قتلوا فرح ونحن دفعنا الضريبة
طفل يلعب بالقرب من منزل مدمر بسبب قصف قوات النظام السوري للمدينة. الصورة ملتقطة بتاريخ 14-08-2017.
"كثيرة قصص الحرب، وأبشعها تلك التي تنتهي بموت الأبرياء وبقاء القتلة"
كان الطقس يومها حاراً جداً في قرية قبر فضة. وكان أهل القرية يستعدون لحصاد موسم القمحـ وبعده بأيام سيقومون بجني محصول التبن الذي يخلف محصود القمح مباشرة.
يومها جاء أحد سكان قرية شطحه القريبة من قريتنا. كانت قريته لا تزال تحضع لسلطة النظام بعكس قريتنا. جاء ذاك الرجل المسن ويدعى فرح، وأحضر معه حصّادة كبيرة لكي يحصد أرضه وهي محاذية لأراضي قريتنا.
علم أحد شبان القرية بقدوم فرح ليحصد أرضه. أخذ الشاب سلاحه خفية عن أهله وأهل القرية، وذهب متسللا باتجاه الأراضي الزراعية. كان جميع سكان القرية في منازلهم لشدة الحرّ.
مؤيد ذلك الشاب الطائش صوّب سلاحه نحو ذاك الرجل المسن. قتله بطلقتين متتاليتن، ولاذ بالفرار بعد أن سرق دراجته النارية التي كان يركبها. فرح ذلك الرجل المسن لم يؤذ أحداً، جاء لكي يحصد ارضه ويجني منها ماله بعد تعبه ككل عام. قتله مؤيد غدرا وسرقه ولاذ بالفرار.
لم نسمع سوى صوت تلك الطلقتين، ولم يعلم احد ما حدث. وبعد ظهر ذاك النهار بدأت القذائف تنهمر على الأراضي الزراعية. واشتعلت سنابل القمح، واشتعلت معها قلوب المزارعين حزنا وغضباً.
وبعد توقف القصف ذهب الأخالي لإطفاء النيران التي اشتعلت بمحاصيلهم. وهناك علموا بقصة مقتل فرح على يد مؤيد. وكان سائق الحصادة قد أخبر بعض من التقاهم عما جرى وعندما عاد إلى القرية حيث قوات النظام واخبرهم، حصل استهداف المنطقة بالقصف، رغم أن القصف غالباً لم يكن بحاجة لذريعة.
وعلمنا من احد شباب القرية انه شاهد مؤيد وهو يركب دراجة ناريه ليست له وينطلق إلى خارج القرية. أيقن الجميع حينها ان مؤيد هو من قام بذلك الفعل الشنيع. ومؤيد معروف بعصبيته وقسوته.
محاصيل كثيرة تم إحراقها بالكامل فيما تضرر البعض الآخر. كان أصحابها بأشد الحاجه لها. كان الناس فقراء ويعتمدون على جني محاصيلهم. تعبهم راح سدى بسب طيش مؤيد وانانيته.
فرح الرجل الخمسيني الذي قتله مؤيد لا ذنب له. كان مزارعاً لا علاقة له بأي شيء. اما مؤيد ففر إلى أدلب. مؤيد قتل فرح وأهل القريه دفعوا الثمن.
أمضينا الليالي الاولى القليلة نخاف من القصف ومن أن يسقط المزيد من الضحايا. مع الوقت عادت الأمور إلى طبيعتها. قصف متقطع بين الحين والاخر. خسر الأهالي محاصيلهم وخسر فرح حياته وخسر مؤيد اهله وقريته وراحة باله وأصبح قاتلاً بل مجرما بهدف السرقة.
كثيرة قصص الحرب، وأبشعها تلك التي تنتهي بموت الأبرياء وبقاء القتلة.
نور هشام (23عاماً) متزوجه ام لابناء اثنين تحمل الشهاده الثانويه من ريف حماه الغربي نازحه في ريف ادلب المحرر.