غلاء اسعار في كفرنبل جراء إغلاق معبر باب الهوى

هزاع عدنان الهزاع

(كفرنبل، سوريا) – منذ 20 كانون الثاني/ يناير 2014، وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير، تصطف السيارات والشاحنات على الجانبين التركي والسوري من معبر باب الهوى لعدة كيلومترات. المعبر يتم إغلاقه وفتحه بشكل عشوائي منذ ذلك التاريخ أمام السيارات والشاحنات، بسبب تفجير سيارتين مفخختين فيه، قضتا على أكثر من ستة عشر شخصاً، ولكن يسمح للأفراد بالعبور، واستثناءً لقليل من السيارات والشاحنات كل يوم. تفجير السيارتين المذكورتين هو انعكاس للصراع الذي تشهده سوريا منذ مطلع العام 2014 بين تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) وفصائل أخرى من المعارضة المسلحة.

الجانب التركي من معبر باب الهوى في أيار/ مايو الماضي -  دماسكوس بيورو
الجانب التركي من معبر باب الهوى في أيار/ مايو الماضي – دماسكوس بيورو

يبلغ طول الحدود التركية-السورية حوالي 900 كيلومتر. وتضم هذه الحدود عدة معابر بين الدولتين، أهمها -من الغرب إلى الشرق- معبر كسب الذي يسيطر عليه النظام، يليه معبرا باب الهوى، وباب السلامة، الخاضعان لسيطرة الجبهة الإسلامية، ثم يأتي معبرا جرابلس وتل أبيض، الخاضعان لسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش)، يليهما معبرا رأس العين والقامشلي، وتسيطر عليهما المعارضة الكردية.

يؤثر إغلاق المعابر على حياة السوريين الاقتصادية، وخاصة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في النصف الشمالي من سوريا، بسبب الاعتماد الكبير على البضائع القادمة من تركيا في هذه المناطق، بعد أن تراجع الإنتاج الزراعي والصناعي بشتى مجالاته بسبب الصراع المسلح.

الأسعار في أسواق كفرنبل التي يفوق تعداد سكانها الثلاثين الفاً، تأثرت بالإغلاق المتكرر لمعبر باب الهوى، الذي يبعد نحو 100 كيلومتر عن المدينة.

تاجر المواد الغذائية علي الحروب (45 عاماً)، قال إن أكثر من نصف سلعه يأتي من تركيا، وأوضح الحروب أن أسعار السمن والزيت والرز ودبس البندورة والبيض ارتفعت بعد ثلاثة أيام من إغلاق المعبر، في شهر كانون الثاني/يناير 2014 بنسبة عشرة بالمئة تقريباً، ووصلت هذه النسبة إلى أكثر من 20 بالمئة بعد شهر.

ويعتقد الحروب أن ارتفاع الأسعار لا يعود إلى إغلاق المعابر تحديداً، وإنما “لجشع التجار دور كبير في ذلك”، حيث يرفع بعضهم أسعار سلعهم كلما أغلق المعبر الأقرب إليهم، ولو كان الإغلاق لساعات. وأوضح الحروب أنه “لا توجد أية آلية لمراقبة الأسعار في ظل انعدام مظاهر الدولة” في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

وتحدث كل من بائع المواد المنزلية عبد الكريم الحنيني (60 عاماً) وتاجر الأدوات الكهربائية محمد العبود (65 عاماً) عن ارتفاع في أسعار قسم من بضائعهما تجاوز الخمسة عشر بالمئة منذ شهر كانون الثاني يناير 2014، بسبب إغلاق المعابر. وأوضح كلاهما أن نحو نصف بضاعتهما يأتي من تركيا، وهي على الأغلب مصنوعة في تركيا أو في الصين.

أما محمد المنصور (30 عاماً)، الذي يبيع الفروج المستورد من تركيا، فقال إن نسبة ارتفاع سعر الفروج الذي يشتريه وصلت إلى أكثر من ثلاثين بالمئة خلال ثلاثة أيام من إغلاق معبر باب الهوى بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2014. وتوقع المنصور المزيد من الغلاء أو نفاد المادة من السوق. وبالفعل فقد نفدت هذه المادة من السوق اعتباراً من تاريخ 20 شباط/فيراير 2014، أي بعد شهر من الإغلاق، بعد أن ارتفعت أسعارها بنسبة نحو خمسين بالمئة.

الفروج القادم من تركيا يأتي مجمداً، وهو على الأغلب تركي أو أوكراني، وأسعاره تتراوح حول المئتين ليرة والخمسين ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، وهو الملاذ الوحيد لكثير من السوريين أمام تجاوز سعر الفروج السوري الأربعمئة والخمسين ليرة للكيلو غرام الواحد، وهو ارتفاع حاد بالمقارنة مع فترة ما قبل الثورة، حيث لم يكن يتجاوز سعر الكيلوغرام الواحد حينها المئة والخمسين ليرة.الخضار والفواكه، عوضاً عن تصنيفها كجيدة أو سيئة، يتم الإشارة إليها حالياً بحسب مصدرها – من سوريا أو تركيا.

تتواجد عادة الخضار والفواكه المنتجة في البلدين بشكل كافٍ نسبياً في أسواق كفرنبل، ولكن إذا فقدت المنتجات المزروعة في أحد البلدين من السوق، يرتفع سعر تلك القادمة من البلد الثاني بشكل صادم. وبهذا الخصوص تحدث بائع الخضار أحمد البشير (35 عاماً) عن فقدان البطاطا والبندورة التركيتين من السوق منذ الشهر الأول من العام 2014، بسبب إغلاق المعابر، وأوضح أن هذا الأمر أدى إلى ارتفاع سعر البطاطا والبندورة السوريتين من نحو 90 ليرة سورية لليكلو، إلى أكثر من 120 ليرة.

تحدث الناشط في المجال الإغاثي حمزة الهزاع (31 عاماً) عن أثر إغلاق المعابر على عمل الأفران الإغاثية، وذلك بسبب صعوبة الحصول على مادة “الخميرة” اللازمة للعجين كلما أغلقت المعابر. ويقول الهزاع إن السبب في ذلك هو عدم إدراج الخميرة ضمن المواد الإغاثية من قبل الهيئات والمنظمات الداعمة. الهزاع يلاحظ كثيراً من التساهل من قبل السلطات التركية مع الهيئات والمنظمات الإغاثية والسماح لعمالها وقوافلها بالمرور إلى سورية، دون التقيد بقرارات إغلاق المعابر.

وقد شهدت الحدود توتراً بالغاً في النصف الأخير من شباط/ فبراير، إذ تعرض مخيم النازحين عند معبر باب السلامة يوم 20 شباط/ فبراير، القريب من منطقة اعزاز، راح ضحيته أكثر من 20 قتيلاً، ثم استهدف انفجار بعد اربعة أيام مستشفى “أورينت” في بلدة أطمة الحدودية قتل جراؤه 12 شخصاً على الأقل.