فرص عمل في سوريا رغم الحرب
بوجه عابس ونظرة حزينة يقف حائراً أمام طلبات زوجته وأولاده التي تتزايد يوماً بعد يوم، لا يستطيع أن يوفر منها شيئاً. منصور (45 عاماً) واحد من الالاف اللذين فقدوا وظائفهم، ولأسباب مختلفه.
لم ييأس منصور من إيجاد الحل، راح يبحث عن فرصة عمل جديدة فكانت زيارته لمقرّ المكاتب الثوريه في كفرنبل. هناك التقى منصور مسؤول المنظمة الأبرز وهو رائد الفارس (48 عاماً) الذي لم يتلكأ عن مساعدته. تم تعيينه موظفاً إدارياً في المنظمة، بمرتب قدره 100 دولار أميركي. الوظيفة هي تحديداً في قسم إنشاء وإدارة مدراس أجيال التي أنجز بعض أقسامها في بلدة حزارين جنوب غرب كفرنبل. عن عمله يقول منصور “لقد باشرنا باستقبال طلبات شخصية من قبل بعض ذوي الشهادات الجامعية العاطلين عن العمل لتوظيفهم كمدرسين في المدارس”.
يقول رائد الفارس “لقد تم تأمين حوالي 450 فرصة عمل جديدة منذ بداية العام 2015 لأعمال مختلفه لصالح منظمة المكاتب الثورية في كفرنبل”. وعن نوع تلك الأعمال يوضح الفارس أنها تضم بالإضافة للتدريس، وظائف إدارية في المنظقه ومنشطين في مراكز الأطفال، مدرّبات في مركز مزايا، محامين في مركز محامين من أجل العدالة، وظائف في المجال الطبي والاستشفائي، ووظائف في مجال الهندسة ومتابعة مشاريع الإنشاءات والبناء والتجهيز.
ولفت رائد الفارس إلى تركيز المنظمة أيضا على مراكز التدريب والتأهيل المهني، حيث تقام ورش تدريب في مجالات مختلفة منها في مجال الإعلام والصحافة ومنها في المجال الإداري. وهذه الورش التدريبية تساهم في تعزيز الكفاءات والمهارات وتوفر بالتالي الخبرة للباحثين عن فرص. فورش تدريب المراسلين الصحافيين وتزويدهم بالمهارات المطلوبة تعطيهم دفعا معنويا جيداً. أما الوظائف الإدارية فهي تحتاج لخبرة في مجال متابعة المشاريع وتنفيذها، إعداد دراسات مالية، وهو ما يتم توفير ورش عمل للتدريب عليه إضافة إلى دورات للقائمين على رعاية الأطفال ودروات في مجال توثيق الانتهاكات. وهذه الدورات كما يوضح الفارس مهمه لمن لا يملكون شهادات عليا. ويؤكد رائد الفارس انه في سبيل تأمين فرص العمل هذه يمضي أغلب وقته في تأمين الدعم للمكاتب الثوريه عبر التنسيق والاتصال بمنظمات خارجيه من بينها: جمعية البرنامج السوري الإقليمي، مشروع بابولين، منظمة كريانف، رجال المنتدى السوري للأعمال بشكل عام. أما خدمات المنظمة فيقول رائد الفارس بأنها تغطي معظم جبل الزاوية وكفرنبل.
ماجد (38 عاماً) كان يعمل مهندساً في إحدى دوائر ادلب قبل تحريرها. وبالرغم من عدم مشاركته في أي نشاطات ثورية، توقف راتبه بسبب خوفه من الذهاب شخصياً إلى حماه لاستلام الراتب. لم يعدم ماجد وسيلة، وبدأ البحث عن فرصة عمل جديدة، وجدها لدى منظمة بنفسج التي استلمت قسما من مؤسسة المياه في إدلب المدينة. وكانت منظمة بنفسج أعلنت عن وظائف جديدة لأصحاب الشهادات، وخاصة في المجال الهندسي. يقول ماجد “تعينت مهندساً براتب وقدره 400 دولار أميركي. عادة ما يتم الإعلان عن هذه الوظائف في مكتب إدارة المدينة الذي يتبع بدوره لمجلس شورى أعلى. ويضيف ماجد “أن بنفسج وفتح التي تتبع لجيش الفتح هما ابرز منظمتين تتبنيان مشاريع على الأرض في إدلب المدينة. ومن بين هذه المشاريع المشروع الخدمي الذي تتبناه بنفسج في إزالة الحواجز الإسمنتية والحجريه من الطرقات وتنظيفها، ودهن الحارات. بالتالى أعلنت عن وظائف جديدة في سبيل تحقيق هذا المشروع”. احتار ماجد بادئ الأمر بين وظيفته هذه وأخرى لدى منظمة غول في حارم، تتبنى الأخيره مشروع ضخ مياه اﻵبار الارتوازية في كافة أنحاء حارم. لذلك اعلنت في سبيل هذا المشروع عن وظائف لمهندسين وفنيين ولكنه اختار الوظيفة الأولى لقربها من منزله في إدلب.
ماجد أخبر صديقه المهندس أحمد (45 عاماً) عن فرصة العمل مع منظمة غول، ويقول أحمد “بعد اطلاعي على شروط العمل على سارعت للتقديم، وأصبحت الآن موظفا لديهم بمرتب قدره 400 دولار أميركي شهرياً “. ولفت أحمد إلى وجود فرص عمل أخرى في منظمة غول في حارم، وهي في مجال الإغاثة وهي مهمة لغير الحاصلين على شهادات.
زينة رحيم (30 عاماً) تعمل صحفية ومدربة في معهد صحافة السلم والحرب قامت بتدريب أكثر من 100 ناشط وناشطة في مختلف أنحاء مناطق سوريا المحررة . يعمل 30 منهم لدى جهات إعلاميه مختلفة. أمل (40 عاماً) من كفرنبل كانت من بين اللواتي تلقين إحدى هذه الدورات التدريبيبة في تشرين أول/أوكتوبر 2014، في مركز مزايا تقول “لم أحصل على وظيفة منذ تخرجي من الجامعة عام 2004. والظروف المعيشية كما لايخفى على احد صعبة هذه الأيام، لذلك اعتبرت الدورة فرصة جديدة للحصول على عمل”.
مركز مزايا النسائي تقصده العديد من النساء اللواتي يبحثن عن فرص عمل جديدة، خصوصاً مع اتساع وتنامي نشاطات المركز وفروعه. مديرة المركز غاليه الرحال (42 عاماً) تقول “أن تعيين موظفات جدد مستمر، مع اتساع نشاطات المركز وفروعه .غاليه تنتقي لكل وظيفة الموظفة الملائمه لها حسب دراستها ومهنتها. وأغلب اللواتي تقوم بتوظيفهن حالياً هنّ من ذوي الحالات الإنسانية الصعبة، تحديداً القادرات على العمل منهن. وتشيرغالية الرحال إلى أنه تم افتتاح مكتب خاص بالتوظيف وشؤونه في مبنى المكاتب الثورية في كفرنبل. وتوضح الرحال أن أغلب اللواتي يعملن في مركزها وفروعه هن مدربات، يدربن أخريات على اكتساب مهن محددة كالخياطه والتطريز والتمريض وغيرها.
ناهد (45 عاماً) واحدة من الأرامل اللواتي يعملن في مركز مزايا تقول “لم أكن أتوقع يوماً أن أصبح خياطة ماهرة. أتقنت المهنة وأعمل حالياً كخياطة نسائية، وأتقاضى مبلغ 500 ليرة سورية عن الفستان الواحد”. بروح ملؤها التفاؤل تنهي ناهد حديثها بالقول “نحن شعب اعتاد ألّا يقطع الأمل بالحياة، واعتاد أن يستقبل الألم ويعيد بناء مستقبله من جديد بقدرات شعبه و بسواعد أبنائه .”
بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي