سرقوا كل ما نملك
يسألون عن الوجهة
"رجعت أدراجي وركبت الميكروباص بعد ان خيم اليأس والضيق علي. ماذا سأقول لأمي؟ ماذا سأقول لأخي. افكار تؤلمني، كم سيغضي أخي إن علم ان المال الذي بعث لنا به قد سرق!"
استيقظت يومها نشيطة على غير عادتي. بدأت بأعمال المنزل، وبعد ان انهيت عملي كانت قد أصبحت الساعة التاسعة صباحاً.
دخل اخي فؤاد المنزل وأخبرني أن أخي ياسر حوّل لنا مبلغاً من المال، لا بد من استلامه من الى بلدة السقيلبيه الموالية للنظام. وقد حوّل المبلغ باسمي، لأنني أستطيع العبور على الحواجز.
كنت أذهب دائما إلى حماه حيث يسكن خالي، كي أكمل تعليمي. كنت أذهب إلى كلية الفنون الجميلة. احببت الرسم منذ كنت صغيرة .
فرح أهلي جميعا بالخبر ، فنحن بحاجة ماسة للمال. لقد حول لنا مبلغ 150 الف ليرة سورية. “سيفرج حالنا هذا المبلغ” قالت امي.
قررت أن أذهب فوراً الى بلده السقيلبيه كي أحضر المبلغ. ذهبت بواسطة الميكروباص الذي كان يقلني دائما إلى هناك. وقفت عند عارضه الطريق انتظر سيارة اجرة تأخذني إلى مركز الحوالات. ولم انسَ اصطحاب بطاقتي الشخصيه، فهي اصبحت تلازمني دائماً، بسبب كثرة الحواجز الأمنية.
وصلت سيارة اجرة واوصلتني إلى مركز الحوالاتـ دخلت أعطيتهم بطاقتي الشخصية، فسلّموني المبلغ. وضعته في محفظتي وأنا فرحة جداً. هذا المبلغ سيسر والدتي. فنحن منذ شهر نقترض المال من عمّي.
ستصنع لنا أمي مؤونة الشتاء، وسأشتري بعض الملابس التي تنقصني. هذا ما كنت أحدث به نفسي في طريق عودتي.
عندما وصلت الى حاجز النحل في دوار السقيلبيه، رأيت المسؤول عن الحاجز. كان شكله قاسياً ومخيفاً. كان ينزل الناس من الميكروباص. قالوا لنا أن هناك عملية تهريب علموا بها. وراحوا يدققون بكل شيء ويفتشون الجميع.
كانوا يدخلون الأشخاص إلى غرفه صغيرة بالقرب من الحاجز، واحداً تلوا الآخر. لم أعلم ما كانوا يفعلون مع الناس، لكني كنت خائفه جداً. وقفت جانباً انا وجميع من كان معي من النساء. بدأوا بسؤالنا واحدة تلو الأخرى: من أين نحن؟ وللمتزوجات أسئلة عن أزواجهن.
بدأ الرعب يدخل إلى قلبي. قدماي ترتجفان. يا الهي ماهذا الحظ. لقد عبرت كثيراً عبر الحواجز، ولكنها المرة الأولى التي يحدث فيها معي أمر كهذا. جاء دوري، سألني أحدهم، من أين؟ أجبته: من قرية قبر فضه. سألني أين كنت، أجبته عند الطبيب. سألني عن مرضي وعما أحمل معي، فأجبته بأنها أغراض سخصية.
أمسكت بمحفظتي في حركة لا إرادية، كنت خائفة على المال. هذه الحركة دفعته للشك بي. طلب مني تسليمه المحفظة لتفتيشها. أحسست بقلبي يقع مني. حاولت الممانعة ولكنه سحبها بقوة، فتحها ووجد مبلغ المال فيها.
أخذ المال وذهب إلى المسؤول عن الحاجز. وراحا يتحاوران وهما ينظران نحوي. بعدها جاء المسؤول إلي وسألني عن مصدر المال. أبلغته أنني استدنته من اخي كي نفي ما علينا من ديون. نظر إلي نظرة باردة قاسية وقال: لم يعد المال لك، ولا شيء لك هنا. حاولت أن أشرح له ان المبلغ سيذهب لسداد دين، ولكنه لم يصغ. بل هددني بأنه قد يأخذني مع المال أيضاً.
رجعت أدراجي وركبت الميكروباص بعد ان خيم اليأس والضيق علي. ماذا سأقول لأمي؟ ماذا سأقول لأخي. افكار تؤلمني، كم سيغضي أخي إن علم ان المال الذي بعث لنا به قد سرق!
وصلت المنزل، وانا صفر اليدين. جلست أبكي عند باب الغرفة. هرعت أمي تسألني عن حالي. وما إذا أصابني مكروه. أخبرتها وأهلي بما جرى معي. حزن الجميع. لم أكن في موضع الملامة، الجميع هنا يعرف هذا السلوك.
نمت ليلتها حزينة ومرهقة، بعد ان كنت قد اسيقظت نشيطة. لقد سرقوا مني كل ما نملك. سيأتي اليوم الذي تنتهي فيه معاناتنا. وستشرق الشمس من جديد.
نور هشام (23عاماً) متزوجه ام لابناء اثنين تحمل الشهاده الثانويه من ريف حماه الغربي نازحه في ريف ادلب المحرر.