صندوق ساعد… لمساعدة مَن لم يساعدهم أحد
The Saed team distribute aid baskets provided by the Qatari winter campaign at the al-Karama camps. Photo by: Ihab al-Bakkur
“لا أُصدّق، أصبح عندي مدفأة مازوت! تعالي يا أم محمد تفرّجي على مدفأتي!” تلك هي العبارة التي كانت تردّدها السيدة هند لجارتها بعد أن حصلت على مدفأة، ورأت النار فيها مشتعلةً داخل خيمتها، بعد عامين من البرد في أحد مخيمات تجمع الكرامة.
تحقّقَ حلم هند وأطفالها، عن طريق صندوق ساعد الخيري…
عن الصندوق وحكايته، التقى موقع حكايات سوريا بالأشخاص الذين أطلقوا الفكرة ويديرونها.
المُدرّس ابراهيم قضى في تجمع الكرامة ثلاث سنوات، كانت كفيلة بأن تجعله يرفض وبعض من رفاقه المدرّسين، واقع النزوح… وقبل أشهر أرادوا أن يفعلوا شيئاً لتغيير الواقع في مخيمات اللجوء، فبدأوا بفكرة بسيطة، تجعلهم يلعبون دوراً، لا البقاء مجرد نازحين على حسب تعبير ابراهيم.
وصارت الفكرة “صندوق ساعد الخيري” التطوعي. ويقول إبراهيم لـ حكايات سوريا: “بعد كل هذه المدة في المخيمات، رأيتُ حالاتٍ إنسانية، لا أستطيع تحملها، والعديد منها لا تتلقى أي مساعدة من أحد… وألحظ تقصيراً من بعض المنظمات الإنسانية نحو كثير من هذه الحالات… فخطرَ لنا أنا وأربعة من زملائي المدرّسين قبل أشهر، أن ننشئ صندوقاً لمساعدة هؤلاء الذين لا يُساعدهم أحد. وبدأنا نخبر رفاقنا وأقاربنا عن الصندوق، من أجل جمع التبرعات، حيثُ يقوم كل شخص بدفع مبلغ من المال لمساعدة المحتاجين… وقدّرنا مبلغ التبرع بألف ليرة سورية، كي يكون مناسباً للجميع”.
يتابع ابراهيم: “كنا قد بدأنا تنفيذ الفكرة بسرعة، لأنّ الشتاء كان قد حلَّ. ولم نكن نتخيل أنّ الأمر سيلقى كل هذا التجاوب!”
منير الجدوع، أحد المؤسسين أيضاً في صندوق ساعد، يتحدث عن بعض منجزات الصندوق في فترة وجيزة بالقول: “يوجد المئات من العوائل في المخيمات، التي لا يوجد لها أي معيل، فقمنا بدراسة لمدة يومين في تجمع مخيمات الكرامة كي نرصد الإحتياجات… ثمّ جمعنا مبلغاً لا بأس به وخصصنا لكل عائلة جزءاً منه… وقد تكفلنا ببعض العوائل بأن نقدّم لها الدواء، والبعض قدّمنا لها مواداً عينية من مستلزمات، وبعض العوائل أعطيناها مساعدات نقدية…. كما أننا تعاقدنا مع أصحاب المحلات التجارية والصيدليات الذين كَوَّنا معهم ثقة. كما تواصل معنا حملات إغاثية ومتبرعون، طلبوا التشبيك معهم”.
في تقرير لمركز توثيق الإنتهاكات في سوريا، كان قد نشره على موقعه، وردَ أنّ “عدد النازحين فقط في تجمع مخيمات طريق الدانا-أطمة، بلغ حتى تاريخ نشر التقرير في تموز/يوليو 2014، 68000 نازحاً، ومعظمهم من ريف إدلب وحماه، يتجمعون ضمن ما يقارب الـ 64 مخيماَ”.
هذا العدد الهائل من النازحين والمخيمات قد زادَ عن العام 2014، ولا بد أن يتضمن عوائل وحالات يصعب الوصول إليها من قبل بعض الحملات والمنظمات، ما دعاها للتواصل مع صندوق ساعد من أجل العمل في الوصول إليها ضمن تجمع الكرامة.
ملاذ أبو عرب، أحد المسؤولين عن الحملة القطرية الشتوية لإغاثة اللاجئين، يتحدّث عن سبب تعاملهم مع صندوق ساعد بالقول: “لم تعد الروح التطوعية موجودة بذات الزخم الذي كان موجوداً في بداية الحراك، ولكننا عندما سمعنا بفكرة صندوق ساعد وأنه يقوم بشكل أساسي على التطوع، قررنا التعامل معهم في توزيع قسم من السلل الشتوية بحسب الإحصاء الذي أجروه”.
ويقول أبو عرب: “على الرغم من أن أكثر المتطوعين ليس لديهم خبرة سابقة بالعمل الإغاثي، لكن عملهم كان على درجة جيدة قياساً بمدته”. وأكدَ أنهُ سيكون للحملة تعاملاً لاحقاً مع الصندوق.
بلغ عدد المستفيدين من صندوق ساعد في أقل من شهر، وهو فترة ما قبل موسم شتاء 2016-2017، الـ 150 عائلة مستفيدة، في طليعتها المستفيدين من المحروقات والدواء وحليب الأطفال.
لتكون تلك هي انطلاقة الصندوق، والذي يعد بإكمال المسيرة حتى الوصول إلى بقية الحالات، كما أكد القيمون عليه لموقعنا. خاصة وأنهم يحظون بتشجيع ودعم إدارة تجمع مخيمات الكرامة.
“منذ سنتين لم نحصل على مدفأة، ولا حتى على اشتراك للكهرباء… إلى أن جاء هؤلاء المدرّسون ومن خلال صندوق ساعد، وساعدونا… أنا وأولادي ممتنة لهم”. بذلك تختم السيدة هند حديثها لموقعنا، وهي أم لثلاثة أطفال أيتام… ليتحوّل صندوق ساعد، من فكرة بسيطة لمدرّسين رغبوا في فعل شيءٍ من أجل تغيير الواقع، لمبادرة في طريقها للتغيير والتكاتف في مخميات اللاجئين السورية على الحدود التركية.