بلسم لدمج المصابين في المجتمع السوري
من نشاطات بلسم لتأهيل المصابين للعمل تصوير عبد المجيد الحلبي
"الحملة مبنية على جملة من الأنشطة والفعاليات بالطرق والوسائل المختلفة لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي لمصابي الحرب في سوريا بكافة فئاتهم."
سنوات الحرب كانت كفيلة بترك آثارها الجسدية والنفسية على الشعب السوري. القتال المستمر خلّف آلاف المعوّقين ومصابي الحرب، معظمهم يعانون التهميشَ من قِبل المجتمع والمنظمات الإغاثية، ويواجهون مصيرهم وحدهم في ظروف بالغة القسوة، ليفاقم الإهمال سوء حالهم، من دون أن يجدوا من يأخذ بيدهم ويهتم بأمرهم ويستمع لمطالبهم.
منظمة الصحة العالمية والمنظمة الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة تقدران أن ما يزيد على ثلاثة ملايين سوري يعانون من إعاقات وإصابات حرب، وتدعوان إلى زيادة الاهتمام والدعم المقدم لهم.
ويفيد تقرير نشرته المنظمتان في كانون الأول 2017، أن 1.5 مليون سوري أصيبوا بالإعاقة نتيجة النزاعات والحرب في سوريا بعد عام 2011، بمعدل 30 ألف إصابة كل شهر. ويشير التقرير إلى أن 86 ألفًا من هؤلاء المصابين مبتورو الأطراف، وثلثهم من الأطفال.
ومما يزيد الأمر سوءًا، فقدان معظم المصابين الثقة بالمنظمات الحكومية والإنسانية. ويؤدي غياب الدعم بأشكاله المختلفة المادية والمعنوية، إلى الحد من قدرة المصابين على مواجهة الحياة والعمل. 8 سنوات من الحرب كانت كفيلة بترك أثارها النفسية والجسدية على المصابين. ربما آثار الحرب النفسية ستظهر لاحقاً، أما الآثار الجسدية فصارت حقيقة ملموسة تراها كيفما تحركت في أي شارع أو قرية.
ومن هنا تأتي حملة تأهيل مصابي الحرب واعادة دمجهم في المجتمع، والتي اطلقتها منظمة بلسم في ادلب. الحملة مبنية على جملة من الأنشطة والفعاليات بالطرق والوسائل المختلفة لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي لمصابي الحرب في سوريا بكافة فئاتهم.
وتهداف الحملة إلى حث المصابين على تجاوز إصاباتهم، والضررالواقع عليهم. والانخراط في أعمال التأهيل ليعودوا لحياتهم الطبيعية. كما تعمل على تشجيع المجتمع على القيام بالدور المنوط به في عملية التأهيل بشكل فاعل ومباشر. إضافة إلى إرساء وعي عام عن أهمية وضرورة تأهيل المصابين وإعادة دمجهم بالحياة والمجتمع.
وتواجه الحملة مصاعب عدة أبرزها رفض معظم المعنيين ملء استبيان خاص بالصعوبات والمشاكل التي تواجههم في حياتهم بعد الاصابة. “لم يكن لديهم قناعة بجدوى هذا العمل، ولكنه وأمام إصرار فريق العمل الذي الح لإثبات مصداقية ما تقوم به منظمة بلسم، وإعجاب البعض بالشعار المطروح للحملة إصابتي ليست عجزاً، قرر بعضهم الانضمام” بحسب ما يقول أحد العاملين في المنظمة الذي فضل عدم الكشف عن اسمه.
من جهته يقول أحمد “تمت دعوتي لحضور مؤتمر خاص بالمصابين في قرية ترمانين. لاقت الفكرة قبولاً لدي، خاصة وأن المؤتمر خاص بالمصابين ويهدف لإعطائهم دوراً حقيقياً في المجتمع. حضرت المؤتمر مع أكثر من 130 مصاباً، وتم انتخابي كعضو في لجنة المتابعة”.
ويضيف احمد “نحن لا نطالب اليوم بدعم مادي بشكل رئيسي، نحن نطالب بفرص عمل، وبحاجة لإثبات وجودنا في هذه المجتمع لأننا مصابين ولسنا عاجزين، فنحن نملك عقلاً وقادرين على العمل، ونسعى لإثبات وجودنا ولا ينقصنا إلا التحفيز النفسي”.
وتهدف حملة “إصابتي ليست عجزا”، بحسب ما يصرح به بعض القائمين عليها إلى تأسيس رابطة لمصابي الحرب. ولهذه الغاية تم عقد الاجتماع التأسيسي لأول رابطة من هذا النوع في مدينة ترمانين بتاريخ 28 حزيران /يونيو 2018، ثم تطورت الفكرة لتصل إلى مدينتي الدانا وسرمدا. وتم عقد اجتماع وتأسيس رابطة مشابهة في كل من المدينتين بحضور أكثر من 200 مصاب في المؤتمرات الثلاثة.
وسيتم لاحقاً دمج الروابط الثلاث في رابطة واحدة. وبعد انعقاد المؤتمر الأول تم انتخاب لجان لمتابعة عمل الروابط وجميع الأشخاص الذين تم انتخابهم من المصابين، وكانت هذه الخطوة هي أولى مراحل زراعة الثقة بنفس المصاب لإقناعه بأنه شخص قادر على العمل في كافة مناحي الحياة.
وتهدف الرابطة إلى تفعيل دور المصابين وتمكينهم وإعادة دمجهم بالمجتمع، بالإضافة إلى توحيد مطالبهم وتمثيلهم بشكل رسمي ومنظم لمخاطبة كافة الجهات الفاعلة في المجتمع المدني. وكانت الفكرة وليدة عمل منظمة بلسم المختصة بتركيب الأطراف الصناعية والعلاج الفيزيائي للمصابين منذ عام 2015. ونتيجة التعامل المباشر مع المصابين برزت ضرورة معالجة حالة تهميش المجتمع لهذه الفئة في الوقت الذي يحتاج فيه المجتمع لكل فرد من أفراده للنهوض بالواقع.
وتأمل المنظمة أن تتوسع هذه الخطوة، لتشمل كافة المناطق المحررة، ويتم توفير إحصائية دقيقة لأعداد المصابين وحالات إصابتهم وتنظيم أمورهم.