مؤتمر المعارضة السورية… أوراق يخرقها الرصاص

بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على اندلاع الثورة ضد النظام في سورية، تجتمع المعارضة في مؤتمرها الأوّل اليوم للبحث في سبل الخروج من هذه الأزمة والولوج إلى نظام ديمقراطي مدني.

تساءل أحدهم: إذا سألنا النظام السوري قبل ستة أشهر، هل هناك عصابات مسلحة، لكانت إجابته قطعا:ً لا. وإن سألناه الآن هل هناك عصابات مسلحة، لكانت أجابته قطعا:ً نعم. فالمشكلة الآن في سورية، بحسب وجهة نظر النظام السوري: كيف تحولت سورية فجأة إلى أفغانستان تحوي الكثير من العصابات المسلحة والمدربة تدريباً عالياً، ولديها الكثير من الأسحلة المتطورة؟ وكيف دخل هذا الكم الهائل من الأسلحة وهناك أكثر من خمسة عشر فرع أمن يعمل على إحصاء أنفاس المواطنين، في كل شهيق وزفير؟

ما سبق ذكره، طرحه بعض الأشخاص في مؤتمر المعارضة الأول الذي عُقد في دمشق تحت عنوان “الانتقال السلمي من دولة الاستبداد والقمع إلى الدولة المدنية والديمقراطية”. الكثير من المداخلات عبّرت عن أسفها لممارسة القمع والتنكيل بالشعب الذي يطالب بالحرية سبيلاً للحياة، بعد خمسين عاماً من الصمت.

المؤتمرون وخلال ثماني ساعاتٍ، ابتداءً من الثانية عشرة ظهراً وحتى الثامنة مساءً، طرحوا الكثير من الأفكار والكثير من الآراء ليخلصوا إلى بيان تضمن عدداً من النقاط أبرزها:

– دعم الانتفاضة والحراك الشعبي وأهدافهما ودعم التحول إلى دولة مدنية تعددية تضمن المساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن العرق والجنس والدين.

– وقف الحل الامني وسحب القوى الأمنية من البلدات والقرى وتشكيل لجنة تحقيق.

– ضمان حرية التظاهر السلمي من دون اذن مسبق.

– إطلاق معتقلي الرأي السياسي والمعتقلين على خلفية التظاهرات الاخيرة.

– وقف التجييش الإعلامي من اي جهة كانت وادانة ما قام به الاعلام الرسمي وشبه الرسمي لتشويه الحقائق.

– إدانة جميع أنواع التحريض الطائفي والتأكيد على وحدة الشعب السوري.

– اعادة اللاجئين والمهجرين إلى منازلهم وحفظ أمنهم وكرامتهم وحقوقهم.

– إدانة سياسات او ممارسات او دعوات من اي جهة كانت تشجع على التدخل الاجنبي بأي شكل من الاشكال.

قد تكون هذه لحظة تاريخية للبعض لأنها جمعت 175 شخصاً معارضاً وسط دمشق لم يحلموا ذات يوم أن يجتمعوا فيها ويحاولوا إسقاط النظام بهذه الطريقة، حتى ولو افتراضياً. حاول الكاتب لؤي حسين، المنسق العام للمؤتمر، توجيه أنظار الحاضرين إلى حالة الغربة عن الحراك السياسي الحاصل في الشارع السوري التي يعاني منها الكثير من المثقفين والمفكرين. وقال حسين إن جميع الحضور ليسوا مسلحين أو إرهابيين أو مخربين أو لديهم أي أجندة مرسومة مسبقاً سوى ما قالوه دوماً بأن النظام الاستبدادي الذي يحكم البلاد لا بد له من الزوال وإقامة نظام ديمقراطي مدني على أسس المواطنة وحقوق الإنسان ليحقق العدالة والمساواة لجميع السوريين.

وطرح بعد ذلك المعارض المعروف ميشيل كيلو ورقة عمل تضمنت حلولاً لأزمة خلقها النظام من خلال استبداده. وأكد كيلو أن “المعارضة الداخلية كانت وطوال فترة نضالها مع هذا النظام وحيدة لم تساوم ولم ترواغ ولم تنبطح، واليوم هناك الملايين في الشارع، ستبقى المعارضة كما هي وستبقى مع هذا الحراك الشعبي”.

وأثناء انعقاد المؤتمر اجتمع عدد من المؤيدين للنظام أمام فندق “سميراميس” المملوك من سليم دعبول، رجل الأعمال الشاب ابن السيد دعبول القريب من الرئيس الراحل حافظ الأسد والحالي بشار الأسد، ليهتفوا الهتاف المعروف “الله سورية بشار وبس”، بالإضافة إلى شعارات تتهم المؤتمرين بالعمالة والخيانة.

تدخلت عناصر الشرطة لفتح الطرق المحيطة بالفندق، بعدما حاول المتظاهرون المعارضون للمؤتمر إغلاقها. ودخل البعض منهم إلى قاعة الاجتماعات بعد نهاية المؤتمر الصحافي الذي عقد في نهاية اللقاء وبدأوا بالهتاف للرئيس بشار الأسد.

المؤتمر خرج  بعشر نقاط استحسنها الجميع حتى النظام السوري. لكنّ كثيرين تساءلوا عن مقدار فاعلية هذه النقاط أمام تأكيد النظام أن الحوار سيبدأ في العاشر من شهر تموز  المقبل، مع استمرار حوار الرصاص في الشارع.