء زيزون من قبل قوات النظام. المشروع يهدف إلى تأمين خدمة الكهرباء لجميع المواطنين في المدينة، وكل حسب رغبته بعدد الأمبيرات التي يريد، إضافة إلى إيصال هذه الخدمة للبيوت البعيدة المحرومة من كهرباء المولدات الخاصة.
مدير مشروع مولدات الكهرباء المكلف من قبل المجلس المحلي المهندس زياد الرسلان (52 عاماً) يقول: “المشروع يغطي 60% من أحياء كفرنبل، بكلفة حددها البرنامج الإقليمي السوري تبلغ 188 ألف دولار أمريكي, وستتوزع المولدات حسب المناطق الأكثر كثافةً بالسكان، وذلك حسب دراسة تم إعدادها بتكليف من المجلس المحلي في شهر تشرين الثاني / نوفمبر 2014، وبعد الكثير من المراسلات تم الاتفاق مع البرنامج اٌلإقليمي السوري على إرسال خمس مولدات كمرحلة أولى من مراحل تنفيذ المشروع، مع الملحقات اللازمة من قواطع وكابلات لمسافة تمتد بطول 18 كيلومتراً. علماً أن عدد المولدات الواردة في الدراسة 22 مولداً، سيتم إرسالها على ثلاث دفعات”.
ويضيف الرسلان:” بعد وصول المولدات بادر المجلس لإعلان مسابقة، بموجب كفاءات محددة واختصاصات، لاختيار نائب مدير مشروع، وفني كهرباء وفني ميكانيك ومشغلين وإداريين. وكانت انطلاقة العمل بالمشروع في بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2015 ، فور تعيين الموظفين، وتبلغ قدرة كل مولد 170 KFA و سيتم تحميلها 500 أمبير بحيث تستطيع توفير الخدمة لـ 250 وحدة سكنية على الأقل”. المشروع مستقل إدارياً ولكنه رتبط مالياً بالمجلس المحلي، كون المجلس له حصة تبلغ 100 ليرة سورية تقتطع من أصل 1400 ليرة عن كل أمبير.
وفي ما يتعلق بالمعوقات والمصاعب التي تواجه فريق العمل في المشروع يقول عبدالله الجلل (28 عاماً) نائب مدير المشروع: “أصبحنا نعاني من الإقبال المتزايد على الاشتراك في المولدات، مما يشكل ضغطاً على القدرة الإنتاجية. يغضب الأهالي المتأخرين في الاشتراك عندما نقول لهم أننا بلغنا الحد الأقصى المسموح به، ومن جهة ثانية يطالب بعض الأهالي بوضع علبة القواطع قرب منازلهم رغم صعوبة هذا الأمر”.
ويضيف الجلل: “أن سبب الإقبال المتزايد على الاشتراك في مولدات المشروع يعود لعدة أسباب منها الوصول لأبعد المنازل، إضافة إلى كون الكهرباء متوازنة ومستقرة ولا يوجد تلاعب في الفولت الداخل للمواطنين مهما كانت المسافة، كما أنه تم وضع أحد المولدات كاحتياط يتم إدخاله في الخدمة عند حصول أعطال كبيرة تحتاج لفترة إصلاح أكثر من 24 ساعة، ما يعني ان التغذية بالتيار الكهربائي لا تنقطع عن المنازل طوال فترة التخديم البالغة خمس ساعات يومياً”.
زياد (35 عاماً) يتخوف من الاشتراك في كهرباء المولدات التابعة للمجلس المحلي فهو يعتقد: “أن القطاع الخاص أفضل دائماً من القطاع العام. والمجلس المحلي يمثل القطاع العام، ونظراً لعدم الاستقرار الذي أصاب المجلس المحلي مؤخراً، فأنا أخاف أن يطرأ عليه أحداث تكون السبب في حرماننا من كهرباء القطاعين”.
أما أبو محمد (29 عاماً) فلديه قصة أخرى. هو يعتقد أن قوة التيار الكهربائي الذي تنتجه مولدات المجلس تسبب بأضرار لحقت بعدد من الأجهزة الكهربائية في منزله. ولكنه وبنتيجة عدم وجود البديل يشكر إدارة المشروع على تأمين هذه الخدمة للمواطنين، وتخليصهم من تحكم أصحاب المولدات الخاصة، التي كانت تسبب بأضرار أيضاً ولكن بسبب ضعف قوة التيار التي لا تكفي لتشغيل بعض الأجهزة مثل البرادات والغسالات، رغم أنه مشترك بعدد كاف من الأمبيرات حسب قوله.
الطفل مهند (6 سنوات) يبدي سعادته بوجود الكهرباء في منزله، لأنها سمحت له متابعة ومشاهدة برامج وأفلام الرسوم المتحركة التي حرم من مشاهدتها منذ فترة طويلة. أما أم مهند (26 عاماً) فتقول: “الآن أستطيع أن أغسل الثياب في الغسالة العادية، لأن يدي تعبت من غسل الثياب المتكرر والمتعب”.
شجع أبو سعيد (54 عاماً) الأهالي على الاشتراك في كهرباء مولدات المجلس بقوله: “جاءت فكرة تأمين الكهرباء من المجلس المحلي كخطوة جيدة باتجاه خدمة المواطنين حتى لو لم تكن مجانية، وأنصح الجميع بالاشتراك فيها لعدة أسباب منها : أن المولدات جميعها جديدة وغير مستعملة نهائياً، وبهذا تكون الأعطال نادرة، وليست كالمولدات الخاصة المستعملة سابقاً وأعطالها كثيرة، خاصة بوجود نوعية سيئة من المحروقات”.
ويلفت مدير المشروع إلى أن الكهرباء الناتجة عن المولدات خاصة بالإنارة وتشغيل الأجهزة الكهربائية المنزلية، ولا يمكن تغذية المؤسسات أو المنشآت الكبيرة كالأفران والمستشفيات وغيرها. وهي مخصصة فقط للمنازل أو المحلات التجارية. ويعرب عن اعتقاده بـنه ويمكن للمشروع مستقبلاً أن يخصص بعض المولدات للمنشآت الكبيرة، ولكن بعد توفير الخدمة لجميع المواطنين و إيصال الكهرباء لبيوتهم بالدرجة الأولى.
رئيس المكتب المالي في المجلس المحلي مصطفى علي الشيخ (42 عاماً) يشكو من تأخر بعض المشتركين بدفع رسوم الاشتراك، ويحذر المتخلفين بقوله: “إن المجلس سيلجأ للمحكمة في حال امتناعهم عن الدفع”. مشددا على ضرورة التعاون الكامل بين المشتركين وإدارة المشروع لضمان وصول كهرباء جيدة إلى منازلهم، وإلى عدم تخريب علب القواطع حفاظاً على أجهزتهم الكهربائية المنزلية”.
بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي