منتدى رجال الأعمال دعم غير محدود للمشاريع التنموية
بهمة ونشاط يستيقظ أبو محمود في الصباح الباكر. يبدأ نهاره بالاعتناء بأرضه التي عادت خضراء نضرة، بعد أن كانت بورا على مدى أربع سنوات من الثورة. لم تكن أوضاعه المادية لتساعده على إعادة زراعة أرضه البالغه مساحتها 45 دونماً والاعتناء بها لولا منتدى رجال الأعمال الذي أمدّه بالدعم اللازم.
أبو محمود (48 عاماً) من قرية الدير الغربي، الواقعة شرقي مدينة معرة النعمان، هو واحد من آلاف المزارعين الذين تضررت أراضيهم الزراعية نتيجة الحرب الدائرة في سوريا. وأمام تدهور الأوضاع المادية لم يعد باستطاعة هؤلاء إعادة زراعة أراضيهم نظراً لغلاء أسعار المحروقات والأسمدة واليد العاملة.
يقول أبو محمود “كنت دائما أشعر بالحزن كلما نظرت الى أرضي وما حل بها بعد أن توقفت عن زراعتها، لم أعد أستطيع ريها بعد انقطاع التيار الكهربائي وردم البئر الارتوازي الذي كان يغذيها بالمياه”.
وبحسب أبو محمود قدّم منتدى رجال الأعمال كل ما تحتاجه أرضه لإعادة زراعتها. من بذور وسماد وأدوية ومياه ري بعد حفر بئر جديد، وتأمين مولّد كهربائي وغيرها من الأمور. يشعر أبو محمود بالامتنان لهذا المنتدى لأنه دفع عنه وعن أولاده الثمانية الفقر والعوز.
ظهر منتدى رجال الأعمال في الداخل السوري المحرر في الأول من كانون الثاني/يناير 2013. مدير مكتب المنتدى في الداخل محمد المصري (38 عاماً) يشرح آلية عمله ونشاطاته قائلاً “لدينا في الداخل السوري ثلاث مكاتب رئيسية، وهي مكتب إحسان وهو مكتب خاص بالمشاريع التنموية، ومكتب البوصلة الذي يهتم بتدريب الكوادر وخاصة تدريب المرأة وتمكينها في المجتمع، ومكتب فنار الذي يهتم بالمشاريع الاغاثية”. ويشير المصري إلى أن هناك نقاطا تابعة لهذه المكاتب موزعة على عدد كبير من المناطق، ومنها في إدلب على سبيل المثال سرمين، حاس، التح، الدير الغربي والشرقي وغيرها. هذه النقاط هي بمثابة صلة الوصل بين المستفيدين والمكاتب الرئيسية. ويعمل المنتدى على دعم مجالات عديدة ومنها مشاريع زراعية، آبار مياه (ارتوازية )، مراكز نسائية، رياض أطفال وغيرها، وقد استطاع هذا المنتدى على مدى عامين تحقيق مشاريع وإنجازات هامة.
ويعرب المصري عن استعداد المنتدى لـ “دعم أي مشروع تكون فكرته جيدة مهما بلغ الرقم المرصود، فالمنتدى يمتلك امكانيات خاصة وإمكانيات مشتركة مع منظمات عالمية أخرى ومنها منظمة غول، اكتيد، الأمم المتحدة، منظمة بناء، الفاو وغيرها”.
بلغ عدد المشاريع المنفذة على صعيد محافظة إدلب وريفها من قبل المنتدى أكثر من خمسين مشروعاً منذ بداية تأسيسه، وهو الآن بصدد تنفيذ العديد من مشاريع الكبرى، أهمها مشروع بناء في حاس بمشاركة من مؤسسة بناء، مشروع بناء في معرة النعمان وأيضا ومشروع للتخلص من النفايات الصلبة يشرف عليه مكتب إحسان، مشروع دعم أفران في منطقة الغدفة، مشروع مياه شرب ومياه ري. في خان شيخون وحاس، المغارة، الدانا.
أما المشروع زراعي الكبير فهو يشمل خان شيخون، كفرنبل، حيش، معرة النعمان بدعم ومشاركة من منظمة غول والفاو. هذا المشروع عبارة عن توزيع سلل زراعية على المزارعين بشكل مجاني، كما وتقدم أسمدة ومواداً خاصة بالأراضي الزراعية، وفق شروط ومعايير يجب توافرها لدى المستفيد. ومن هذه الشروط يقول المصري “أن تكون أوضاع المستفيد المادية ضعيفة، غير موظف، لديه قطعة أرض أو مساحة من أرض زراعية لا يستطيع زراعتها”. وبحسب المصري سيقوم المنتدى بدعم المزارع بكل مايحتاجه لإعادة تأهيل الأرض وزراعتها منذ مرحلة الفلاحة وحتى الحصاد أو الجني. وبالمقابل المنتدى لا يريد أي تعويضات أو أي شئ من المزارع ماعدا أنه يريد لهذا المزارع أن يعتمد على نفسه مستقبلاً، ويستثمر أرضه باستمرار. وبالتالي يستغني عن السلّة الغذائية أو الإغاثية التي ممكن أن يحصل عليها من الجمعيات الخيرية.
تنتشر مراكز المنتدى بحسب المصري في جميع أنحاء سوريا، وحصرياً المناطق الخالية من النظام وداعش. فمثلا هناك إضافة لمكاتب إدلب وريفها، مكتب اللاذقية ويغطي ريف إدلب الشمالي الغربي ومناطق جبل التركمان. مكتب الاتارب ويغطي مناطق ريف حلب الشمالي والغربي المحررين. مكتب درعا ويغطي المناطق الجنوبية. إضافة إلى مكتبين سيتم إطلاقهما في كل من حمص وحلب.
وعن موظفي المنتدى يتحدث أحد أعضاء المكتب الرئيسي في إدلب أبو محمد (37عاما )قائلا “يضم كل مكتب من مكاتبنا الرئيسية أربعين موظفا، هناك أربعة منهم دائمين بما فيهم مدير المكتب. أما البقية فهم يعملون ضمن عقد مؤقت مدته سنة”. يتقاضى الموظفين، دائمين ومؤقتين رواتب شهرية تتراوح بين 350 و 400 دولار أميركي.
أبو وجيه (42 عاماً) أحد أعضاء المجلس المحلي في كفرنبل يتحدث عن التنسيق مع المنتدى، ويقول “يتلقى المجلس المحلي في كل منطقة طلبات تمويل المشاريع الفردية من الأهالي، هذه المشاريع يتم تنظيمها وفق قائمة تقدم للمنتدى كل شهر، المنتدى بدوره يوجد لديه فريق لتقييم المراقبة، هذا الفريق يخرج للإطلاع على البيوت والأراضي الزراعية الموجودة ضمن القائمة، وبعد انتهاء الفريق من عمله يحصل اختيار المشاريع القابلة للتمويل، فمثلاً من بين 150 مشروعاً يتم اختيار نحو 75مشروعا تكون لها الأولوية في الدعم”. وينوه أبو وجيه أن المجلس المحلي يعمل دور الصلة بين المنتدى والمستفيد، باعتبار أن المجالس المحلية على دراية أكثر بالأهالي وبالمناطق التي تشرف عليها، كما أن تعامل المنتدى مع المجلس هو أجدى من التعامل مع أفراد، فهذا يوفر الوقت والجهد.
أم أمجد (41 عاماً) من أهالي خان شيخون تشيد بعمل المنتدى والمشاريع التي دعمها وتقول ”بارك آلله بجهودهم، فقد ساعدوا بتمديد مياه الشرب إلى البيوت، بعد أن قضت المعارك وقصف الطيران على معظم البنى التحتية بما فيها أنابيب المياه. كما قام رجال المنتدى بحفر العديد من الآبار الارتوازية التي امدت البلدة بالمياه ليس للشرب فحسب وإنما للزراعة أيضا”.
أبو حسام (35 عاماً) من قرية الغدفة إحدى قرى ريف إدلب الشرقية، كان مثله مثل باقي أفراد قريته النائية يقصدون القرى المجاورة لشراء الخبز. ولكن الحال اليوم تغيّرت مع إنشاء فرن للخبز في الغدفة. يشكر أبو حسام للقائمين على المنتدى تمويلهم هذا المشروع. ويشير أبو حسام إلى أن الأسعار رمزية والنوعية جيدة.
يختتم مدير مكتب المنتدى محمد المصري حديثه بالقول “هدفنا الأول في المنتدى هو رفع المعاناة عن كاهل المواطن السوري، ولهذا يهتم المنتدى بدعم المشاريع التنموية أكثر من الإغاثية لتتاح الفرصة للمستفيدين لتمويل أنفسهم، وبالتالي تحسين أوضاعهم المادية مستقبلاً، على قول المثل الشعبي: علّمني الصيد، خيرا من أن تعطيني سمكة “.
بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي