صفارات الإنذار لتحذير الأهالي قبيل وصول الطائرات الحربية

يأتي محمد أنور(29عاماً) منذ الصباح حاملاً معه صفارات الإنذار ويقف بشكل يومي في محلّة سوق الهال في مدينة كفرنبل، لما لها من موقع استراتيجي في المنطقة. من هنا بإمكان أنور أن ينذر أكبر عدد من سكان المدينة بقدوم الطائرة الحربية، التي تقصف بشكل يومي عشرات القرى في ريف إدلب، ما يؤدي لمقتل وجرح العشرات من المدنيين. المدنيون من جهتهم يسارعون إلى الاختباء في الملاجئ تحت سطح الأرض عند سماعهم صوت صفارة الإنذار.

من أجل تلافي سقوط العديد من الضحايا ومع استمرار القصف الجوي بالبراميل لبمتفجرة والألغام البحرية من قبل قوات النظام، مستهدفاً القرى والبلدات الخاضعة لسيطرة الثوار منذ 4 أعوام، قام عدد من الناشطين بالاشتراك مع عدد من المراصد الحربية التي تعمل ليل نهار على إخطار المدنيين عبر القبضات اللاسلكية عن وجود طائرات حربية في السماء، بالعمل على تفعيل جهاز صفارات الإنذار، من أجل تنبيه أكبر قدر ممكن من الناس، وخصوصاً أن القبضات اللاسلكية ليست موجودة إلّا بمتناول فئة قليلة من السكان.

المسؤول عن صفارات الانذار التابعة للدفاع المدني محمد أنور وخلال لقائه مع “دماسكوس بيورو” قال: “تعمل صفارات الأنذار مع إنطلاق الطائرات الحربية والمروحية، أو حتى دويّ أصوات قذائف المدفعية وقبل وصول الطيران الى المدينة، ويكون ذلك بعد إخطارنا بذلك من قبل المراصد الحربية التي تتابع الطائرات عند  إقلاعها من المطار”.

جهاز صفارة الإنذار في كفرنبل بانتظار الطائرات تصوير عاصم المنصور

ويضيف الأنور: “أقوم بتشغيل الصفارة التي اعتاد الناس على سماع صوتها، والتي بات يعرفها الجميع. وعند سماع صوت الصفارة يعلم جميع الناس أن هناك طائرات في السماء، وقد دخل منطقة العمل التي يريد القصف فيها.  فيقوم الناس باللجوء إلى الملاجئ والأقبية ويبدأون بإخلاء الأماكن المزدحمة والأسواق التجارية قدر الإمكان، خوفاً من استهدافها، وقد سبق وأدى قصف الطيران الحربي  إلى وقوع مجازر بحق المدنيين في السوق الرئيسي لمدينة كفرنبل”.

وعلى الرغم من صوت صفارات الإنذار المرتفع والذي يسبب هلعاً عند السكان وخصوصاً الأطفال، يرى عدد من المدنيين أن هذه الفكرة جيدة وأنها خطوة على الطريق الصحيح في إخطار المدنيين عن قدوم الطائرات الحربية، بالتالي من شأنها إنقاذ أرواح أكبر قدر ممكن من الناس، وخصوصأ مع عدم وجود سلاح يمنع طائرات النظام من قصف القرى والمدن.

عبد الله الإسماعيل (43عاماً) أحد المواطنين من مدينة كفرنبل يؤكد أن هذه الفكرة هي سلاح يوازي المضادات الأرضية التي يستخدمها الثوار للتعامل مع الطائرات الحربية التابعة للنظام، ولكن دون أن تجدي شيئاً بسبب ارتفاع الطائرات الحربية. ويقول الإسماعيل: “أملك أحد المحلات التجارية في السوق التجاري في وسط المدينة، وقعت مجازر بفعل قصف الطيران الحربي للمنطقة وراح ضحيتها أكثر من 60 مدنياً، ولهذا أعتقد أن من شأن هذه الفكرة أن تنقذ أرواح الأبرياء”.

ويضيف الإسماعيل: “قبل وصول الطائرات الحربية إلى الأجواء،  يقوم المسؤول عن الصفارة بإطلاق زمور الانذار، ما يعني أن على سكان المدينة أخذ الاحتياطات اللازمة، والتأهب  لحصول غارة جوية. بعضهم ينزل إلى الملاجئ والطوابق السفلية للمباني، فيما يبادر آخرون إلى إغلاق جميع المحلات التجارية، ونحن نعمل على هذا المبدأ ونسعى وراء رزقنا حتى لو تحت القصف وليس لنا ملاذ نلتجئ فيه وليس لنا خيار آخر في سد رمق العيش”.

فرق الدفاع المدني في المدينة تسعى لتوفير أجهزة صفارات الإنذار لتوزيعها على العاملين في هذا المجال، حيث يقوم أحد المتطوعين بتسلم الجهاز والعمل عليه في المواقع الاستراتيجية والمرتفعة،  لإيصال صوت الإنذار لأكبر مساحة ممكنة وأكبر عدد ممكن من السكان وإنذارهم بالخطر القادم من السماء.

يقول أبو خالد (47عاماً) أحد العاملين في فرق الدفاع المدني: “يجب على المنظمات الإنسانية والمجالس المحلية دعم هذه الأفكار الرائعة وتعميمها في جميع مناطق المحررة التي تتعرض لقصف يومي من قبل الطيران، وذلك من أجل تأمين حياة المدنيين والتخفيف من أضرار القصف. كان من الواجب على أصدقاء الشعب السوري والذين يتخذون موقفاً مؤيداً للثورة السورية  دعم  قوات الثوار بمضادات للطيران، من شأنها منع طيران النظام من قتل المدنيين الأبرياء وتخفيف هذه المعاناة التي يعيشها السوريون المدنيون والأطفال في كل يوم.”

من جانبه يقول عضو المجلس المحلي في مدينة كفرنبل أبو جميل (31عاماً) لـ”دماسكوس بيورو”أن هذه الأفكار التي من شأنها  حماية المدنيين هي موضع اهتمام المجلس، لما لهذه الطرق من دور في جلب السلام للمدينة وتخفيف أكبر قدر ممكن من الاضرار، ونسعى في المجلس لدعم مثل هذه المشاريع وتعميمها على كل ضواحي المدينة من أجل ألا يبقى شخص واحد دون أن يسمع صفارات الإنذار”.

ويضيف أبو جميل : “إن قلّة الدعم المقدم من قبل الائتلاف الوطني، هو العائق الدائم بوجه تنفيذ أي مشروع، فالأموال المقدمة التي تصل إلينا لا تكفي لتنفيذ مشروع صغير في المدينة”.

لاقت فكرة صفارات الإنذار ترحيباً واسعا في باقي المدن والمحافظات السورية، حيث قام عدد من أبناء مناطق ريف حمص وريف حماة بإبتكار جهاز للتنبيه يسمى البوق، وهو عبارة عن معدات ومواد بسيطة، مؤلف من خزان فارغ يتم تعبئته بالهواء ووصله ببوق يكون على مرتفع عال في أي بلدة من أجل إيصال صوت البوق إلى أكبر مسافة ممكنة.

ويوضح الناشط الإعلامي الحمصي خالد المشهداني (24عاماً): “أن فكرة البوق التي اعتمدها أهالي ريف حمص بالتنسيق مع عدد من الناشطين في الجمعيات الأهلية وفرق الدفاع المدني، جاءت من أجل تنبيه المدنيين بعد القصف المستمر الذي يتعرض له ريف حمص”.