مكتب قانوني للمرأة في معرة النعمان…

ينتظرن الاستشارة القانونية في مركز مزايا تصوير مها الأحمد

ينتظرن الاستشارة القانونية في مركز مزايا تصوير مها الأحمد

"مَن اقترح فكرة المكتب القانوني هنّ نساء مركز مزايا أنفسهن، انطلاقاً من معايشتهن للظلم الذي لحق بالكثير منهنّ خلال الحرب."

مها الأحمد

تقدمت صفاء (35 عاماً) بدعوى طلاق وتفريق من زوجها الذي ضاقت ذرعاً بالعيش معه. وكانت قد اتخذت قرارها بعد ما تعرّفت على المكتب القانوني للمرأة في مركز مزايا في معرة النعمان، حيث حصلت منه على الاستشارات القانونية اللازمة لقضيتها.

صفاء القادمة من كفرنبل وغيرها الكثيرات من النساء في معرة النعمان ومحيطها، ممن يشعرن بالحاجة لتقديم شكوى لتحصيل حقوقهن، وجدن في المكتب القانوني فرصة جديدة وفريدة لمحاولة استرجاع حقوقهن المسلوبة.

المحامية روان (34 عاماً) التي تعمل في المكتب، أعطت صفاء بعض النصائح والاستشارات القانونية التي تخص قضيتها لناحية جواز اصطحابها لأولادها في حال تمّ الطلاق، وبخصوص النفقة وأشياء أخرى مهمة.

توضح روان لحكايات سوريا أنّ مَن اقترح فكرة المكتب القانوني هنّ نساء مركز مزايا أنفسهن، انطلاقاً من معايشتهن للظلم الذي لحق بالكثير منهنّ خلال الحرب.

وتحدّد المحامية روان أهم أهداف المكتب القانوني للمرأة في مركز مزايا، على أنها “مساعدة المرأة في استرداد حقوقها المسلوبة، الحفاظ على هذه الحقوق وعلى حقوق أولادها، ومساعدة النساء الفقيرات اللواتي لا يملكن المال للتقدم بالشكاوى لدى المحاكم، حيث أنّ الدعوى التي تقدّم عبر المكتب مجانية، يتولى المحامون الدفاع عنها دون أي تكاليف”.

وليد عنان (30 عاماً) من معرة حرمة التابعة لكفرنبل، وهو محامي آخر يعمل في المكتب، يقول: “تسلّمنا العديد من القضايا والشكاوى النسائية، التي كان من المفترض الدفاع عنها في محكمة الأحرار حيث تبنّاها المكتب في البداية، لكنّ الخلافات المستمرة بين جبهة فتح الشام وأحرار الشام جعلتنا نتريّث حالياً في الدفاع والمرافعة ريثما يتم إيجاد محكمة موحدة خاصة بعد أن سيطرت جبهة فتح الشام على كفرنبل وما حولها وأُلغيت محكمة الأحرار التي تتبع لأحرار الشام”.

يضيف العنان أن المكتب سيستأنف أعماله بعد أن يستقر الوضع وتتشكل محكمة موحدة معتمدة من جميع الفصائل، مع العلم أنّ الاستشارات القانونية ظلّت سارية المفعول ولم تتوقف أبداً.

توضح المدعية صفاء لـ “حكايات سوريا” سبب طلبها الطلاق، بأنها يائِست من عدم سعي زوجها للعمل مع قدرته على ذلك، فهو صار يعتمد عليها جرّاء عملها في إحدى المنظمات. صارت صفاء تنفق على المنزل لوحدها، ويبقى زوجها مكتوف الأيدي! أصبح “يشكّل عالة عليها بدلاً من أن يكون عوناً لها” كما تقول.

قضية صفاء واحدة من ضمن قضايا كثيرة تَرِدُ إلى المكتب، من مختلف مناطق الريف الإدلبي… قضايا نسائية كالطلاق والميراث، جميعها يتم الدفاع عنها مجاناً.

نارمين السويد مديرة مركز مزايا (30 عاماً) ترى أنَّ إنشاء المكتب القانوني للمرأة خطوة فعّالة ومهمة لمساعدة المرأة. وتوضح قائلةً: “مجتمعنا ظلم المرأة مادياً ومعنوياً، وقد منعتها ظروف عديدة من تحصيل حقوقها”.

وتلفت السويد إلى “أنّ هناك العديد من النساء يعانين من إجحاف بحقوقهن المشروعة، خاصة مع الحرب وظروفها السيئة وبسبب تعدّد الفصائل والمرجعيات”.

لبنى (30 عاماً) من كفرنبل إحدى ضحايا تعدّد الفصائل والمحاكم التابعة لها، حيث تقول لـ “حكايات سوريا” بأنها ذهبت لتقديم شكوى ضد زوجة زوجها، التي قامت بتحمية أداة معدنية حادّة لتعاقب أولاد لبنى الذين بقوا عندها بعد انفصال الأخيرة عن زوجها.

تؤكد لبنى بأنها رأت أولادها الصغار قد أصيبوا بعدة حروق واضحة في أرجلهم، وعندما سألتهم عن سببها أخبروها بأنّ زوجة أبيهم قامت بمعاقبتهم بهذه الطريقة. تقول لبنى: “أريد أن تنصفني المحكمة بالسماح لي أن أصطحب أولادي معي كي أحميهم من أذى زوجة أبيهم”.

لكن محكمة الأحرار لم تستجب لطلب الأم، باعتبار أنَّ طليقها يتبع لجبهة النصرة، وحجة المحكمة على حسب قول لبنى، أنها خشت الوقوع في صدامات مع جبهة النصرة. كما أنَّ الزوج لم يستجب لحضور المرافعة في محكمة الأحرار لعدم اعترافه بها.

تختم لبنى: “محكمة الأحرار توقفت عن العمل، وأنا أنتظر تشكيل محكمة جديدة لجبهة فتح الشام (التابعة للنصرة) أو محكمة محايدة، وبذلك أتمكّن من استئناف شكواي عن طريق المكتب القانوني للمرأة الذي يتابع الموضوع”.

من جانب آخَر، لزوجات الشهداء قصصهن مع الظلم المضاعف، فبالرغم من تضحية بعضهن في عدم الزواج من أجل تربية أولادهن… إلا أنَّ ذلك قوبل في بعض الأحيان بعدم تقدير التضحية لا بل الظلم من قِبَل ذوي الزوج.

عبير (35 عاماً) زوجة شهيد من معرة النعمان، يأخذ عمها والد زوجها ما يرد لأولادها من راتب تعويض عن والدهم الشهيد، كما يأخذ تعويض الوفاة من الكتيبة التي كان يقاتل فيها. يصرف الجد المال كما يشاء ولا يعطي أرملة ابنه أي من إيرادات أملاك زوجها بعدما قام ببيعها.

عبير موظفة وتحصل على راتب شهري يبلغ 40 ألف ليرة سورية (80$). تؤكّد أنّ هذا الراتب لا يكفي مصروفاً لها ولأولادها، وتقول: “يصفني والد زوجي بأني غير مؤهلة لاستلام المال مع أني أسكن معهم في ذات المنزل مع أولادي ولن أصرف المال إلا على أولادي”.

المحامية روان نصحت عبير بأن تقدّم شكوى ضد والد زوجها لتحصيل حقوقها وحقوق أبنائها، وهذا ما قد يتم بعدما بدأت رحلتها في المكتب القانوني للمرأة.