“جهادنا رغيفهم” شعار لمطبخ رمضاني
المطعم الرمضاني الخيري- جهادنا رغيفهم، بهذه الروحية تم افتتاح هذه المطعم في قرية معرشمارين، في الريف الشرقي لمدينة معرة النعمان. وهو مطعم يوزع الطعام مجانا على الفقراء والمحتاجين والنازحين طيلة شهر رمضان المبارك.
أحمد رفيق الرحال (35عاما) يتولى إدارة المطعم، ويوضح لـ “دماسكوس بيورو” طبيعة هذا المشروع وأهدافه بالقول: “تم افتتاح هذا المطعم بعون من الله في أول أيام رمضان عام 2013، بتمويل من السيد عبدالله المغري من دولة الكويت، بالتعاون مع قبيلة الظفير الكبرى”. وإذ يشكر للمتبرعين كرمهم، يوضح الرحال “أن ادارة المطبخ تقوم بتوزيع القسائم قبل بداية الشهر الكريم على الفقراء والمحتاجين بمن فيهم النازحين وأسر الشهداء والمتضررين من الحرب القائمة”.
في صباح اليوم الأول من شهر رمضان، يبدأ العمل في المطبخ ، الذي يضم نحو 30 عاملا بأجر و50 متطوعاً، بينهم طهاة وجزارين وعمال نظافة. ويتقاضى الطهاة بحسب الرحال مبلغ 20 ألف ليرة سورية خلال هذ الشهر، وهم يعملون حصرا في طهي اللحوم، أما السيدات اللواتي يعملن في المطبخ أيضا فيقمن بطهي بقية الأطعمة، ويتقاضين المبلغ نفسه، كما انه تتم الاستعانة بالجزارين الذين يذبحون الخراف ويقومون بتقطيع اللحوم وتجهيزها للطهي. وبعد طهي الطعام تقوم مجموعة مكونة من 25 شخص بتعليب الطعام ووضعه في علب خاصة وتغليفه بأكياس النايلون ليحافظ على سخونته حتى اذان المغرب .بعد ذلك تقوم السيارات المخصصة بتوزيع الطعام على المراكزفي محيط معرة النعمان وما حولها. ويشمل التوزيع نحو 3600 عائلة موزعين على 15 قرية منها معرة النعمان، تلمنس، جرجناز، معرشمشة، ديرالشرقي، ديرالغربي، معرشمارين، التح وغيرها.
يتولى سالم فطراوي (30عاما) معاون المدير في المطبخ مهمة التوزيع. ويقول عن هذه المهمة: نظراً لتعدد آراء الناس حول أنواع المأكولات، رأينا أن نقوم بتوزيع اللحوم نيئة على الناس، صباح أيام الجمعة والأحد والأربعاء. ويوزع الطعام مطبوخا مساء بقية أيام الاسبوع”. ونوه الفطراوي بأن المطبخ يقوم بتوزيع الخبز والتمور وكل مايحتاج إليه الصائم من مواد غذائية، حتى عظام الذبائح يتم توزيعها أيضا.
أما عن الحصص التي يتم توزيعها يومياً فهي حوالي 3500 حصة. يتم توزيعها على المراكز الإغاثية عند الساعة السادسة مساء فيتوجه الناس الى المراكز للحصول على نصيبهم .
تقول أم عامر (39عاماً) : “قمت منذ بداية شهر رمضان يوميا بتنظيف المطبخ وتعقيمه. أنظف المكان وأغسل الأواني مع عدد آخر من العاملات”. وتؤكد أم عامرأن جميع من يعمل في المطبخ يعملون كأسرة واحدة، بروح جماعية عالية، يتقاسمون العمل ويساعد بعضهم بعضا، يعملون من الصباح في غسل الخضار وتقطيعها ثم
طبخها، ليتم تجهيزها في الموعد المحدد دون تأخير. تشعر أم عامر بالسعادة في عملها هذا، لأن الوجبة التي يتم تحضيرها ينتظرها الفقراء بفارغ الصبر. وهي تثابر في عملها لكي لا تخيب أملهم.
ويعمل في المطبخ الرمضاني الخيري متطوعون دون مقابل، ومنهم الشاب عمر المعروف أبو زيد (25عاماً) من قرية معرشمارين.
يقول أبو زيد: “أشعر بسعادة كبيرة ونشوة عارمة لأنني أعمل خلال الشهر الكريم في هذا العمل الإنساني، أقوم بجميع الأعمال التي تطلب مني بروح رياضية “. ويشير أبو زيد إلى أن جميع الناس في المنطقة يشكرون الداعم، صاحب الفضل واليد البيضاء عبد الله المغري الذي افتتح هذا المشروع الخيري في منطقتهم. ويضيف ابو زيد:”كم من يد طاهرة ترتفع متضرعة الى الله كل يوم لتدعو بالخيروالتوفيق واليمن والبركة لكل من ساهم بمساعدتهم ومد لهم يداً حانية عطفت عليهم”.
ويوضح مدير المطبخ أحمد الرحال اندراج المطبخ ضمن حملة “جهادنا رغيفهم” والتي تهدف كما يقول “لدعم الفقراء والمحتاجين. وفي وجباتنا رفعنا نسبة اللحوم إلى90% مع العلم أن أكثر المواد الغذائية ارتفاعا بالسعر في مناطقنا هي اللحوم، وذلك ليفرح الفقراء في هذا الشهر، ويكون لهم نصيب من نعم الله وخيره وكما قيل في المثل الشعبي لقمة في بطن جائع أفضل من بناء جامع”.
صفية الحسن (41عاماً) من أهالي قرية الدير الغربي، معيلة لأربع فتيات وولد وحيد بعد وفاة زوجها قبل خمس سنوات. تقول صفية: “بعد وفاة زوجي وبعد انقطاع المحروقات والغلاء الفاحش أصبحت لا أجد في منزلي ما يسد رمق أطفالي. كما لا أجد ما أطهو عليه طعامي، إلا موقد بدائي لإشعال النار فيه استخدم بعض العيدان الحطب والملابس البالية “. ولكن بعد تسجيل إسم صفية ضمن الحصول
على الوجبات اليومية “زال همي بتوفير طعام الإفطار لأولادي” تقول صفية. للسنة الثالثة على التوالي تحصل صفية على الطعام المجاني في شهر رمضان، كما تحصل على الخبز المجاني منذ سنتين تقريباً حتى بعد شهر رمضان. وهي سعيدة لأنها وجدت من يساعدها ويعينها على قسوة الحياة وغلاء المعيشة والأعباء الكبيرة.
وحول هذا الموضوع يتحدث أبو أسامة (40عاما)أحد وجهاء أهالي معرة النعمان قائلا: “يظهر دائما شعاع نور ينبعث من ظلام الليل، إنهم أصحاب الأيادي البيضاء والقلوب الكبيرة، يظهرون لمساعدة الناس ومد يد العون لكل محتاج، فيكون عونهم مثل غيمة تظلل الناس في يوم حار أو مثل واحة خضراء في صحراء قاحلة، وهذا هو حال المطبخ الرمضاني جهادنا رغيفهم”.
أبو محمد (50عاما)أحد النازحين من مدينة ادلب، خرج منها بعد استهدافها من قبل طائرات النظام وقذائفه عقب تحريرها. هو أحد المستفيدين من خدمات المطبخ. يقول أبو محمد: “تركنا منزلنا في إدلب دون أن نتمكن من إحضار أمتعتنا. قصدنا قرية معرشمارين، وتم تسجيلنا للحصول على الوجبات من المطبخ خلال الشهر الكريم، وذلك وفر علينا المال الذي لا أملك منه الا القليل، وعناء البحث عن عمل لسد النفقات. قلما يجد النازح عملا في هذه الاوضاع “