معهد لتنظيم العمل في مناطق المعارضة
من إحدى ورش التدريب في الداخل السوري تصوير رزان السيد
"قامَ معهد شرق المتوسط بتنفيذ مشاريع للمياه والصرف الصحي، وإعادة ترميم البنى التحتية في عدد من المناطق السورية، ويقوم بمراقبة سير عمل عدد من المشاريع المموَّلة من منظمات دولية في الداخل السوري."
العديد من المؤسسات المتنوّعة، بدأت بالعمل في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في الشمال السوري، كي تسد الفراغ الناجم عن غياب الدولة. لكنّها تواجه مشكلة عدم التنسيق بينها، وأحياناً مشكلة الاستعانة بأشخاص في غير اختصاصاتهم.
هذا الواقع استدعى إنشاء معهد شرق المتوسط للدراسات والتدريب، في مدينة غازي عينتاب في تركيا. وهو يهدف إلى تعزيز عمل الإدارة المدنية، والتنسيق بين المؤسسات الناشئة كالمجالس المحلية والمديريات التنفيذية ومنظمات المجتمع المدني، من خلال ورش تدريب ينفذها في كل من معرة النعمان، حيش، سرمين، كفرنبل، سراقب، بنش، الدانا وغيرها.
معهد شرق المتوسط هو مؤسسة غير حكومية مستقلة لا تتبع لأي جهة أو تيار سياسي، “يُعنى بالنهضة المجتمعية الشاملة لبناء الإنسان فكرياً وإدارياً. كي يمتلك الوعي اللازم والقدرة على المشاركة في التنمية” كما يعرّف المعهد عن نفسه.
موقع حكايات سوريا التقى مدير المعهد صفوان موقت، الذي يقول: “تأسسَّ المعهد في العام 2013. واعتمدنا على دراسات لكشف الإحتياجات التدريبية لعدد من المؤسسات، وبناءً عليه قمنا بتحديد أربع مسارات أساسية للعمل عليها وهيَ: التدريب وتطوير المهارات، دراسات سياسية وعسكرية وديمغرافية في الوضع السوري، المراقبة والتقييم للمشاريع وتنفيذ مشاريع داعمة للمؤسسات في مناطق المعارضة”.
ويتابع موقت حديثه عن المعهد بالقول: “يسعى المعهد بشكل دؤوب إلى تنفيذ أهدافه من خلال العمل مع عدد من المجالس والهيئات المحلية. ويركّز على تدريب الكوادر على العلاقات العامة والإدارات المالية والتنفيذية. ولم يقتصر عملنا على التدريب، إنما قمنا بتزويد الهيئات المحلية بالمعدات اللازمة ضمن عملها”.
ويضيف موقت: “غطّينا في مشاريعنا محافظات حلب، إدلب، حماة واللاذقية. وكذلك يستهدف المعهد فئة اليافعين، وقامَ بتنفيذ عددٍ من المشاريع التدريبية لليافعين في المناطق والمخيمات، نظراً لأهمية ذلك بالنسبة لمن نعتبرهم جيل المستقبل”.
وإلى جانب التدريب، قامَ معهد شرق المتوسط بتنفيذ مشاريع للمياه والصرف الصحي، وإعادة ترميم البنى التحتية في عدد من المناطق السورية، ويقوم بمراقبة سير عمل عدد من المشاريع المموَّلة من منظمات دولية في الداخل السوري.
أمَّا الدور الأكبر للمعهد بحسب موقت والذي تتجمّع فيه مجموعة من التحديات، هو تنسيق العمل بين الجهات العاملة على الأرض بين مجالس محلية وشرطة حرة ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى الوجهاء، كي يتم فصل كل جهة عن الأخرى لناحية الصلاحيات بالإعتماد على خصوصية عمل كل جهة بين إدارية وعسكرية وداعمة للعمل المجتمعي. وقد تمَّ هذا الدور بنجاح نتيجة لقاءات عديدة أشركت جميع الأطراف بحسب موقت.
وبالنسبة لآلية التدريب فهي تتم عن طريق دعوة المؤسسات والمجالس المحلية إليها، ولمدة معينة تتراوح بين الأسبوع والشهر. ويتم خلالها طرح كل المعوقات والمشاكل المتعلقة بعمل المؤسسات المحلية. فتعمل هذه الورش على إيجاد حلول مناسبة لها، كما وتبين خلال عملها دور هذه المؤسسات وكيفية فاعليتها بشكل أفضل وبناء قدراتها، وتقييم احتياجات الأهالي في كل منطقة.
ويختتم حديثه معبّراً عن رضاه بالنتائج التي توصلوا إليها بالقول: “لقد أصبحت الجهات المحلية التي عملنا معها تدرك أن العمل بطريقة عشوائية كما في السابق هو استنزاف للموارد البشرية والمالية وأيضاً هو استنزاف للحاضنة الشعبية… وسوف نعمل على تعميم تجربة التدريب وفصل الصلاحيات على جميع المناطق المحرّرة في وقتٍ قريب، لا سيّما أنّ هناك رغبة حقيقية من الجميع بضرورة إنعاش ورش العمل التي تُسهم في عملية النهوض الفكري والعلمي والإداري في الداخل السوري”.
أبو محمد عضو المجلس المحلي في معرّة النعمان يتحدّث عن فوائد تدريبات معهد شرق المتوسط بالقول: “بفضل هذه التدريبات انتقلنا من حالة غير منظّمة في العمل إلى حالة منظّمة ضمن مكاتبنا المالية والإدارية والتنفيذية. وبرأيي لقد حققّنا تقدماً نسبته 80% وهذا ما يُعتبر نجاحاً كبيراً نحو مزيدٍ من التطوُّر”.
وهذا ما يؤكّده أبو أيمن (42 عاماً) عضو في المجلس المحلي في مدينة سراقب قائلاً: “لقد قدّم لنا المعهد الخدمات تدريبية والإستشارات إضافةً إلى تنظيم المؤتمرات واللقاءات الجماهيرية المتخصصة بتقديم الدراسات التي تتعلّق بالواقع السوري”.
ويلفت أبو أيمن إلى أنّ إجراء دورة لإعداد المدربين لتمكينهم من التدريب في مجالات العلاقات العامة هو بحد ذاته تجربة تستحق الوقوف عندها.
أمّا بالنسبة لأبو محمود وهو أحد أعضاء المجلس المحلي في كفرنبل فيقول: “إنّ أهم ما يميّز معهد شرق المتوسط أنه يعمل على بناء القدرات الشخصية والتعبئة المجتمعية. وذلك عن طريق منح أعيان ووجهاء المنطقة، دور الرقيب على عمل منظمات المجتمع المدني أو حتى الجهات العسكرية، من خلال إشراكهم في القرار. مما يُسهم في تعزيز الإدارة المدنية في المنطقة”.
ويُضيف أبو محمود: “قامَ المعهد في المناطق التي تسمح بذلك، بإشراك المرأة في العمل لما لها من دور مهم في المجتمع فهي الحاضنة للعائلة”.
سها (28 عاماً) عضو مجلس محلي في ريف حلب، استطاعت مع عدد من زميلاتها الخريجات الجامعيات أن يحظينَ بفرصة المشاركة باتخاذ القرار، في اجتماعات فصل الصلاحيات وكيفية تقسيم الأدوار بين الهيئات. وتقول: “حصلَ ذلك بدعم من معهد شرق المتوسط. من خلال العمل ضمن المكاتب التعليمية والصحية في المجالس المحلية، وأنا سعيدة جداً بعملي هذا وأتمنى تعميم تجربة إشراك المرأة في اتخاذ القرار في جميع المناطق السورية المحرّرة”.