منزل أم أنس مدرسة

باص المدرسة يقل الأطفال إلى مدرسة أم أنس تصوير سما بيطار

باص المدرسة يقل الأطفال إلى مدرسة أم أنس تصوير سما بيطار

أم أنس (50 عاماً) حوّلت منزلها إلى مدرسة مصغّرة لطلاب المرحلة الإبتدائية. وذلك بعدما تزايد قصف الطيران للمناطق التابعة للمعارضة، ما دفع العديد من الأهالي إلى منع أبنائهم من الذهاب إلى المدرسة، فحُرِموا من فرصتهم بالتعليم. خصوصاً بعدما صارَ الطيران يستهدف المدارس، وأزهقَ أرواح الكثير من الأطفال ودمّرَ العديد من المدارس، فتحولت إلى ركام.

وتبدأ أم أنس حديثها، فتقول: “نظام الأسد عندما كان يستهدف بطيرانه مدرسة أو مركزاً خدمياً، كان يتهم فصائلَ متشددة، أنها هي مَن قامت بذلك، أو كان يشير إلى أنّ القصف كان بالخطأ… لكنّه اليوم يفعل ذلك بعينٍ وقحة! يستهدف المراكز الخدمية كالتجمعات الطبية والمدارس، ليلحق مزيداً من الآلام والأوجاع بقتل أكبر عدد من الأبرياء”.

وتضيف أم أنس: “هذه المآساة الكبيرة دفعتني لمساعدة أبناء مدينتي، بالتزامن مع رفض أغلب الأهالي إرسال أبنائهم إلى المدارس، بعدما تمّ استهدافها، وكأن الأبنية الحكومية بُنيت على حساب بشار وأعوانه، فإمّا أن تبقى تحت سيطرته وإمّا أن تعود رمالاً كأنها لم تُبن بالأصل”.

وتشير أم أنس إلى أنها كانت تُشاهد الشعار الذي طرحه مؤيدو النظام في الأشهر الأولى من الحراك، مكتوباً على الجدران في كافة أرجاء إدلب، وفيه: “إمّا الأسد أو نحرق البلد”.

لقد أنكر هؤلاء أن تكون المرافق الخدمية مبنية بالأصل من أموال الشعب الذي عانى من القهر والظلم وسياسة التجويع!

ومن خلف أبواب الإرادة والأمل ظهرت المربية أم أنس، من بين الرافضين الخضوع للواقع المرير وسعوا من أجل رفض سياسة اليأس… وأسست المدرسة المنزلية.

عن الكادر التعليمي تقول أم أنس أنهُ مكوّن من طلبة جامعيين، من بينهم أشخاص لم تسمح لهم ظروف الحرب القاسية بمتابعة دراستهم، وبعضهم لديهم خبرة طويلة بالتعليم.

فتمَّ فتح منزل أم أنس والحديقة المحيطة به، وتحوَّلَ لمدرسة مصغّرة تفي بالغرض ويستوعب الطلبة من فئة المرحلة الأولى.

تتحدّث أم أنس عن نسبة الإقبال على المدرسة، فتقول: “لم تكن سوى أيام قليلة من إعلان الفكرة حتى لاقت ترحيباً كبيراً من أهالي المدينة في الحي الذي تقع فيه، وفي الأحياء المجاورة. وانهالت علينا استفسارات الأهالي عن رسوم المدرسة”.

وتوضح أم أنس: “غايتنا ليست مادية، خاصة أننا نتعامل مع أهالي مدينتنا التي تجمعنا ببعضنا البعض المصيبة الواحدة وهي الحرب والقهر، لذا نتقاضى رسوماً رمزية تغطّي أجور المدرّسين الزهيدة، فهم يعملون بشكل شبه تطوعي”.

تختم أم أنس حديثها معي بالقول: “شعور عظيم عندما تجد ما تستطيع أن تساهم عبره، بإنارة العقول كي تأبى الجهل وعتمة الظلام”.

سما بيطار (41 عاماً) من إدلب، حاصلة على الشهادة الثانوية. متزوجة وأم لأربعة أبناء. عملت في جمعيات خيرية لمدة عشر سنوات.