مركز القدس للعلاج الفيزيائي في سوريا

بعض معدات مركز القدس للعلاج الفيزيائي تصوير ديما موسى

بعض معدات مركز القدس للعلاج الفيزيائي تصوير ديما موسى

"خضعتُ لرحلة علاج فيزيائي في مركز القدس لمدة ثلاثة أشهر، ما جعلني أستطيع تحريك يدي بشكلٍ طبيعي. أنا سعيد لأنَّ يدي عادَت لي"

ديما موسى

محمد (22 عاماً) من بلدة جرجناز، تعرَّض لشللٍ نصفي نتيجة إصابته بقصف طائرات الجيش الروسي لمدينة حلب. يقول محمد “أتيتُ إلى مركز القدس، وخضعتُ للعلاج الفيزيائي المكثَّف على يدِ المعالجين. في البداية كنتُ لا أستطيع المشي ولم أستجب للعلاج، لكن بعدَ الإصرار والتحمُّل وتشجيع المعالجين والأقرباء، أصبحتُ أستطيع الوقوف على قدمَي والبدء بالمشي خطوة وراءَ خطوة”.

أسفرت الحرب الدائرة في سوريا عن إصابة عشرات آلاف المدنيين. هذا الواقع دفعَ منظمة سوريا للإغاثة والتنمية  (SRD) إلى فتح مركز القدس للإستشفاء والعلاج الفيزيائي، في بلدة جرجناز في معرة النعمان… ليُطبِّب مُصابي الحرب، وكذلك الأشخاص الذين يعانون من مشاكل منذُ الولادة.

أسماء (15 عاماً) من كفرنبل، تروي تجربتها مع المركز، فتقول: “منذُ الولادة أُعاني من خلع ولادة في قدمي، ولم أكن أستطيع المشي كالأشخاس الطبيعيين. وفي يوم سقطتُ من على الدرج، ما أدَّى لكسر في قدمي، فزادَ حالها سوءاً، وتوقفتْ عن الحركة! إلى أن أتى أحد أقربائنا، ليُخبرنا عن مركز القدس، فذهبتُ إلى المركز، واستقبلني المعالجون والمعالجات فيه أحسنَ استقبال. تلقّيتُ العلاج، ما جعلني أتمكَّن من تحريكَ قدمي بشكلٍ طبيعي، إلى درجة أنها تحسّنت أكثرَ من ذي قبل… وأنا مسرورة جداً بذلك”.

مدير المركز محمد أحمد العبس، يتحدَّث لموقعنا عن المركز، ويبدأ حديثه بالقول: “تأسَّسَ مركزنا بصورة مختلفة عما هو عليه اليوم، في 1 كانون الثاني/يناير 2017. ثمَّ تمَّ تطويره وأسميناه مركزَ القدس. ويضم المركز اليوم خمسة اختصاصيي علاج فيزيائي وأربعة ممرضين للعلاج الطبيعي”.

يشير العبس إلى أنهُ “يوجد 20 سرير للمرضى، وأجهزة متطوِّرة للعلاج الفيزيائي ولا سيّما أجهزة التيارات الكهربائية والتيارات المسكِّنة، وأجهزة الأمواج الصوتية والأشعة تحت الحمراء وفاكيوم وأجهزة الحركة وأجهزة تعليم المشي وسلَّم الحائط وجهاز علاج الحركة الميكانيكية”.

خدمة العلاج مجانية  في المركز. كما يتم توزيع بعض المعدّات والأدوات التي تُساعد المرضى على المشي دون أي مقابل.

يتحدّث محمد أحمد العبس عن مرحلة إعادة تأهيل المرضى، فيقول: “تتشكَّل المرحلة من أعمال ونشاطات متنوّعة، تهدف إلى رفع معنويات المريض. صحيح أنَّ ذلك قد يستغرق أحياناً وقتاً طويلاً، إلاَّ أنَّ الأهم هوَ الوصول إلى النتيجة المرضية”.

ويختم العبس قائلاً: “نستخدم أساليب فعّالة في العلاج الفيزيائي، كالتطبيقات الساخنة والباردة والتيارات الكهربائية والتدليك والتمارين… وكل ذلك من أجل إرضاء مرضانا”.

جمال هشّوم هو أحد المُعالجين في المركز، يروي لحكايات سوريا عن تجربته، فيقول: “أعمل في مركز القدس للإستشفاء والمعالجة الفيزيائية، برفقة أربعة من زملائي، وعملنا مستمر على مدار الـ 24 ساعة، ضمن ضغط عمل كبير جداً. نستقبل كلَّ يوم من 50 إلى 60 مصاباً ومريضاً، ونعطي لكلِّ مريضٍ حقهُ بالعلاج. وصحيح أنَّ ذلك يُجهدُنا كمعالجين، لكن لطالما أنَّ النتيجة مُرضية فلا بأس، لأنَّ جميع المرضى هم أبناء وطننا، ونعمل من أجل صحتهم”.

ويتحدّث الإختصاصي جمال عن تنوَّع الإصابات التي يستقبلها المركز، ومنها الإصابات العصبية والرضيّات الهيكلية، ومنها ما يتصل بالدماغ، وبوظائفه الحركية… كما يستقبل المركز الأطفال والنساء والرجال، أي من كل الأعمار والأجناس.

بدورها المُعالجة الفيزيائية أمل، تقول: “أنا ممرضة، وكنتُ قد خضعتُ لدوراتِ علاجٍ فيزيائي، وبدأتُ العمل في مركز القدس، وأنا سعيدة بعملي. نحنُ نستقبل المريض أوَّلَ مرَّة فنُشخِص حالتهُ، ثمَّ نضع لهُ خطة العلاج ويُصبحُ لكلِّ مريضٍ ملفاً لمتابعة حالته”.

وتُتابعُ أمل: “تتحسّن حالة المريض بنسبة كبيرة جداً، وذلك هو الأمر المتوقَّع، لطالما أنَّ المريض يخضع تقريباً لمعدَّل عشرين جلسة علاج”.

تختمُ أمل حديثها بالقول: “أصبحَ العلاج الفيزيائي من الفروع الطبية التي تزيد أهميتها يوماً بعد يوم، ولا يقتصر عملنا على إصابات الأطراف… فنحنُ نتدخّل في مرحلة علاج المرضى في أمراضٍ أُخرى، كالأعصاب ومشاكل الجهاز التنفسي، ونُشاركُ في تسريع عودتهم إلى حياتهم الطبيعية”.

إبراهيم (25 عاماً) من بلدة حاس، يقول: “بعدما استهدفَ جيشُ النظام بلدتي، كنتُ من بين المُصابين. وجاءت الإصابة في يدي. خضعتُ لرحلة علاج فيزيائي في مركز القدس لمدة ثلاثة أشهر، ما جعلني أستطيع تحريك يدي بشكلٍ طبيعي. أنا سعيد لأنَّ يدي عادَت لي”.

ابراهيم وفي يوم علاجه الأخير في المركز يقول: “أنصح كل مريض بالمجيء إلى المركز… فلولا هذه المراكز، لكان حالنا سيء للغاية”.