“تمكين” المشاريع والمبادرات المحلية في المناطق المحررة
في مركز التوليد ورعاية الأمومة والطفولة في حاس وضعت علياء (22 عاماً) مولودها الأول. خرجت علياء من المركز جد سعيدة، وشاكرة لكادره الطبي الذي أحسن العناية بها وبجنينها، مجاناً دون أي مقابل.
تقول علياء “لطالما كنا بحاجة لمثل هذه المراكز التي تقدم الخدمات المجانية للنساء الحوامل في ظل الأوضاع الراهنة، خاصة وأن معظم العوائل أصبحت تحت خط الفقر، وليس لها قدرة على نفقات المشافي الخاصة الباهظة”.
الدكتور محمد الطويش (35 عاماً) المنسق الميداني لبرنامج “تمكين” في بلدة حاس، إحدى القرى في ريف إدلب الجنوبي يقول “أن مركز التوليد ورعاية الأمومة والطفولة هو واحد من إنجازات برنامج تمكين في المنطقة”. ويغطي البرنامج جميع المناطق السورية المحررة. ومن هذه المناطق حلب وريفها، إدلب وريفها، درعا، وغوطة دمشق وغيرها. يوضح الدكتور الطويش “ان البرنامج يحظى بتمويل من وزارة التنمية البريطانية، وهدفه تمكين المبادرات المحلية ودعم وتعزيز قدرة الهياكل الإدارية في المناطق المحررة”.
وحول كيفية العمل ضمن هذا البرنامج يتحدث الدكتور محمد الطويش قائلا “قمت بتكليف من الجهة الداعمة بتأسيس لجنة تمكين، وتتألف من أحد عشر عضواً يتم اختيارهم وفق معايير محددة ومنها: أن يكونوا فوق سن الثلاثين، يتم ترشيح الأعضاء من قبل المجالس المحلية، وهم غالبا من حملة الإجازات أو الحرفيين، أو وجهاء، تابعين لمنظمات الدفاع المدني، المجالس المحلية. هذه اللجنة تتعاون مع المجلس المحلي لوضع المشاريع وتقييمها وتنفيذها، من هذه المشاريع مثلا مراكز صحية عامة ومركز للتوليد ورعاية الأمومة والطفولة، مركز لتدريب وتعليم الخياطة، مراكز تعليمية للأطفال، دعم المشاريع التنموية كالافران ومحطات الوقود وإصلاحات الصرف الصحي ومشروع الحاويات في حاس”. تغيب النساء عن اللجان في منطقة إدلب لاعتبارات تتصل بالمجتمع المحافظ من جهة ووجود جبهة النصرة من جهة أخرى. ولكن المشاركة النسائية حاضرة وبقوة في مناطق أخرى وعبر اللجان الرئيسية والفرعية.
ويشير الدكتور محمد الطويش إلى وجود “خمس باقات أساسية لعمل تمكين وهي باقة الصحة، باقة التعليم، باقة البنى التحتية، الحوكمة والإدارة الراشدة، سبل العيش والانتعاش الإقتصادي، هذه المشاريع التنموية يمكن أن تقوم بتوفير مردود للمجلس المحلي لتنفيذ مشاريع أخرى”.
خالد (39 عاماً) أحد أعضاء لجنة تمكين في حاس يحمل ماجستير في الحقوق، يقول “مشاريع تمكين تعتمد على الأولويات، فلكل منطقة مشاريعها الخاصة الأكثر ضرورة وإلحاحاً، وضمن أولويات المشروع أيضا تفعيل دور المرأة، مثلا في حلب هناك إمكانية لمشاركة المرأة في اللجنة الرئيسية، أما في إدلب فهذا الأمر غير وارد بسبب العادات والتقاليد. ومع ذلك تم تشكيل لجنة نسائية فرعية للمشاركة في وضع المشاريع ومناقشتها”. ويضيف خالد متحدثا عن عمل اللجان قائلا “هي لجان تطوعية وعملها هو مراقبة صرف المنحة التي تقدر بـ 100 ألف دولار أميركي كل ستة أشهر، حتى عمل اللجنة هو لستة أشهر أيضا وبعد هذه المدة يتم تشكيل لجنة جديدة كما وتصرف منحة مالية جديدة”.
وهكذا يوفر برنامج تمكين فرصة لكل منطقة للتقدم بعدة مشاريع، يتم تمويلها من المنحة التشغيلية المقدرة
بنحو 100 ألف دولار أميركي على فترة 6 أشهر، قابلة للتجديد بحسب فاعلية وحيوية المشاريع.
أمين الصندوق في برنامج تمكين أسامة زيدان (44 عاماً) يوضح آلية عمل اللجان على الشكل التالي: “اللجنة مسؤولة أمام برنامج تمكين عن صرف المنحة المالية عن طريق بطاقات شراء بسلف قيمتها 5 آلاف دولار أميركي،
ويجب تسليم كل الأوراق المالية وكشوفات الاستلام للبرنامج، يتم التدقيق فيها تمهيداً لصرف مبلغ 5 آلاف دولار أميركي أخرى”. ويشير الزيدان بأنه إن لم يتم تنفيذ كل مرحلة بإشراف المنسق المالي والمنسق الميداني فإن البرنامج يوقف المنحة، وفي حال حدوث أي فساد مالي فذلك يحيل أي مساهم بالفساد للتحقيق. وينوه الزيدان أن المبلغ المالي المرصود هو بحسب المنطقة، فالمجتمعات الصغيرة تندمج مع مجتمع آخر مثل قاح وصلوة هي مجتمع واحد والمبلغ المرصود لها هو 100 ألف دولار، أما المجتمعات الكبيرة مثلا مدينة حلب فيرصد لها 200 ألف دولار في كل دورة تموينية.
في نهاية الدورة يتم تقييم عمل اللجنة، هل أنهت اللجنة الميزانية الكاملة، وهل التزمت ا بالإدارة الراشدة وتنفيذ المشاريع الهامة وبناء على ذلك أما تزيد المنحة أو تنقص.
فمثلا في قرية حاس زادت الميزانية وأصبحت 117 ألف دولار في الدورة الثانية علما أن المشروع بدأ مع بداية عام 2014 وهو الآن بدورته الثالثة.
الدكتورة خنساء شعبان (42 عاماً) مديرة مركز الصحة الإنجابية في حاس وهي تحتل مقعد عضو في اللجنة النسائية الفرعية تقول “برنامج تمكين أتاح للمرأة المشاركة الفاعلة بإدارة المجتمع من خلال اللجنة النسائية الفرعية، تتلقى هذه اللجنة التدريب على الإدارة الفاعلة على يد مندوب مسؤول عن تطويرالقدرات، وذلك للعمل وفق مبادئ الإدارة الراشدة وأساس هذه الإدارة هي الشفافية والمشاركة في المجتمع. وبالتالي هناك آليات يجب على الأعضاء تنفيذها وفق قدرتهم، فمنهم يحقق نقاطا عالية ومنهم يحقق نقاطا منخفضة وهذا الأمر يفسح المجال أمام من يحقق نقاطا مرتفعة الاستمرار في اللجنة في الدورة التالية والتي مدتها ستة أشهر.”
البرنامج بحسب الدكتورة الشعبان يغطي مناطق واسعة ومنها معصران، معرة حرمة، إدارة عزة، دير جمال، أطعمة، عقربات، وغيرها. كل هذه المناطق لها صفحات تواصل اجتماعي على الفيس بوك.
المشاريع التي تنفذها تمكين هي في غاية الأهمية وبحسب احتياجات كل منطقة ذلك أن هناك أولويات تعمل تمكين على تحقيقها ومنها المشاريع التي اقترحتها اللجنة النسائية في حاس، والتي تم تنفيذها على أرض الواقع وهي مراكز نسائية لتعلم النسيج والتمريض والخياطة إضافة لندوات توعوية وثقافية خاصة بالمرأة.
أبو محمد (49 عاماً) أحد وجهاء قرية حاس يقول “الحقيقة أن برنامج تمكين ساهم في حل مشاكل عديدة تهم المواطن السوري في ظل الثورة، كما ساهم بتوظيف أعداد كبيرة من الشباب والشابات، وقدم خدمات مجانية لأعداد كبيرة من المواطنين”. أبو محمد يتمنى لهذا المشروع الاستمرارية والنجاح.
الدكتور محمد الطويش المنسق الميداني لبرنامج تمكين يختتم حديثه عن المشروع بالقول “برنامج تمكين مشروع مرن جدا يهمه مشاركة كل أطياف المجتمع بحسب الضوابط والعادات الخاصة بكل بلد. المشروع مستمر طالما أن هناك فئات فاعلة همها الأول والأخير رفع بعض الأعباء والمعاناة عن كاهل المواطن السوري، ومستعدة دائما لتقديم يد المساعدة دون مقابل”.
بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي