حين وقع الطفل وجرح رأسه وحمّلوني المسؤولية
امرأة تسير في حيّ صلاح الدّين
"تمت خياطة جرحه وخلد إلى النوم. وعندما وصلت عائلته شرحت لهم ما حدث، لكنهم لم يستوعبوا وبدأوا بالتهديد والوعيد إذا حصل شيء سيشتكون..."
خلال دراستي الجامعية في مدينة مرسين في تركيا في العام 2016 تم إرسالنا في كورس تدريبي في روضة أطفال. كانت مدة الكورس سنة، اكتسبت خلالها خبرة جيدة في المجال العملي.
قررت أن أتابع العمل ولكن هذه المره براتب. بدأت أبحث عن روضة أطفال لأعمل فيها. ووجدت إعلاناً لروضة تبحث عن مدرسين ومدرسات. كانت قد فتحت اخيراً وليس لديها كادر تدريسي، قلت بنفسي هذه هي فرصتي.
رفعت سماعة الهاتف على الفور واتصلت بهم، أخبرتني المديرة بأن الأسبوع القادم هو الموعد الرسمي للمقابلات، أستطيع أن آتي لأجري مقابلة، جهزت الأوراق الضرورية عن سيرتي الذاتية. وذهبت للمقابلة بكل ثقة، حالما وصلت دخلت لمكتب المقابلات. رحبوا بي أعضاء لجنة التقييم. سألوني بعض الأسألة عن مجالي وعن سبب اختياري له ….
انتهت المقابله بسلام وأخبروني أنه بعد أسبوع سيتصلون بي إن تم اختياري… كنت متوترة هذه الفترة، هذه الفرصة كانت مهمة جداً بالنسبة لي. أخيراً وبعد طول انتظار اتصلت بي المديرة وأخبرتني أنه تم اختياري للعمل، والاسبوع القادم علي أن أبدأ بعملي الجديد.
كنت متحمسه جداً في اليوم الاول. تعرفت على المدرّسات وكنّ لطيفات جداً. المديرة طلبت مني أن تكون معي مدرسة أخرى لتساعدني في الصف، ولم أمانع. ولكن تلك المدرّسة ظنت أنني أنافسها، وخاصة بعد ما لاحظت أن خبرتي بهذا المجال قوية. بدأت تدبر لي بعض المكائد لتتخلص مني. فكانت تنقل كلاماً عن لساني للمدرسات وتخبرهن أنني سأشتكي عليهن وانا لم افعل ذلك.
وكانت تستخف بما أقوله أمام الطلاب وينقل حرفياً للادارة. ولكن انقلب السحر على الساحر كما يقولون، وعلمت الإدارة بما تفعل فاستدعتها و طلبت منها أن تلتزم حدودها اثناء العمل والا سيكون هناك إجراء آخر.بعد ذلك انكشف أمرها، فهي لم تكن متخرجة من الجامعة كما تدّعي وشهادتها مزورة. فطردت من العمل.
ولكن أعباء العمل كثيرة، ففي يوم من الأيام بينما كنا في الحديقة وقع أحد الاطفال على رأسه وسال دمه. اتصلت المديرة لنقل الطفل إلى اقرب مستشفى. وبما أنني كنت مناوبة مع الاطفال طلبوا مني أن أذهب مع الطفل إلى المشفى وابقى معه يأتي أهله لأشرح لهم ما جرى.
وفعلاً ذهبنا للمشفى، وكنت فعلاً مرتعبة على الطفل. كنت ادعو الله أن لا يحصل له مكروه. تمت خياطة جرحه وخلد إلى النوم. وعندما وصلت عائلته شرحت لهم ما حدث، لكنهم لم يستوعبوا وبدأوا بالتهديد والوعيد إذا حصل شيء سيشتكون…
تركت المشفى بعد أن أخبرني الطبيب المعالج أن الطفل بخير ولا داعي للقلق وأن اهله متوترون فطفلهم و وحيدهم مريض. أخبرته بأني متعبة وسأذهب للبيت. وطلبت منه ان يطمئني عن صحة الصغير.
في اليوم الثاني اتت والدة الطفل إلى المدرسة لتعتذر مني عمّا قالته لي ولتطمئنني بأن صغيرها قد تحسن. سررت جداً لسماع الخبر، ولكن بعد تلك الحادثة، اصبحت أكثر خوفاً على الأطفال. وأتوتر بسرعه عند ركضهم أثناء الاستراحة وامنعهم من ذلك.
فكرت كثيراً في أن أغير مجال عملي. ولكن سرعان ما أيقنت أن الأقدار تحدث معنا لو كنا في فراشنا. فقدر ذلك الطفل هو ما حصل معه. ولكن تلك الحادثة أثرت في نفسي كثيراً وسببت لي الكآبة لعدة أشهر. عدت وقدمت استقالتي إلى المديرة بعدما سحب عدد من الأهل أولادهم بسبب تلك الحادثة.
وبدأت أبحث عن عمل في مكان آخر، وعندما قدمت طلبت توظيف في روضة أخرى سألتني مديرة الروضة هل انت المدرّسة ريما التي وقع الطفل خلال نوبتها وجرح رأسه؟ فأجبتها حول أنه القدر. وافقت ولكنها أضافت الإهمال يختلف عن الأقدار. أخذت منها طلب توظيفي خرجت ودمعتي بعيني.
ريما القاسم (23 عاماً) طالبة جامعية في كلية التربية وتعمل كمدرسة في روضة أطفال.