رفض الانشقاق عن النظام فانشقّت عنه

سناء (33 عاماً) من قرية معرشمارين الواقعة في ريف إدلب الشرقي، جميلة، قوية الشخصية، مثقفة. تعرفت على زوجها مازن خلال دراستهما للحقوق في جامعة حلب. زوجها مازن يكبرها بسنتين.

تركت سناء بيت زوجها في حلب عندما تعلق الأمر بحياة المدنيين الأبرياء. تقول سناء “لم أكن أتوقع أن زواجنا سينتهي يوماً وبتهمة الخيانة. عندما أحببته وتزوجت به تطوع في الجيش العربي السوري، وتخرج من الدورة التدريبية برتبة ضابط. كان معروفاً عنه إخلاصه لعمله”. عندما اندلعت نيران الثورة، بدأت المشاكل تشتعل داخل منزلها. وكانا هي وزوجها دائما يصلان في نقاشاتهما وحوارهما إلى طريق مسدود .كانت سناء تحاول دائما إقناع زوجها بفظاعة الجرائم التي يرتكبها النظام، عندما تشاهد الأخبار في التلفاز. وكانت تطالبه بالإنشقاق عن هذا النظام “الفاسد والظالم والمستبد”. وكان زوجها يقول لها دائما “لا يا سناء يجب على الناس أن يتحملوا نتيجة أخطائهم، لقد كانوا يعيشون بعز وكرامة، ولكنهم طالبوا بحرية وهمية وجنوا على أنفسهم. هناك مؤامرة ضد وطننا ويجب أن نقف مع نظامنا لإفشالها”.

وتتابع سناء قصتها مع زوجها قائلة “كان زوجي يجتمع مع اثنين من زملائه اجتماعات مغلقة في غرفة جانبية في المنزل، ويقومون باستخدام جهاز الكمبيوتر المحمول (اللاب توب) الخاص بزوجي”. استطاعت سناء وبعد جهد جهيد “فتح الجهاز والاطلاع على أسرار زوجها. كان هناك محادثات بين زوجها وبين المخبرين في ريف إدلب. استطاعت سناء أن تعرف اسماء اثنين من المخبرين، اللذين كانا يرسلان أسماء وأماكن المشافي الميدانية والنقاط الطبية التي يعالج بها الثوار “المجموعات الإرهابية المسلحة”على حد تعبيرهم. كما وتتضمن الحوارات بينهم الحديث عن أسلحة الثوار وأماكن تواجدهم.

سيدتان تمشيان في حي الشعار في حلب. تصوير حسام كويفاتية

سناء لم تستطع الانتظارأكثرعندما حصلت على هذه المعلومات، وقررت وبشكل حاسم ترك المنزل والعودة إلى أحضان قريتها، ومشاركة أهلها وأهل قريتها معاناتهم.

في اليوم التالي انتظرت ذهاب زوجها مازن إلى مهامه مع النظام “القاتل” كالعادة،

وانطلقت مصطحبة معها طفليها هاني (7 سنوات) وعمار (10سنوات) استقلت سيارة أجرة لإيصالهم من دمشق إلى قرية معرشمارين. كان عليها أن تجتازالكثير من الحواجز التابعة للنظام.   تقول سناء “كلما كنت أمر على حاجز كنت أشعر أن قلبي سيتوقف من الخوف، كان يتملكني شعور أن الجميع يعرفون قصتي، ويعرفون ما يجول في ذهني من معلومات خطيرة. كنت أخشى من فكرة أن زوجي اكتشف أمري وقام بتعميم اسمي على الحواجز من أجل القبض علي والانتقام مني. كنت أضم ولديّ إلى صدري وأدعو الله أن نصل سالمين”.

كانت فرحة سناء كبيرة وعارمة عندما وصلت السيارة إلى بيت أهلها في القرية. كانت تبكي بشدة وهي تضم أمها تارة وتعانق والدها تارة أخرى وتقبل أيديهما.

كان اللقاء الذي ضمّ أفراد الأسرة حاراً وسعيداً. بعد ذلك أخبرت سناء أهلها بالقصة كاملة، وبجميع المعلومات التي استطاعت الحصول عليها.

علاء (29 عاماً) شقيق سناء، أحد القياديين في لواء أحرار الشام. يقول “استطعنا القبض على اثنين من المخبرين الخونة، بعد أن أخبرتنا سناء باسميهما وهما اعترفا بأسماء ثلاثة مخبرين آخرين. تم إعدامهم جميعا بعد التحقيق معهم، ليكونوا عبرة لغيرهم ممن يبيعون ضمائرهم ويتسببون بقتل الأبرياء من أجل حفنة من النقود”. ويضيف علاء أنهم استطاعوا إخلاء الأماكن المراد قصفها وتغيير أماكن وجود الثوار وأسلحتهم.

أم علاء (49 عاماً) والدة سناء الفخورة بها تقول “بعد عودتها لم تقف سناء مكتوفة الأيدي، هي ستشارك في حل مشاكل النساء من خلال المحكمة الشرعية، فهي محامية ناجحة وتريد أن يأخذ كل ذي حقّ حقّه”.

أبو علاء (52عاما) يبدي سروره بعودة ابنته ويعبّر عن فخره بها “أنا سعيد لأنني عرفت كيف أربي ابنتي، على الوفاء لأهلها وبلدها وأبناء بلدها، وهي الآن تربّي ابنيها على المبادئ والأخلاق والرحمة والعطف على الناس،هي تريد أن تهتم بهما كل الاهتمام حتى لايشعرا بغياب والدهما عنهما”.

تختم سناء حديثها بالقول “على كل واحد منا أن يقدم كل ما يستطيع لانجاح ثورتنا. يجب علينا أن نكون أوفياء لدماء الشهداء الذين رسموا لنا الحاضر والمستقبل، وجعلوا من أجسادهم معبراً لمسيرة التحريروالنضال. علينا أن نجمع قوانا المتفرقة

لتصبح يداً واحدة، وقوة كالريح العاتية، لنتابع حياتنا بحرية وكرامة”.

 

سونيا العلي (33 عاماً)، من معرّة النعمان، متزوجة أم لأربعة أبناء، تحمل إجازة جامعية في مادة الأدب العربي تعمل كمدرّسة.