فرص جامعية جديدة في مناطق المعارضة
من إحدى قاعات التدريس في المعهد الجامعي تصوير شادية تعتاع
"الكثير من الطلاب الذين انقطعوا عن دراستهم لسنوات عدّة بسبب ظروف الحرب، أو الطلاب الجدد، يثبتون إصرارهم على العلم للوصول إلى النجاح ولبناء وطنهم"
كان فايز الدغيم يحلم منذ صغره أن يصبح صحفياً، لكن درجاته لم تؤهله الالتحاق بكلية الإعلام حيث ان النظام كان يفرض في جامعاته الحصول على درجات معينة لكل فرع. وفور سماعه بخبر افتتاح معهد التقاني للإعلام في إدلب، بادر إلى التسجيل دون تردد.
وكانت جامعات سورية عدة فتحت أبوابها أمام آلاف الطلاب في مدينة إدلب وريفها، منها كلية العلوم السياسية والمعهد التقاني للإعلام في منطقة أطمة عند الحدود السورية التركية… حيثُ يضمُّ المبنى الكلية والمعهد كاختصاصين قريبين من بعضهما، وهامّين في زمن الحرب.
وعاد الطلاب إلى مقاعد الدراسة بعد أن حرمهم النظام من الذهاب إلى جامعاتهم بسبب تشديد الاجراءات على الوافدين من مناطق المعارضة.
فايز الذي عمل في مجال تغطية الأخبارخلال الثورة باتَ أحد طلاب المعهد التقاني للإعلام، بعدما ترك دراسته سابقاً في كلية التربية بسبب ظروف الحرب.
عن تجربته في دراسة الإعلام يقول فايز لموقعنا: “بحكم عملي كناشط إعلامي وباعتباري قد خضعت لدورات في الإعلام، فإنَّ معظم المواد التي أدرسها اليوم في المعهد، لدي اطلاع عليها… لكن أهم ما تعلمته منذ انضمامي إلى المعهد هو الأخلاقيات المهنية، التي قد تكون شبه غائبة عن كثيرين منا بحكم العمل الإعلامي ضمن حالة الصراع.”
تشجّع الكثيرون لدراسة الإعلام، نظراً لأهميته في زمن الثورة ولإيصال صوت الشعب… ويبقى اكتساب المهارات وصقل الخبرات لعدد من الناشطين الإعلاميين أمراً ضرورياً، حتى لو كانوا قد مارسوا المهنة.
في هذا السياق يحدّثنا أحد مدرّسي المعهد التقاني للإعلام كرم شيخ علي (32 عاماً)، فيقول: “في بداية الثورة، منع النظام وسائل الإعلام الأجنبية من الدخول إلى سوريا، ما أدّى إلى بروز ظاهرة الناشطين الإعلاميين باجتهادٍ شخصي لتغطية الأحداث على الأرض…”
ويضيف شيخ علي: “كان من الضروري تأهيل الناشطين عن طريق الأكاديميات المتخصّصة في مجال الإعلام، واليوم، المعهد التقاني للإعلام بات مكاناً أساسياً لصقل قدرات الناشطين والطلاب الذين يرغبون بدراسة الإعلام”.
ريهام (24 عاماً) مهتمة بالشأن السياسي، اختارت الدراسة في كلية العلوم السياسية حيث تقع كليتها إلى جانب المعهد التقاني للإعلام… تقولُ ريهام لموقعنا: “قضيتُ عامين قابعةً في المنزل بلا دراسة، أتحسَّر على ما راح مني من سنين عمري… لذا بتُّ مستعدّة للالتحاق بأي فرصة دراسية لتعويض السنوات التي ضاعت مني”.
وبالفعل التحقت ريهام بكلية العلوم السياسية، ما إن تمَّ الإعلان عن افتتاحها… وذلك رغم الصعوبات التي تواجهها كالمواصلات وأجورها المرتفعة لبعد المسافة بالنسبة لمعظم الطلاب، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على المراجع العلمية والبحثية.
أمّا الهاجس الأكبر الذي يلاحق الطلاب في جامعات ومعاهد مناطق المعارضة، سواء العلوم السياسية أو معهد الإعلام أو غيرها… هو الاعتراف بشهاداتهم خارج مناطقهم، رغم الوعود من إدارة الجامعات بالسعي المتواصل للحصول على اعتراف من جامعات تركية وعربية وحتى عالمية.
وللوقوف على ما يتصل بقضية اشهادات التقينا بعميد كلية العلوم السياسية والمعهد التقاني للإعلام د. كمال عبدو الذي يقول: “إن طلابنا يتساءلون عن مسألة الاعتراف بالشهادة التي يحصلون عليها، وهل بإمكانهم متابعة تحصيلهم العلمي في الجامعات التركية أو السعودية… لقد أجرينا عدة اتصالات ومناقشات مع الحكومة التركية وبشكل خاص مع وزارة التعليم هناك، والاعتراف قادم خلال فترة قصيرة جداً، سواء من الحكومة التركية، أو من دول عربية، وكذلك من الاتحاد الأوربي… فسعيُنا لن يتوقّف”.
ويبقى أن الكثير من الطلاب الذين انقطعوا عن دراستهم لسنوات عدّة بسبب ظروف الحرب، أو الطلاب الجدد، يثبتون إصرارهم على العلم للوصول إلى النجاح ولبناء وطنهم رغم كل التحديات التي يواجهونها في مناطق المعارضة.