مشغل التريكو إكتفاء ذاتي بجهود النساء
Women at Tricot workshop. A private photo from the workshop's archive.
في ظل تردّي الأوضاع المعيشية التي يقاسيها الأهالي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ونتيجة حصار النظام، كان لا بدَّ للمرأة أن تأخذ دورها إلى جانب الرجل. بتاريخ 22 أيلول/سبتمبر 2016، في مدينة معرّة النعمان تمَّ افتتاح مشروع التريكو للنسيج، بدعم من برنامج تمكين للمبادرات المحلية وتحت إشراف المجلس المحلي في المدينة.
المشروع الذي تشرف عليه خمس مدربات، يهدف إلى تدريب عدد كبير من نساء المدينة من أجل تأمين مهنة كريمة تُعينهن وعوائلهن على مصاعب الحياة… كما يهدف للوصول إلى الإكتفاء الذاتي، وبالتالي تأمين الصوف المنسوج لأهالي معرّة النعمان.
نائبة رئيس اللجنة المركزية في برنامج تمكين في إدلب، د.عائشة الطعمة (37 عاماً) تقول لموقع حكايات سوريا: “مشغل التريكو هو أحد المشاريع النسائية في الدورة الأولى للبرنامج في المدينة. وتعهدت اللجنة النسائية العمل عليه بدءاً من دراسة المشروع مروراً بالتنفيذ. مع العلم أنّ المشروع قد تمّ اختياره من قبل نساء المدينة أنفسهن، وذلك من خلال زيارة مراكز تجمّع النساء وسؤالهن عن أولويات المشاريع بالنسبة إليهن، فوقعَ الإختيار على مشروع التريكو، بعدما حصلَ على العدد الأكبر من الأصوات”.
وتُضيف الطعمة: “يتضمّن المشروع رؤية لاستدامته بأن يكون إنتاجياً وتأمين المزيد من فرص العمل، وتدريب المزيد من السيدات، حيثُ تُعطى الأولوية لنساء الشهداء والمعتقلين الأكثر حاجة.”
وبحسب د.عائشة الطعمة، أنهُ في حال تمّ تحويل المشروع إلى إنتاجي، سيتم تغطية السوق المحلية حسب الطلب من المنتجات الصوفية، وذلك لعدم تواجد مشغل آخر للتريكو في المدينة أو المنطقة المحيطة بها… وبالتالي سيستفيد السكّان في هذه المناطق، علماً أنهُ قد تمَّ تخصيص شهر من إنتاج المشروع لتلبية الطلبات التي وصلت للمشغل، بعد المعرض الذي أُقيم فيه وقد أُعجِبَ الحضور بجودة العمل.
وتؤكّد الطعمة أنّ علاقة لجنة تمكين بإدارة المشغل لا تقتصر على التعاون وإنما على دعم ومراقبة وتقييم سير عمل المشروع، حتى انتهاء مدة دعمه المحددّة بالدراسة، واللجنة هي الراعي له بكل احتياجاته. كما تُلفت إلى أنه كان من المقرر دعم المشروع لمدة ثلاثة أشهر فقط، لكن بعد النجاح الذي حققه، قررت لجنة تمكين تمديد الدعم لشهرين آخرين ودفع حوافز مادية للمتدربات.
بدورها قالت مشرفة المشغل سلمى بلاني لموقعنا: “الهدف من المشغل تعليم النساء على آلات التريكو من أجل تأمين مدخول مادي لعائلاتهن وتأمين الاكتفاء الذاتي للمجتمع في ظل الحصار الذي تفرضه قوات النظام على المناطق المحررة، وهناك إقبال كبير من قبل النساء حيث تمّ تعليمهن هذه المهنة من قبل مدربات محترفات في المركز”.
خالد الجربان (31 عاماً) عضو في المجلس المحلي لمدينة معرة النعمان، يقول: “قام المجلس المحلي في المدينة برفع عدة مقترحات لمشاريع مختلفة إلى لجنة تمكين لدعم المبادرات المحلية، ومن بين هذه المشاريع كان مشروع التريكو الذي تمّت الموافقة عليه وبدء العمل به تحت إشراف المجلس. وقد تمَّ إنشاء صالة عرض لمنتوجات هذا المشغل يتم فيه بيع القطع الصوفية بسعر التكلفة من أجل تغطية مصاريفه في المستقبل”.
أم حسن (40 عاماً) متدربة في المشغل، تقول لموقعنا: “افتتاح مشغل التريكو أمّن لنا كنساء فرصة كبيرة، خاصة في ظل نقص فرص العمل في مناطقنا”.
وتُضيف أم حسن: “بعد أن فقدتُ زوجي في معركة تحرير المعرّة، لم يعد لي مَن يُعيلني، فصرتُ أتلقّى الصدقات التي تأتي أحياناً من هنا وهناك. لكني قررت أن أعيل نفسي وأطفالي، والتحقتُ بالمشغل لتعلُّم مهنة التريكو… والآن صار بإمكاننا إنتاج قطع صوفية جيدة”.
متدرّبة أُخرى رفضت الكشف عن اسمها تقول: “أنا أم لثلاثة أطفال، اعتُقل زوجي منذ سنة في مدينة حماه، فقررت ُالعمل لتأمين لقمة العيش، وكان نصيبي أن أتعلّم التريكو من خلال التدرُّب في المشغل، وقاموا بتعليمنا على فك الآلة وعياراتها، حتى أصبحَ بإمكاني الآن فك الآلة وتركيبها من جديد”.
وعن أول انجازاتها في المشغل تقول: “أول عمل شاركت فيه هو معرض لمنتوجات المشغل من الصوف في صالة المشغل المخصصة للعرض، حيث استمر لثلاثة أيام وبيعت فيه القطع بسعر التكلفة”.
مع تصاعد الأحداث الأمنية في سوريا، ومع ما يُعانيه المدنيون وبشكل خاص النساء الأرامل وزوجات المعتقلين، أصبحت هذه المشاريع ضرورة، لتأمين حاجيات كثير من النساء، كي تمارس المرأة دورها في مجتمع، يتطلّب من الجميع بحسب مقدراته، أن يُناضل كي يبقى على قيد الحياة.