داء جديد يعاني منه أطفال دير الزور

يقول أبو سعيد مدير مركز الرعاية الصحية في بلدة البوليل “تابعنا علاج اكثر من 50 حالة تجرثم الدم في غضون شهر واحد فقط”

أحمد البوليلي

(ديرالزور- سوريا) يستقبل الأخصائي في أمراض الأطفال الدكتور أنس الظاهر يوميا في مركز الرعاية الصحية في بلدة البوليل في ريف دير الزور الشرقي ما بين طفل وثلاثة أطفال مصابين بتجرثم الدم.

من مركز الرعاية الصحية في البوليل حيث يتلقى هذا الطفل علاجه تصوير أحمد البوليلي
من مركز الرعاية الصحية في البوليل حيث يتلقى هذا الطفل علاجه تصوير أحمد البوليلي

ويعتبر التجرثم الدموي من الأمراض المهددة لحياة الإنسان، خاصة لدى من يعانون من ضعف الجهاز المناعي أو الأمراض المزمنة على المدى الطويل.

ويقول الدكتور الظاهر  لـ”دماسكوس بيورو” أن “تجرثم الدم بعبارة صريحة هو دخول جراثيم الى مجرى الدم وقد يكون بشكل عابر، وهذه يتم تشخيصها بزرع الدم، وظهور الجرثومة في المزرعة”. يضيف الظاهر “يمكن لجرثومة أن تدخل إلى مجرى الدم عن طريق الجهاز التنفسي أو الجهاز الهضمي كما يمكنها أن تدخل عن طريق الجهاز البولي”.

ويلفت الظاهر إلى أنه “وفي حالة شديدة من تجرثم الدم نصل الى حالة تسمى بتسمم الدم septicemia ، وعادة ما تنجم عن دخول الجراثيم من موقع الالتهاب، كالتهاب الرئة، أو الجلد، أو المسالك البولية، أو التهاب في الأمعاء، أو أي مكان آخر، ويكون المريض متعباً جداً، وتكون هناك علامات للالتهاب الذي سبب دخول الجراثيم إلى الدم، وعادةً ما يتم علاجه بالمضادات الحيوية عن طريق الوريد, لأن المضادات الحيوية عن طريق الفم قد لا تكون كافية”.

فاطمة العبدالله (45 عاماً) والدة أحد الأطفال المصابين بهذا المرض تحدثت لـ”دماسكوس بيورو” عن الوعكة الصحية التي حلت بابنها ” قبل يوم من الذهاب الى الطبيب ارتفعت درجة حرارته وأصيب بوهن عام وفقدان الشهية, لم نكن نعرف ما جرى له , فقد تغيرت طبيعة جسمه الفيزيولوجية خلال نصف ساعة, لم تعد تنفع المسكنات وخافضات الحرارة”. تتابع العبدالله ” استغرب الطبيب عندما رأى ملامح وجه ابني, وطلب منا عدة تحاليل دموية ومن ضمنها CRP , فوجد بعد رؤية التحاليل بأن ابني لديه حالة انتانية وأن جرثومة ما دخلت الى دمه”.

أكدت فاطمة العبدالله بان ابنها لاقى تحسنا جيدا وحقق انخفاضا في نسبة ال CRP بعد تلقيه للعديد من الحقنات الوريدية وأن ابنها الأن يتماثل للشفاء بعد اسبوع من النكسة الصحية التي تلقاها.

الدكتور الظاهر وبعد معاينة المريض ورؤية تحاليله الدموية يشرح للحالة “ننظر الى نسبة  البروتين الفعال C الذي تنتجه الكريات البيض حيث تتراوح قيمته الطبيعية بين (0-6)% واي ارتفاع في هذا النسبة يدل بأن هناك شيئا ما فان لم يكن هناك التهاب معوي أو هضمي أو تنفسي فلدينا حالتان اما تجرثم دم أو التهاب سحايا”. وبعملية زرع الدم يتمكن الطبيب المخبري أن يحدد نوع الجرثومة والمضاد الحيوي الذي سيقضي عليها”.

يقول أبو سعيد مدير مركز الرعاية الصحية في بلدة البوليل “تابعنا علاج أكثر من خمسين حالة من تجرثم الدم داخل هذا المركز خلال هذا الشهر (نوفمبر/ تشرين الثاني 2014)، حيث يقوم الممرضين بإعطاء المريض كافة جرعاته الوريدة” وأضاف ابو سعيد ” في ظل تزايد  هذه الحالات من تجرثم الدم فإنني اطلب من الجميع توفير حقن الفالكو الضرورية لعلاج هذا المرض , كما أطلب من المختصين العمل بجدية لاكتشاف أسباب انتشار هذا المرض”.

الممرض عبدالله يونس 25 عاما عامل في مركز الرعاية الصحية في بلدة البوليل يقول “تابعت علاج بعض المصابين داخل هذا المركز, حيث التزم المركز بتقديم بعض الحقنات الوريدية للمصابين , مع العلم بأن هذا الحقنات تباع في الصيدليات ولكن سعرها مرتفع, اعطيت هذه الحقنات بواسطة جهاز ميكرودريب وبتسريب بطيء , مع التزام بموعد الحقنات حيث يتطلب العلاج حقنة كل ستة ساعات او كل ثمانية ساعات حسب المضاد الحيوي “.

أبو محمد (42 عاماً) والد طفل أصيب بتجرثم الدم يقول “لاحظنا ارتفاع درجة حرارته بعد خمول في حركته وفقدان لشهية الطعام وعند مراجعة الطبيب  عرفنا بأنه أصيب بتجرثم الدم”. ويتابع أبو محمد ” ولدي تلقى كافة جرعاته التي وصفها الطبيب في مركز الرعاية الصيحة, وبعد خمسة ايام من العلاج عاد ولدي الى حالته الطبيعية “.

الدكتور عمار العلي أخصائي بالأمراض الداخلية يرى بأن هذا الداء منتشر حاليا لدى الأطفال دون المسنين “أغلب الحالات كانت لدى الأطفال حيث لم تسجل اي حالة لدى الكبار بالسن”. وينبه العلي إلى أن التعامل العشوائي مع المضادات الحيوية من دون أخذ الجرعة الكافية سيخلق مقاومة لدى الجراثيم، حيث أن الجرعة الأولى من المضاد الحيوي تبطئ الجرثومة نوعا ما دون قتلها”.

يعزو بعض الأطباء سبب انتشار هذا الداء الى التلوث الحاصل في مياه الشرب على مدى ثلاث سنوات مضت، ومازال الخلاف حول السبب الرئيسي لانتشار هذا الداء سائد بين الأغلبية فيما يحرص بعضهم على التشديد على تناول مياه الشرب المعقمة عملاً بمبدأ درهم وقاية خير من قنطار علاج يرى أخرون بأن درهم الوقاية ثقب ولم يعد يجدى نفعا فالهواء الملوث الذي يستنشقه الجميع قد يكون عاملا أساسيا في انتشار هذا الداء.

يقول الدكتور عزام الهادي  أحد كوادر المكتب الطبي بريف دير الزور “أبلغني بعض الأطباء في مدينة البصيرة وقرية بقرص بانتشار هذا المرض في مناطقهم، ولم يبلغنا الأطباء في المناطق الأخرى عن حالات مشابهة”.