العنف في سوريا أصبح منزليا أيضاً

(كفرنبل-سوريا) “طلّقني لم أعد احتمل العيش معك” تصرخ هيفاء عند استيقاظها صباح10من حزيران/يونيو في إحدى المشافي الميدانية في كفرنبل. بحركة ثقيلة ويد مكسورة وزرقة تملأ وجهها تروي هيفاء والدموع تملأ عينيها “ضربني، أهانني أمام أطفالي بسبب تلقيه خبر الفصل من وظيفته وازدياد متطلبات المعيشة والحياة”.

الظروف الاجتماعية والاقتصادية بعد الثورة ضاعفت الضغوط على أمل التي تقطن في خيمة منذ سنتين بعد نزوحها من بلدتها خان شيخون تاركة بيتها بكل ما فيه. تقول امل”تغيرت طباع زوجي واصبح اكثر حدة لايحتمل أي جدال ويضربني دون أي رحمة”.

الطبيبة سهام القدور تعرض للعديد من الحالات التي عاينتها في مشافي كفرنبل وتقول أنها تتراوح بين “الرضوض والكسور وبعض حالات التشوه بالفك” وتشير إلى حالات ضرب على الرأس أدت إلى فقدان مؤقت للذاكرة، بالاضافة لتسبب العنف في كُير من الأحيان بحالات إجهاض عند الحوامل وفي بعض الحالات القليلة عقم دائم.

امل وهيفاء من ضمن ضحايا حالات الضرب التجريح والاهانة التي ازدادت بعد الثورة لتصل إلى 30%  في كفرنبل بحسب المرشد الاجتماعي جهاد الخطيب الذي يشير إلى أن الشكاوى من هكذا حالات كانت بحدود الـ 10% من السكان.

ويعرف الخطيب العنف الاسري بانه “ظاهرة اجتماعية تختلف نسبتها من مجتمع لاخر حيث انها تقل في المجتمعات المستقرة وتزداد كلما تدرج المجتمع على سلم عدم الاستقرار”.

يقول الخطيب ان حالات العنف ازدادت بعد الثورة بسبب “الضغوط الاجتماعية والاقتصاديه وكثرة متطلبات المعيشة التي أتعبت الرجل، وأهم أسباب هذه الظاهرة غياب القانون”. حيث أن انتشار ظاهرة السلاح يعيق تنفيذ الأحكام الصادرة عن المجالس والمحاكم المحلية أو المحاكم الشرعية، خصوصا في غياب السلطة القادرة على فرض الأحكام. ويشدد الخطيب على أهمية تأثير الضغوط الاقتصادية كعجز الزوج عن تأمين جميع متطلبات الأسرة.

أما بالنسبة للضغوط النفسية، فالحالة التي يعيشها السوريون في ظل الحرب القائمة من خوف وارتباك وعدم استقرار “ينتج عنها توترات نفسيه وحالات كبت يتم تفريغها بطريقة العنف، وغالبا تقع على الطرف الاضعف الزوجة والاطفال”. بحسب ما يوضح الخطيب ويضيف “ان انخفاض نسب التعليم والثقافة بعد الثورة تضاف إلى  الأسباب السابقة”.

ويعتقد الخطيب بأهمية “وجود جهات داعمة ماديا وعلميا تنوب عن دولة القانون انتشار للمحاكم الشرعية ونشر الوعي الديني لتحسين الاوضاع الاقتصادية والنفسيه للفرد”. ويشدد على وجوب إيجاد مراكز دعم وحماية للمراة لتكسب المهارات والمعلومات ولتعرف أهمية الدور المنوط بها لحماية ورعاية الاسرة ولتكسر حاجز الخوف والصمتالذي يمنعها من التحدث عما تتعرّض له من عنف وضرب وماشابه خوفا من الطلاق والتشرد وضياع الأسرة.

من جهته يقول الشيخ عبد الغفور الخطيب الذي كان إمام الجامع الكبير في كفرنبل سابقا “ان الاسلام حرّم العنف ضد المرأة بأي شكل كان فهي التي تحمل وتنجب وتربي، قال عليه السلام: أوصيكم بالنساء خيراً”.

ويعزو الشيخ أسباب العنف الأسري لـ “قلّة الوعي الديني والثقافي وفي بعض الحالات للزواج المبكر”. ويعتبر الشيخ أن الإسلام كرّم المرأة بل “وجعل لها مرتبة عالية ورفعها من جارية وسلعة تباع وتشترى إلى امراة سيدة نفسها”.

ولكن العنف لا يقتصر على النساء بل هو يطال الأطفال أيضا ويقول أخصائي طب الأطفال الدكتور بسام الحلاق بأنه عالج بعض الحالات لدى الأطفال ناتجة عن العنف الأسري، منها جسدية كالرضوض والكسور والجروح وفي حالات قليلة كانت تصل لحد الإعاقة الدائمة متل الشلل. ويضاف إلى الضرر الجسدي الأذى النفسي وحالات الإكتئاب التي تؤدي إلى التبول اللا إرادي والتوحد أو العزلة.