مهنتي بيدي لتأهيل النساء السوريات المعيلات
أم ابراهيم مع آلة الخياط
بعد أشهر من المعاناة والبحث عن عمل، حظيت أم ابراهيم بفرصة عمل من خلال مشروع “مهنتي بيدي” مكّنتها من إعالة أبنائها بعد اعتقال زوجها قبل سنتين.
أم ابراهيم تقول عن عملها: “بعد اعتقال زوجي بدأت أحصل على بعض المساعدات من أقربائنا، ثم ما لبث أن انشغل كل منهم بهمومه وما يلهيه من أعباء الحياة. وبقيت مع أولادي لوحدنا، وأثناء البحث عن عمل سمعت عن مشروع مهنتي بيدي وبادرت للانضمام إليه، حيث تمكنت من تعلم مهنة الخياطة، وبدأت أعمل في منزلي، وبذلك أمّنت مصدر دخل خاص بي، للاعتماد على نفسي في إعالة أبنائي .”
مشروع “مهنتي بيدي” أطلقه عبد الفتاح الخليل (37 عاماً) بجهود تطوعية في مدينة أعزاز في ريف حلب، بهدف تدريب بعض النساء المعيلات على الخياطة، وإكسابهن مهنة يستطعن من خلالها العمل والإنتاج، والاستغناء عن المساعدات الإغاثية، وتحقيق الاستدامة الذاتية للأسرة المحتاجة .
يقول الخليل: “أمام كثرة عدد النساء المعيلات لأسرهن، والمعاناة من الفقر والبطالة قمت بإطلاق المشروع بجهود تطوعية للاستفادة من طاقات النساء، بما يعود عليهن بالخير والفائدة. يتم تدريب 7 نساء في كل دورة تدريبية، حتى إتقان مهنة الخياطة، يتم استقبال دورة جديدة لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من النساء .”
ويشير الخليل إلى أنه “ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ، وﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﺮﺏ في البلاد، إﻻ أﻥ ﺍﻟﻨﺴﺎء بدأن ﻓﻲ هذه الفترﺓ باﻠﺒﺤﺚ أكثر ﻋﻦ ﻣﺼﺪﺭ ﺩﺧﻞ إضافي في مواﺟﻬﺔ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ أﻣﺎﻡ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ، لمساعدة أسرهن في ﻛﺴﺐ ﻟﻘﻤﺔ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺑﻜﺮﺍﻣﺔ، ﻛﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﻦ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ وﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻓﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺑﻨﺎء ﻭﺇﻋﺪﺍﺩ ﺷﻌﺐ ﻭﺃﻣﺔ ﺍﻧﻬﺎﺭﺕ ﻭﺩﻣرت .”
أحلام (33 عاماً) إحدى المستفيدات من المشروع توضح ذلك فتقوﻝ: “ﺑﻌﺪ وفاة زوجي ﻭﺍﺟﻬﺖ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻟﺬﺍ ﻗﺮﺭﺕ أن أﺗﻌﻠﻢ ﺍﻟﺨﻴﺎﻃﺔ من خلال هذا المشروع، وقد ﻧﺼﺤﺘﻨﻲ ﻣﺪﺭﺑﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻃﺔ أن أتقن ﺧﻴﺎﻃﺔ ملابس الأطفال، فهذﺍ ﺑﺤﺪ ﺫﺍﺗﻪ إنجاز ﻛﺒﻴﺮ ﻭﻣﺸﺮﻭﻉ ﺟﻴﺪ، ﻭﺑﺬﻟﻚ وفرت ﺩﺧﻞ إﺿﺎﻓﻲ ﻟﻲ، كما وفرت ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ شراءﺀ ملابس بناتي ﻭﺑﻨﺎﺕ ﻗﺮﻳﺒﺎﺗﻲ، ﻣﻦ محلات ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺟﻨﻮﻥ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ ﺍﻟﺒﻼﺩ.”
أم محمد (44 عاماً) مدربة في المشروع تتحدث عنه بقولها: “ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴاء ﺍﻟﻼﺗﻲ ﺩﺭﺑﺘﻬﻦ أصبحت ﻟﺪﻳﻬﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎﺕ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ الخياطة. ﺑﻞ إﻥ ﻣﻨﺘﻮﺟﺎﺗﻬﻦ تنافس ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ وﺍﻟﺠﻮﺩﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺎﺕ ﺍلجاهزة.”
كما تبين أم محمد “أن المهن اليدوية ﺗﺴﺎﻋﺪ ﺍﻟﻨساءﺀ ﻟﻼﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻦ، وﺗﻘﻮﻳﺔ ﺷﺨﺼﻴﺘﻬﻦ، ﻭتتيح للمرأة ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﻷﺳﺮﺓ، ﻭتجعلها ﻣﻨﺘﺠﺔ ﻭ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .”
وتضيف أم محمد: “الكثير من النساء السوريات ﻏﻴﺮ ﻣﺆﻫﻼﺕ ﺑﻤﺆﻫﻞ ﻋﻠﻤﻲ ﻳﻤﻜﻨﻬﻦّ ﻣﻦ ﻛﺴﺐ ﻟﻘﻤﺔ ﺍﻟﻌﻴﺶ، لذلك عليهن اﻻﻧﻀﻤﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﺭﺍﺕ ﻣﻬﻨﻴﺔ ﺗﺪﺭﻳﺒﻴﺔ ﺗﻮﻓﺮﻫﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻟﺘﺄﻫﻴﻞ ﺍﻟﻨساءﺀ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺎﺕ، لإتقان ﻣﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪﻫﻦّ ﻓﻲ أداءﺀ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻣﻬﻨﻴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ”. مؤكدة “أن الكثيرات دخلن ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭﻃﺮﻗﻦ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﻛﻠّﻬﺎ ﻭﺣﻘﻘﻦ ﻧﺠﺎﺣﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﺑﺎﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺭﺩ ﺑﺴﻴﻄﺔ، ﻭتمكنّ من ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، ﻛﺎﻟﺨﻴﺎﻃﺔ ﻭﺍﻟﻄﺒﺦ ﻭﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ” .
ﻭﺗﺎﺑﻌﺖ أم ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺪﻳﺜﻬﺎ ﻗﺎﺋﻠﺔ:ً “ﺇﻥ ﻣﺸﻐﻠﻨﺎ ﺻﻐﻴﺮ ﺣﺎﻟﻴﺎً ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﺳﻧﻘﻮﻡ ﺑﺘﻜﺒﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸﻐﻞ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺰﻳﺎﺩﺓ عدد ﻣﻜﻨﺎﺕ ﺍﻟﺨﻴﺎﻃﺔ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ عدد ﺍﻟﺨﻴﺎطات ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻐﻞ، لتحقيق ﻫﺪﻓﻨﺎ ﺍﻻﺳﺎﺳﻲ في ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻓﺮﺹ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻟﻠﻨساءالمعيلات فيﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .”
نجحت حليمة الكامل (39 عاماً) ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺲ عملها ﺍﻟﺨﺎﺹ رغم قسوة الظروف. ﻭباتت ﻣﻠﻬمة ﻟﻠﻨﺠﺎﺡ ﻟﻐﻴﺮها بعد تعلم المهنة من خلال المشروع. وتقول الكامل لحكايات سوريا: “ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻴﺤﻘﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺫﺍﺗﻪ ﻣﺎﺩﻳﺎً ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً، وإيماناً مني بضرورة عمل المرأة في المجتمع إلى جانب الرجل دون أن تبقى رهينة المساعدات الإغاثية المقدمة من المنظمات الإنسانية، عملت على افتتاح مشغل صغير في منزلي، ولكن الطريق لم يكن ممهداً، فقد وقفت كثير من المعوقات في وجهي للدخول إلى سوق العمل”.
وتؤكد حليمة بأن ﺑﻌﺾ النساء اشتركن معها في العمل في المشغل، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﻓﺮﺹ ﻋﻤﻞ لهؤلاء النساءﺀ، حيث تقوم مع زميلاتها بالتفصيل والخياطة وإصلاح الملابس وبيعها في الأسواق .
ﻭﺃﺿﺎﻓﺖ حليمة ﻗﺎﺋﻠﺔً: “ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻐﻞ حالياً نعمل 3 نساء معاً ﺑﺨﻴﺎﻃﺔ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ﻭﻣﻼﺑﺲ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﻧﻘﻮﻡ ﺑﺒﻴﻊ ﻣﻨﺘﺠﺎﺕ ﺍﻟﻤﺸﻐﻞ ﻟﻠﺴﻮﻕ .”
دالية الخطاب (25 عاماً) أﺭﻣﻠﺔ ﻭأﻡ ﻟﻄﻔﻠﺔ تجد في مشرﻭﻉ “مهنتي بيدي” ﺑﺎﺭﻗﺔ أﻣﻞ للأﺭﺍﻣل وذوات الدخل المحدود، ﻣﻌﺮﺑﺔ ﻋﻦ ﺳﻌﺎﺩﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻐﻞ، حيث بدأت من نقطة الصفر، وأصبحت ﺗﺘﻘﻦ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﻮﺍﻉ مكنات ﺍﻟﺨﻴﺎﻃﺔ، كما ﺫﻛﺮﺕ أن ﺍﻟﻤﺸﻐﻞ ﺑﺤﺎﺟﺔ إلى ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ إﻧﺘﺎﺝ ﻛﻤﻴﺎﺕ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻮﻓﻴﺮ مكنات ﺧﻴﺎﻃﺔ ﻣﺘﻄﻮﺭﺓ قليلة الأعطال.
وعن ذلك تقول الخطاب: “ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻭﻓﺮ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻘﻀاء ﻭﻗﺖ ﻣﻔﻴﺪ ﻟﺘﻌﻠﻢ ﺍﻟﺨﻴﺎﻃﺔ ﺑﺠﻤﻴﻊ أﻧﻮﺍﻋﻬﺎ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ رزق ﻳﻐﻄﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ طفلتي ﻭأسرتي.”
وتختتم حديثها بالقول: “الزوال هو المصير الذي ﻳﻮﺍﺟﻪ كل شيء ﻓﻲ ﺳﻮﺭيا، وتبقى ﺧﻴﻮﻁ ﺍﻷﻣﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺴﺠﻬﺎ السوريات من خلال رفع مستوى القدرة لديهن على مواجهة الصعوبات والتحديات للاستمرار في الحياة، وتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم.”
ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺎﺕ صنعن ﻓﺮﺻﺎً ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﺘﺄﻣﻴﻦ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻦ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻦ ﻭﻋﺮﻕ ﺟﺒﻴﻨﻬﻦ. حيث يشكل ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮﺑﺎﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻫﺎﺟﺴﺎً ﻳﺆﺭﻕ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﻬﻦ ﺗﺆﻣﻦ ﺩﺧﻼً ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﺍﺋﺐ ﺍﻟﺪﻫﺮ، ﻭيحقق ﺁﻣﺎﻟﻬﻦ ﻭﺗﻄﻠﻌﺎﺗﻬﻦ ﻓﻲ ﺿوء الظروف الصعبة ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﻴﻦ .