مشروع رؤيا لتمكين اليافعين السوريين
تبدو الطالبات منشغلات في أحد أنشطة مبادرة رؤيا لتمكين اليافعين السوريين
“ما أجمل طعم النجاح، وما أروع الأحلام حينما تتحقق على أرض الواقع، وتصبح حقيقة تراها العين، وما أجمل أن يمسي نجاحي شيئا أراه وأعيشه”. بهذه الكلمات عبر الشاب عدي السليم عن شدة فرحه بتفوقه حين نال الشهادة الثانوية العامة بفرعها العلمي بمعدل ممتاز.
عدي الذي يستعد اليوم لدخول كلية الهندسة المعلوماتية التي طالما كان يحلم بها. هو واحد من عشرات الشبان الذين استفادوا من مشروع رؤيا الذي أطلقته منظمة تكافل الشام الخيرية في بداية العام 2018 .
في ظل الحرب السورية المدمرة، وفي ظل موجة قاسية من التشتت والضياع التي تتعرض لها الأجيال، كان مشروع رؤيا السبّاق في مد يد العون والمساعدة لانتشال اليافعين من الضياع والتخلف، وخلق جيل واع يتحلّى بالقيم، ويتمتع بالعلم والمهارة، يسهم في بناء مجتمعه.
مدير مشروع رؤيا الأستاذ يمان الحسن (33 عاماً) يقول لحكايات سوريا: “تعتبر مرحلة عمر اليافعين بالغة الأهمية، كون المعارف والمهارات المكتسبة خلال تلك المرحلة تشكل الأساس الذي تبنى عليه تطلعات الشباب للمستقبل. ولأننا بحاجة لجيل واع قادر على التغيير البناء، ولأنهم يشكلون مستقبل سوريا القريب كان مشروع رؤيا لتمكين اليافعين السوريين”.
ويلفت الحسن إلى “أن الفئات العمرية المستهدفة هي فئة اليافعين واليافعات من عمر 12 حتى 16عاماً. ويتم التدريب ضمن مركزين أحدهما في غازي عينتاب ويضم حوالي مئة طالب وطالبة، ومركز آخر في ترمانين في سوريا ويضم ما يزيد على الـ 200 طالب وطالبة تم اختيارهم وفقاً لآلية ومعايير محددة”.
وبحسب الحسن فـ “أن المشروع يتم تنفيذه على أربع مراحل أساسية، وعلى مدار سنتين مرحلة صيفية ومرحلة شتوية في كل سنة. حيث تقدم خلالها المحاور بشكل أساسي ويلتحق اليافعين بمراكز آمنة ومجهزة بأدوات التدريب والحماية في سوريا وتركيا. وصولاً لإنهاء البرنامج وقد اكتسبوا المهارات والمعرفة التي تخولهم متابعة حياتهم الجامعية والمهنية بمايحقق النفع لهم ولمجتمعهم” .
وعن البرنامج الذي تعتمده المنظمة يوضح الحسن: “قمنا بإعداد منهج خاص بناءً على معايير محددة من قبل مختصين وأساتذة أكاديميين في التربية والإرشاد النفسي، العاملين في مجال تأهيل اليافعين بموجب مقترحات وتوصيات مدربين بمجال اليافعين. ومن ثم تحكيم المنهج من مجموعة خارجية من المختصين وأكاديميين في علم النفس والتربية والمناهج، كما يحتوي المنهج على أدلة خاصة لكل من الميسرين ومشرفي المراكز والأهالي تتضمن الأنشطة والأدوار”.
وعن الصعوبات والتحديات التي تواجه عمل المشروع يقول الحسن: “ثمة صعوبات مادية حيث يعاني المشروع من قلة الدعم، وأيضا هناك مشكلة الاستمرارية حيث يمتد المشروع على مدار سنتين. وبسبب النزوح وحالة عدم الاستقرار ، وخاصة بالداخل السوري ينقطع عدد كبير من الطلاب عن المشروع، وأحيانا ينقطع البعض بسبب انصرافهم للعمل بغية إعالة ذويهم في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة الراهنة”.
مدرب مهارات الحاسوب في المشروع أحمد الشاذلي(41 عاماً) يقول: “لقد كان التفاعل جيداً، وكان لدى اليافعين شغف كبير لتلقي المعلومات والمهارات التي يعتمدها التدريب. بيد أنه كانت هناك بعض التحديات من حيث أن البعض لا يمتلك حاسوباً، فقدمت إدارة المشروع لليافعين فرصة التدرب على حواسيب المشروع خارج أوقات الدوام “.
ويضيف الشاذلي: “المشروع الصيفي لمشروع رؤيا للعام الحالي يتضمن منهاج مهارات الحاسوب الأساسية التي غطت ثلاثة برامج هي الورد والإكسل والبوربوينت، وفي نهاية التدريب قدم اليافعين مجموعة عروض تقديمية تعبر عما تعلموه خلال هذا النادي، ولاحظنا المجهود الكبير الذي بذله اليافعون واليافعات أثناء تقديمهم لهذه العروض”.
ويتمنى الشاذلي في نهاية حديثه أن يستمر الذين شاركوا في نشاطات المشروع بتطوير مهاراتهم في مجال الحاسوب وفي شتى المجالات التي ستفيدهم بحياتهم العملية والمهنية والدراسية في المستقبل .
سامر الأيوب (16عاما) أحد أبناء الأسر المهجرة من الغوطة الشرقية يقر بأنه كان عصبيا في الأسبوع الأول من التدريب في مشروع رؤيا، حيث أنه لم يكن يعرف أحداً، ولكن عندما أجرى التدريب على المهارات الحياتية، وقام مع أقرانه بأنشطة متنوعة سرعان ما أصبحوا بالنسبة إليه كالأخوة والأخوات.
يقول الأيوب : “أفضل مافي المشروع هو أننا نتلقى فيه التعليم في جو أشبه بجو العائلة، أصبح لدي الكثير من الأصدقاء الجدد. تعلمت مواطن القوة والضعف لدي. وبدأت أشعر أنه أصبح بإمكاني أن أفعل شيئاً لأساعد مجتمعي”.
المختصة في الإرشاد والدعم النفسي ناديا العلوش (40 عاماً) من جهتها أشادت بفكرة المشروع التي قامت على نزع صور ومآسي الحرب وضغوطاتها من أذهان الناشئين وإطلاق العنان لأفكارهم وإبداعاتهم.
وأكدت العلوش بأنه من المهام التي يجب أن يقوم بها الأساتذة على صعيد مساندة اليافع وتقديم الدعم النفسي له، هي تلك المهام التي ترتبط بتنمية قدرات اليافع على مختلف الأصعدة، وتشجيعه على القيام بما يريد أو يختار من دون الحكم عليه أو على أفكاره وتصرفاته. فهنا يأتي دور المدربين في تفهم اليافعين وإرشادهم وتوجيههم على الطريق الصحيح ليختاروا ما يناسبهم وما يصقل مواهبهم وقدراتهم .