سوا نعمرها لترميم منازل المتضررة
"مشروع "سوا نعمرها" يشمل ترميم وإصلاح المنازل المتضررة في قريتي كفرعويد وكنصفرة التابعتين لجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي إضافة إلى إصلاح شبكات المياه والصرف الصحي فيها. "
(إدلب-سوريا) أيام قاسية أمضتها أم وائل بعيداً عن منزلها المهدم بفعل غارات الطائرات الحربية التي استهدفت بلدتها كفرعويد في العام 2016. اضطرت للتنقل بين بيوت الإيجار هنا وهناك، إلى أن أتيح لها أخيراً العودة إلى منزلها بعد أن تم رميمه مع بداية فصل الشتاء.
وما كانت عودة أم وائل إلى منزلها ممكنى لولا منظمة بركة الإنسانية التي أطقلت مشروع “سوا نعمرها” في ريف إدلب الجنوبي بتاريخ 16/7/2017، وهو والذي من المقرر
أن يستمر حتى أول مارس/آذار 2018. ويهدف المشروع إلى تحسين وضع المأوى للعديد من العوائل المتضررة، إضافة لتأمين فرص عمل لعدد كبير من الشباب.
تعبّر أم وائل عن سعادتها بترميم منزلها قائلة “أكثر ما أفرحني وأولادي الأربعة أننا لن نضطر لقضاء الشتاء بعيداً عن منزلنا، يكفي أن نشعر بدفء جدرانه حيث قضينا فيه أجمل أيام حياتنا بحلوها ومرها”.
وتسترجع أم وائل ذكرياتها أيام كان زوجها معهم قبل اعتقاله، قبل أكثر من ثلاثة أعوام. وتقول أم وائل: “كنا نجتمع حول مدفأة الشتاء مساءً فنتسامر وتعلو ضحكاتنا، كنا عائلة سعيدة ولكننا أصبحنا كمعظم العائلات التي فرقتها الحرب”.
مشروع “سوا نعمرها” يشمل ترميم وإصلاح المنازل المتضررة في قريتي كفرعويد وكنصفرة التابعتين لجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي إضافة إلى إصلاح شبكات المياه والصرف الصحي فيها.
وثمة معايير يتم بموجبها ترميم المنازل، تلك المعايير يتحدث عنها المدير الميداني للمنظمة ويدعى صبحي تعتاع (32عاما) يقول: “استهدف المشروع الأرامل وزوجات المعتقلين والعوائل التي لا تملك دخلاً ثابتاً، أو تلك التي لديها حالات من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو مختطف أو معتقل، إضافة للأيتام”. ويشير التعتاع إلى أنهم بصدد ترميم أكثر من 400 منزل في البلدتين آنفتي الذكر.
سحاب الحسين (40 عاماً) قضى ولدها جراء القصف الذي استهدف منزلها قبل أكثر من عامين، كانت تعيش بعيدة عن منزلها الذي لم يعد يصلح للسكن، ولكنها اليوم وبفضل المشروع تمكنت من العودة إليه.
سحاب تتألم لما مرت به مع غيرها الكثيرين وتتذكر لحظات وفاة ولدها قصي، وتواسي نفسها قائلةً “أعلم أنني لست الوحيدة ممن فقدوا أعزاء عليهم في هذه الحرب ولكنني عل يقين بأن دماء أبنائنا ستزهر نصراً مبيناً بإذن الله، فالظلم لا يدوم والطغيان لا شك وأنه سيفنى يوماً ما، وأتمنى أن يكون هذا اليوم قريباً جداً”.
سحاب تحاول أن تتجاوز أحزانها وتبدأ حياة جديدة في منزلها الذي غدا جاهزاً للسكن ، وهي بدورها تشكر جميع القائمين على المشروع والذين وصفتهم بـ “أصحاب الأيادي البيضاء”.
يسهم المشروع بتشغيل عدد لا يستهان به من العاطلين عن العمل، ومن هؤلاء الشاب عثمان الإدلبي (28 عاماً) والذي أمضى وقتاً طويلاً بلا عمل على الرغم من أنه المعيل لوالديه المسنين وزوجته.
يعمل الإدلبي اليوم ضمن مشروع “سوا نعمرها” ويصف عمله بأنه “لا يخلو من الصعوبة كونه في مجال البناء، والعمل فيه يستغرق أكثر من 9 ساعات يومياً، ولكنه بالوقت نفسه عمل ممتع ومسلي ويعود بالفائدة علي وعلى عائلتي” .
بالنسبة لأبو محمد الرجل الأربعيني فالمشروع أتاح له إيجاد عمل يعتاش منه مع أسرته المكونة من خمسة أولاد وزوجته. ويقول: “كنا نعاني نحن عمال البناء من صعوبة إيجاد عمل وسط ما تعيشه البلاد من حرب وغلاء ونزوح. كادت تتوقف الأعمال العمرانية كون أهالي المنطقة لا يملكون القدرة على إقامة مشاريع بناء لأنها مكلفة من جهة، ولأنهم لا يأمنون أن يبقوا في مناطقهم نتيجة تجدد القصف عليهم بين الحين والآخر من جهة أخرى”.
ولذلك فقد ساعد مشروع سوا نعمرها أبو محمد وغيره من العمال الذين وجدوا فيه فرصة عمل تساعدهم على “تأمين متطلبات شتاء يبدو قاسياً من بدايته كما الأعوام السابقة”.
وتلعب المجالس المحلية في كل من بلدتي كنصفرة وكفرعويد دوراً هاما في تنفيذ المشروع ، سيما وأنهم يمتلكون سجلات موثقة وجاهزة عن المنازل المهدمة وحاجة أصحابها للمساعدة.
رئيس المجلس المحلي لبلدة كفرعويد علاء الددو (35 عاما) يقول: “نحن المجالس كوننا الأكثر معرفة بأهالي مناطقنا، تلجأ إلينا كافة المنظمات والجمعيات لمساعدتها في تنفيذ مشاريعها كل في منطقته. ومن هنا تجمعنا علاقة تنسيق وتعاون بيننا وبين منظمة بركة التي كلفتنا بتنفيذ المشروع”.
ويضيف الددو: “استطعنا إيصال المنظمة إلى مستحقي المساعدة وممن يملكون منازل مهدمة بشكل جزئي”. موضحاً أن المنظمة اختارت المنازل المهدمة بشكل جزئي لكثرة عددها وليتاح لها ترميم أكبر عدد ممكن منها، على عكس المنازل المهدمة كلياً والتي تحتاج لتكاليف كبيرة .
ويختتم الددو حديثه بالقول” لقد أعاد مشروع سوا نعمرها الأمل للكثيرين بالعودة لمنازلهم، وقضاء شتاء أكثر دفئا، وكون المشروع لقي نجاحاً فهو قيد التوسع في معظم مناطق إدلب وريفها”.