مشروع مياه كفرنبل أصبح واقعاً على الأرض

الشرطي المنشق عن قوات النظام فارس الشيخ (39 عاماً) يلجأ إلى صهاريج المياه الجوالة لتأمين المياه لمنزله. بسبب تعطل الشبكة الرئيسية في مدينة كفرنبل في ريف إدلب الشمالي منذ أكثر من ثلاث سنوات.

فارس الشيخ ليس الوحيد في مدينة كفرنبل الذي يعاني من تعطل شبكة المياه الرئيسية، ومن ارتفاع سعر حمولة صهريج المياه. وتصل سعر الحمولة أو نقلية المياه أحياناً إلى عشرة دولارات أميركية، حيث تحتاج أغلب الأسر ذات الدخل المتوسط في المدينة إلى حمولة صهريجين أو أكثر في الشهر الواحد، وهو ما جعل السكان يتحملون أعباء أكثر من السابق.

انقطاع المياه عن المدينة، واستغلال أصحاب الآبار الجوفية و الصهاريج للسكان في مدينة كفرنبل، دفع منظمة اتحاد المكاتب الثورية العاملة في ريف معرة النعمان الغربي إلى دراسة مشروع لإيصال المياه إلى المدينة، من خلال تأهيل أربعة آبار تقع عند أطراف المدينة. رئيس مكتب التخطيط والدراسات في المنظمة أسامة الأحمد (33 عاماً) يشرح للخطوات التي مهّدت لهذا الإنجاز: “قامت منظمتنا بوضع دراسة شاملة للمشروع، وبعد ذلك تم تقديم المشروع إلى منظمة المجلس الديمقراطي في كاليفورنيا  في 1حزيران/يونيو 2012  وتمت الموافقة عليه، وتوقيع مذكرة تفاهم بتاريخ 15نيسان/ابريل 2014 وبدأ تنفيذ المشروع بتاريخ 15حزيران/ يونيو 2014 “.

تمديد أنابيب شبكة مياه كفرنبل تصوير عمر الحسين

وبحسب الأحمد تم تنفيذ المشروع على مرحلتين، المرحلة الأولى تم فيها تجهيز البنية التحتية من بناء بيارة (خزان مياه كبير) وتجهيز المعدات اللازمة للعمل. في المرحلة الثانية قامت المنظمة بتأمين ملحق لتجهيز بئر ثالث مع غطاس ومضخة وملحقاتها، وتأمين صيانة للشبكة في المدينة، وتشغيل المشروع لمدة شهرين”.
ويقول مدير المكتب المالي في منظمة اتحاد المكاتب الثورية عبد الوارث البكور (35 عاماً): “أن كلفة المشروع الإجمالية هي630 ألف دولار أميركي، مع تشغيل المشروع لمدة شهرين، حسب الاتفاق الموقع مع منظمة المجلس الديمقراطي في كاليفورنيا”.

مدير المشروع محمود القرجي يقول: “بسبب انقطاع كافة وسائل المياه عن المدينة والتي مصدرها آبار اللج، تم تجهيز المشروع، وحفر الآبار وشراء مستلزماتها عن طريق منظمة اتحاد المكاتب الثورية من المنظمة الداعمة للمشروع. وتم ضخ المياه في الشبكة الرئيسية لمدينة كفرنبل بعد عملية الصيانة، والمشروع حاليا يوفر المياه لنحو 40 ألف نسمة”.

المهندس عبدالله الخطيب يقول: “إن مدينة كفرنبل كانت تعتمد على تأمين مياه الشرب من آبار قرية اللج، في سهل الغاب، كما قام الأهالي بحفر عشرين بئر سطحي، وبعد الاحتجاجات زادت هذه الآبار لتصل إلى 120 بئر سطحي، وهذه الآبار تعتمد في تخزينها على مياه الأمطار، أما آبار مشروع المياه الجديد، فهي آبار جوفية، قامت مؤسسة المياه التابعة للحكومة بحفرها، وتوقفت بسبب اندلاع الاحتجاجات”.

لاقى المشروع ترحيباً كبيراً من قبل السكان في مدينة كفرنبل، حيث يقول فارس الشيخ  الذي يعمل حالياً في مركز شرطة كفرنبل الحرة “منذ ثلاث سنوات ونحن نؤمن المياه لمنازلنا عن طريق الآبار الجوفية في المدينة، ووصل سعر خزان المياه إلى عشر دولارات أمريكية، وفي فصل الصيف تزداد حاجتنا إلى المياه، وقد تعادل كلفتها أحياناً نصف ما أتقاضاه كتعويض شهري، أما الآن وبعد وصول المياه إلى منازلنا فإننا نحتاج إلى خزان أو خزانين كحد أقصى”.

مدير مشروع المياه يرد عدم اكتفاء الناس من المياه شهرياً بسبب المشاكل في تأمين مادة المازوت اللازمة لتشغيل محركات الديزل، والأعطال في الشبكة.

يشكو عامل البناء مصعب الحسين (45عاماً) وهو أب لخمسة أبناء، من عدم وصول المياه إلى منزله على أطراف المدينة، ويقول: “علمت أن المياه بدأت تصل إلى المنازل، ولكن في حيّنا لم تصلنا المياه أبداً”.

عامل الصيانة في مشروع مياه كفرنبل والذي فضل عدم ذكر اسمه  يقول: “كنت أعمل لأكثر من 15عاماً في شركة المياه في مدينة كفرنبل، وكانت أعطال الشبكة دائمة بسبب الضخ المتواصل في الأنابيب وهو أمرعادي، وبعد قطع المياه من الخط الرئيسي لمدة ثلاثة أعوام زادت الأعطال كما كان لقصف الطيران العشوائي دور كبير في تدمير شبكات الأنابيب الرئيسية”.

 

أم أحمد ربة المنزل وأم لخمسة أبناء (52 عاما) قالت من جهتها: “نحتاج يومياً إلى برميلين من المياه أو أكثر، فالمنزل كبير وبحاجة للتنظيف يومياً، وهذا عدا عن الأشجار والزهور فهي أيضا تحتاج إلى كمية معينة من المياه، وكنا في السابق نحتاج إلى ثلاث خزانات شهرياً، أما الآن نقوم بشراء خزان واحد أو لا شيء في الشهر”، ورحبت أم أحمد بالمشروع ووصفته بالمهم وأنه ساعدها كثيراً، كما طالبت منظمة اتحاد المكاتب الثورية بمزيد من المشاريع الخدمية المفيدة للمدينة”.
بعد تنفيذ مشروع المياه هذا قامت منظمة المكاتب الثورية، بتسليمه للمجلس المحلي في المدينة. رئيس مكتب الدراسات والتخطيط في منظمة المكاتب الثورية أسامة الأحمد يقول: انطلق المشروع بعمليات الضخ بتاريخ 15 نيسان/ابريل2014 وتم تسليم المشروع للمجلس المحلي لمدينة كفرنبل بتاريخ 16حزيران/ يونيو2015″.
أكد رئيس المجلس المحلي في مدينة كفرنبل نزيه البيوش: “أن المجلس المحلي استلم مشروع مياه كفرنبل، وقام بتشكيل وحدة مياه مستقلة لإدارة المياه في المدينة من صيانة و جباية وتشغيل”.
أمّن المشروع أيضا فرص عمل للعديد من العائلات في المدينة، حيث يقول البيوش: “المشروع حالياً بحاجة لكلفة تشغيلية قدرها أربعة ملايين ليرة سورية، وذلك في حال بقي سعر برميل المازوت 20 ألف ليرة سورية، كما تم توظيف 28 شخصاً في وحدة المياه”.

وبحسب مدير المشروع محمود القرجي “أن مشروع مياه مدينة كفرنبل هو لتأمين مياه الشرب والاستهلاك المنزلي، وليس لري الأراضي الزراعية”. وأوضح القرجي “أن مدينة كفرنبل لا تعتمد على الزراعة المروية، بل تعتمد على الزراعة البعلية (مياه الأمطار) لهذا كان الاعتماد على تأمين مياه الشرب والاستهلاك المنزلي”.  وقال القرجي “يؤمن المشروع حالياً 50% من حاجة أهالي مدينة كفرنبل، في ما يخص الشرب والاستهلاك المنزلي، وفي حال استكمال المحطة بالآبار الباقية الغير مجهزة، سيتم تأمين حاجة مدينة كفرنبل وكل من قرى البريج والجدار وبسقلا المحيطة بالمدينة”.
من جهة يعتقد أسامة الأحمد في ختام حديثه: “إن مشروع بهذه الضخامة وهذا التنظيم يعتبر اليوم من المشاريع الفريدة في المنطقة، وتسعى منظمة اتحاد المكاتب الثورية  لتأمين مشاريع من هذا القبيل في المنطقة، في كل من قرى كفرومة وحزارين وغيرها”.