مشروع كفالة طالب ليتكفل غيره مستقبلا
إعلان كفالة طالب على صفحة المنظمة في موقع فايسبوك
"التعهد الذي تطلبه المنظمة من المستفيدين من المبادرة بتدريس طلاب آخرين ريثما يخرجون إلى سوق العمل، تعلله المنظمة بحرصها على استدامة المشروع ونشر روح التكافل بين الناس."
داخل مقهى مطل على البحر في مدينة اللاذقية، يعمل عمر (19 عاماً) إبن مدينة السويداء على تلبية طلبات الزبائن في دوامه المسائي. عمر قصد اللاذقية بهدف الدراسة في كلية الهندسة.
عمر اجتاز امتحان الشهادة الثانوية بنجاح واختار الدراسة الجامعية في الفرع الذي كان يحلم به، إضافة إلى حصوله على منحة ساعدته للدراسة تلك الكلية. المنحة التي حصل عليها عمر هي كفالة طالب المقدمة من منظمة “بيتي أنا بيتك” في محافظة السويداء.
وبحسب عمر فإن الأوضاع المادية الصعبة التي كان يعيشها كما العديد من السوريين، وضعته أمامه خيارين، إما ترك الجامعة والبقاء في السويداء، أو إيقاف دوامه والذهاب إلى بيروت للعمل ومن ثم العودة لاتمام دراسته الجامعية.
ويقول عمر: “أخبرني أحد زملائي عن مبادرة كفالة طالب، المقدمة من منظمة “بيتي أنا بيتك”، وهي منظمة محلية في السويداء. حيث تقدم المنظمة مبلغاً مادياً شهرياً يساعد الطالب في دراسته. على أن يقوم الطالب المستفيد من المنحة بالتعهد بإنه حين الانتهاء من الدراسة والدخول في سوق العمل يقوم بكفالة طالب آخر ويساعده على إتمام دراسته” .
ويضيف عمر: “وبالفعل قمت بالتقديم على المبادرة، بعدها زارت لجنة من المنظمة بيتي واستوفت مني المعلومات الضرورية ومن ثم تم قبولي للحصول على الكفالة”.
ويختم عمر كلامه بالقول: “هذه المبادرة شكلت لي ولغيري من الطلاب فرصة، لنستمر في جامعتنا، القليل من المنظمات تعنى بطلاب الجامعات. أصبح الآن لدي حلم بإنني فور تخرجي سأكون جزءاً من هذه المبادرة أساعد أولاد بلدي في الاستمرار بتحصيلهم العلمي” .
أحد أعضاء مجلس إدارة منظمة “بيتي أنا بيتك” في مدينة السويداء فضل عدم ذكر اسمه يقول: “أن مبادرة كفالة طالب تأسست في عام 2015 حين طلب أحد المغتربين من المنظمة ترشيح 5 طلاب ليتكفل المغترب بتدريسهم على حسابه. عملت المنظمة على تطوير تلك المبادرة الفردية لتصبح مبادرة جماعية”. وبحسب عضو مجلس الإدارة هناك 13 داعم لتعليم الطلاب، المبادرة تدعم اليوم نحو 40 طالباً. تتوزع اختصاصاتهم بين الطب البشري والصيدلة والهندسة والحقوق والعلوم والعلوم الانسانية والآداب.
آلية التقديم على المنحة تتم من خلال تعبئة استمارة للطالب، تتضمن كل المعلومات الأسرية والتعليمية إضافة إلى الدخل الشهري. ومن ثم يتم التقييم من قبل لجنة مختصة، تحدد مدى استحقاق الطالب والمبلغ المراد دفعه له. ومن ثم يتم التواصل مع المتبرع الذي يتكفل بدفع المبلغ.
الناطق الرسمي بإسم المنظمة سامر (43 عاماً) يقول لـ “حكايات سوريا”: “تأسست منظمة بيتي أنا بيتك في عام 2012 بدأنا بالعمل الإغاثي وكانت عبارة عن مبادرات فردية بالاعتماد على المغتربين من أبناء السويداء. ومن ثم قمنا بعدة مبادرات لتعليم الضيوف الذين اتوا إلينا من خارج المحافظة”.
ويصرّ سامر على تسمية اهالي المحافظات الذين نزحوا إلى السويداء بالضيوف.
ويضيف سامر: “الآن أطلقنا منصة طالب، بدأنا بممأسسة المبادرة الشخصية عن طريق جمع بيانات عن الطلاب المحتاجين في المحافظة. بحيث ان يكون تحديد من هو الطالب المستفيد بطريقة موضوعية دقيقة لنحول الموضوع من حالة فردية إلى حالة عامة”.
سامر صمم برنامج يحدد بالمعايير ماهي الدراسة المستهدفة وبأي جامعة وأين سيقيم الطالب، بالإيجار أو في سكن مجاني، وكم سيدفع بدل تنقلات وعدد أفراد الأسرة ومعدل دخلها. هناك لجنة خاصة للتحقق من البيانات وزيارة تقييم للأسرة، وبعدها يتم بعث الملف إلى أحد المغتربين الذين نتواصل معهم ليوافق على تكفل الطالب.
وعن سبب قيام المنظمة بمبادرات التعليم أجاب سامر: “نحن نركز على التعليم في عملنا، لأننا نسعى إلى التنمية المستدامة، ويعد التعليم أفضل الطرق للوصول إليها. ناهيك عن ان التعليم يعتبر الخط الدفاعي الأول عن المجتمع في البلدان المتقدمة، فما بالك بسوريا التي تعيش حرباً قضت على البشر والحجر فيها. وحالياً نسعى إلى نشر هذه التجربة في محافظة طرطوس عن طريق زملاء لنا في منظمة اخرى تعمل هناك”.
ويعتبر سامر: إن وجود الجمعيات بهذا الشكل دليل عجز المؤسسات الرسمية عن تلبية احتياجات الناس. فليس مهمة هذه المنظمات الأهلية أن تقوم بالتكفل بدراسة أولاد هذا البلد، لكن العجز الرسمي عن تلبية احتياجات الطلاب كان الدافع الأول لخروج هذه المبادرات في مواجهة التخلف والجهل”.
التعهد الذي تطلبه المنظمة من المستفيدين من المبادرة بتدريس طلاب آخرين ريثما يخرجون إلى سوق العمل، تعلله المنظمة بحرصها على استدامة المشروع ونشر روح التكافل بين الناس. وكي يعلم الطالب أن ما يحصل عليه ليس هو صدقة دون مقابل بل سيأتي يوم يفي هذا الدين لطالب آخر قد يعيش في ظروف صعبة.
أحد المغتربين والذي كان من أوائل المتبرعين في برنامج كفالة طالب، رفض الكشف عن اسمه لاعتبارات انسانية يقول: “كنت من أوائل الناس الذين انضموا للفكرة رغم وجودي خارج حدود الوطن لكنني لا زلت متعلقاً فيه وأبذل مافي وسعي إلى تطويره”.
ويضيف المغترب المتبرع: “العلم أساس المجتمع والظروف التي يمر بها البلد تحتاج لتكاتف الجميع. بالعلم تستطيع بناء الانسان وطالب العلم الذي استطاع برغم الوضع الصعب الوصول الى مستوى تعليمي جامعي ممتاز هو بالفعل يحتاج الدعم لإكمال مسيرته التعليمية”.
“رغم أجواء الحرب التي تعيشها البلاد والأزمة الاقتصادية التي يرزح تحتها الناس هنا، إلا أن هناك أشخاص يؤمنون أن لا شيء سوى التعلم والتعليم سينهض بهؤلاء الناس من تحت الركام ويقف في وجه الحرب وآثارها الدموية التي أصابت جميع السوريين”. بهذه الكلمات ختم اللقاء أحد القائمين على الحملة.