“سيرياتل” تحجب “الجزيرة” وتتجسس على السوريين

سارة نوفل

 

بما أن نصف الحقيقة هو كذبة أخرى يرفع الموقع الإخباري السوري الخاص “دي برس” شعار “أكثر من نصف الحقيقة”، أي باللغة الإعلامية السورية هذه الأيام “أكثر من مجرد كذبة” وهو بهذا يعبر فعلاً عن مسيرة الإعلام السوري الخاص في تناوله أخبار الانتفاضة الشعبية في البلاد. إعلام يتم تسييره أمنياً بخفة اكبر من الإعلام “البروباغاندي” الرسمي الذي بات مضرباً للمثل في مدى سوقيته واستخفافه بعقول السوريين وسواهم من المتلقين، ما دفع كثيراً ممن يتعثرون بشاشاته من حين لآخر لرفع شعار “لا للاستحمار” على وزن “لا للاستعمار” في اللغة العربية والذي درج في فترة تاريخية سابقة ويعاود النظام اليوم اللعب عليه لمنع أي تحرك دولي بالمعنى الإنساني لإغاثة المتظاهرين السوريين السلميين المطالبين بالحرية الذين تطالهم يد إجرام زبانية أمن النظام قتلاً واغتيالاً وجرحاً واعتقالاً منذ حوالي 7 أسابيع إلى اليوم حتى جاوز عددهم العشرة آلاف وفق منظمات حقوقية متابعة.

"أكثر من نصف الحقيقة"

وآخر “استحمارات” “دي برس” الإعلامية ما نقلته مؤخراً عن إحدى شركتي اتصالات الخليوي السورية “سيرياتل” والتي أعلنت عبر الموقع عن “إيقافها خدمة أخبار (الجزيرة)” وذلك بسبب ما قالت إنه “تلاعب قناة (الجزيرة) برسائل المشتركين”!

ولا يطول المقام ببيان شركة “سيرياتل” إحدى احتكارات الملياردير السوري رامي مخلوف – إبن خال رأس النظام بشار الأسد – قبل أن يعرّف هذا  “التلاعب” بأنه خطوة حجب للمعلومات التي توفرها قناة “الجزيرة” بذريعة أنها “أصبحت مؤخراً جزءاً من الحملة الإعلامية الشرسة التي تستهدف أمن وطننا ومجتمعنا السوري الذي نحن جزء منه”.

ليتضح الأمر من أنه لا يعدو كونه مجرد وسيلة أخرى من وسائل الحرب الإعلامية التي يشنها النظام السوري ورموز فساده المالي للتعمية على ما يجري في البلاد ومنع وسائل الإعلام العربية والأجنبية من توفير تغطية صحفية مستقلة للانتهاكات المشينة المرتكبة بحق المطالبين السلميين بالحرية ليخلوا بذلك الساحة لوسائل تضليلهم هم، ليس في الإعلام الرسمي فحسب وإنما كذلك الخاص مثل “شام برس”، و”سيريانيوز”، و”شام نيوز”، و”الدنيا”، و”سوريا الغد”، وبالطبع “دي برس” ذاتها.

لكن الأخطر من بيان “رامي مخلوف” على لسان شركته التي يحلو لبعض السوريين تسميتها “سرقة تل” هو الطريقة التي تغاضت فيها “دي برس” “المهنية” والملتزمة معايير “الصحافة الاستقصائية” عن اعتراف صريح من الشركة المذكورة بانها تتجسس على رسائل المشتركين وخطوطهم عندما تقول في بيانها “وهذا ما لمسناه بشكل عملي لذلك قمنا خلال فترة زمنية محددة خلال شهر نيسان الماضي بمتابعة الرسائل القصيرة التي كانت ترسل من قبل مشتركينا إلى قناة “الجزيرة مباشر” والتي تجاوز عددها الأربعين ألف رسالة كانت منها نسبة الرسائل المؤيدة لأمن واستقرار سورية ووحدة السوريين حوالي 98,7% والتي لم يظهر منها شيء على قناة الجزيرة مباشر على الرغم من اقتطاع ثمنها، مما يخل أساساً باتفاقنا مع الجزيرة القائم على عرض كل ما يصلهم من رسائل مشتركينا، ناهيك عن الهدف التحريضي والغايات المبيتة لهذا الفعل”.

ويجد المواطن السوري نفسه اليوم أسير “الخيارات” الإعلامية المحدودة التي توفرها شركتا إحتكار خدمة الهاتف النقّال في البلاد “إم تي إن”، و”سيرياتل”، والتي تنحصر بالإعلام الرسمي للنظام، ومؤسسات إعلامية خاصة أخرى تابعة للنظام وتتبنى وجهة نظره المعادية للمطالب الشعبية مثل “تلفزيون الدنيا”، و”المركز الاستراتيجي للدراسات العربية والدولية”.