ملاعب الكرة الخضراء فسحة أمل في زمن الحرب
الملاعب الخضراء فسحة أمل في زمن الحرب تصوير إيهاب البكور
“حرمتنا الحرب من أبسط أحلامنا، حرمتنا من كرة القدم. القصف طال الملاعب والمدارس والاعتقالات لم توفر حتى اللاعبين”. بهذه الكلمات يعبّر لاعب نادي الكرامة في معرّة النعمان محمد الأحمد عن الواقع الكروي في سوريا.
أدت الحرب الدائرة في سوريا إلى توقف النشاط الرياضي ولاسيما الحركة الكروية، وتحديداً في المناطق المحررة لمدة تجاوزت السنتين ونصف السنة. وفي بعض المناطق كريف ادلب الجنوبي وريف حماه الشمالي استمرت لأكثر من ذلك الوقت. واسفر القصف والغارات عن تدمير البنى التحتية للمناطق المحررة بكافة مجالاتها.
هذا الواقع بدأ أخيرا بالتغير مع ظاهرة انتشار الملاعب العشبية، بشكل مطرد في المناطق المحررة، على الرغم من سخونة الوضع.
يامن حمدو (35 عاما) يملك قطعة أرض حوّلها إلى ملعب. يقول حمدو: “لم يكن هناك ملعب معشب في منطقة حارم. وحتى في منطقة دركوش. بدأت ظاهرة الملاعب المعشبة تنتشر منذ فترة وجيزة، وكان هذا الملعب هو مشروعي بعد انشقاقي عن النظام”.
و يضيف حمدو ” الملاعب أصبحت مصدر رزق للكثيرين، وأصبحت محط أنظار الكثير من اللاعبين و منظمي الدوريات المحلية، بل وحتى الناس بشكل عام. ملعبي منذ تأسيسه وحتى اليوم استضاف أكثر من سبعة دورات كروية، كدورة ادلب العز، و دورة الأحلام وغيرها. هو مشروع جيد بشكل عام”.
من الصعوبة بمكان تجهيز ملعب من النوع السداسي، أي الملعب الذي يستوعب على أرضه 6 لاعبين لكل فريق. وذلك بسبب غلاء المواد وغلاء التجهيزات، على الرغم من ذلك تتابع الملاعب العشبية إنتشارها.
متعهد الملاعب العشبية عبد القادر علوش (36 عاماً) يقول: “من المهم وجود قاعدة كروية مهتمة تتمثل بالرياضيين والجماهير. فمن يريد أن ينشئ ملعباً، وإن كان سداسيا، لا بد من نشاط كروي في منطقته ليكون المشروع ناجحا. فكما هو معلوم أن تكلفة الملاعب العشبية باهظة جداً”.
يميّز علوش بين “نوعين من الملاعب في المناطق المحررة، الملاعب العشبية ذات العشب الصناعي الجديد، وتلك ذات العشب المستعمل. والعشب الجديد يتم استيراده من تركيا”.
ويلفت علوش إلى أن “كلفة الملعب المعشب السداسي تتراوح بين 6 آلاف دولار أميركي و50 ألفاً، وذلك بحسب نوعية العشب وطوله وتجهيزاته. ولكن المشروع جيد بشكل عام ويعطي صورة حضارية لمناطقنا”. علوش تعهد إنشاء وتجهيز العديد من الملاعب في المناطق المحررة.
ظاهرة انتشار الملاعب العشبية أصبحت محط اهتمام منظمي الدورات واللاعبين. ولم تعد تقام الدورات أو البطولات إلا على الملاعب العشبية. رئيس الهيئة العامة للرياضة والشباب عروة قنواتي قال في تصريحات له: “لا تكاد تمر فترة قصيرة حتى يطلق الرياضيون في الغوطة بطولاتهم التنشيطية ومسابقاتهم الودية”.
وتنشر الهيئة العامة على موقعها آخر المستجدات والأحداث والنشاطات الرياضية. كما تنشر مجريات البطولات ” ة في معرة النعمان وغيرها. ,
أتاحت تلك الملاعب الفرصة للاعبين بشكل خاص و للجماهير والأهالي بشكل عام أن يشعروا بمتعة الحياة في ظل الحرب في سوريا. وأصبحت بمثابة متنفس يسليهم ويخرجهم من أجواء الحرب.
“فتحت الملاعب العشبية لنا أبواب جديدة،فاصبحنا نهتم بتطوير لعبنا ليناسب مع الأرضية العشبية، و أصبحت تحفزنا على اللعب أكثر، كما أنها تعطي مظهراَ حضاريا لمناطقنا”. يقول منظم الدوري المحلي طه الشيخ نجيب (30 عاماً).
ويضيف الشيخ نجيب: “نحن لا نكاد ننتهي من دورة حتى نشارك في دورة أخرى. وكلها أصبحت تقام على الملاعب العشبية. ليس بالضرورة بطولات مختصة بالفرق الكروية و إنما البطولات مفتوحة لكافة الفئات. أحيانا نشارك في دوريات محلية شعبية، وكثيرا ما نشارك في بطولات شعبية غير مختصة”.
ويشير الشيخ نجيب الى أن “البطولات التي تقام على الملاعب العشبية محصورة بالرجال فقط، بحكم العادات والتقاليد في مجتمعنا، ولكن بالنسبة لمشاهدة تلك البطولات فهي مسموحة للنساء أن تتابعها و لكن جرت العادة أن متابعيها هم فقط الرجال”.