الحرب مستمرة مع المخلّفات غير المنفجرة
من إحدى ورش التوعية في رابطة ضع بصمتك تصوير إيهاب البكور
لن تشفع تلك الدمعات البريئة المنهمرة من عينيه له. لن تعيد له يده. ولن يكون أخر ضحايا هذا القاتل المجهول. الطفل شحود التخان (11 عاماً) لم يجد سوى البكاء لرواية حادثة خسارته كف يده.
“أحب أن أشارك اصدقائي ألعابهم. لكنني لا أستطيع ذلك بيد واحدة”. فقد شحود كف يده عندما انفجرت طلقة غير متفجرة، ظن أنها لعبة، فحملها بيده. الأمر الذي تسبب له بإعاقة دائمة، وحالة نفسية صعبة.
يفيد تقرير نشرته المنظمة الدولية للمعوقين بالتعاون مع منظمة المسنين الدولية، إن الضحايا المخفيين للأزمة السورية، من المعوقين والجرحى وكبار السن، وصلت نسبتهم إلى 30٪ من اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان. ممن لديهم احتياجات خاصة بسبب إعاقة جسدية أو حسية أو فكرية أو مرض مزمن أو إصابة. وهكذا فإن شخصاً واحداً من بين 20 يعاني من جرح أو جروح تؤثر مباشرة في حركة التنقل.
إن ظاهرة المخلفات الغير متفجرة،أصبحت هاجسا يؤرق الأهالي في المناطق المحررة، والمحررة حديثا بشكل خاص. فلا يكاد يمر يوم من دون خبر انفجار إحدى أنواع المخلفات في إحدى المناطق، والضحية غالباً ما يكون طفلاً.
وعلى الرغم من انتشار هذه الظاهرة الخطيرة. ومع تواصل القصف الذي تتعرض له المناطق المحررة، إلا أنه لم تقم حتى الآن أي جهة محلية أو دولية بالتوعية من مخاطر هذه المسألة الخطيرة. الأمر الذي دفع عددا من شباب متطوعين في ريف إدلب الجنوبي لمتابعة دورة توعية حول مخلفات الحرب الغير متفجرةrisk education.
يوسف اليحيى (35 عاما)، أحد أعضاء رابطة ضع بصمتك وأحد المتطوعين للتدرب على الوقاية من مخلفات الحرب، يستغرب عدم وجود جهة في ريف ادلب الجنوبي وريف حماه الشمالي، تهتم بالتوعية من خلفات الحرب. ويقول اليحيى “نحن نعيش في مناطق مليئة بتلك المخلفات. أنا لدي ابن عم قتل جراء تلك المخلفات لعدم معرفته بها. هذا كان أحد الأسباب التي دعتنا في رابطة ضع بصمتك للتدرب على الوقاية من هذه المخلفات القاتلة”.
يضيف اليحيى: “اتصلنا بإحدى المنظمات المختصة بهذا المجال، وقمنا بالتنسيق معها من أجل أن تقدم لنا دورة توعية. حتى نكون قادرين على أقل تقدير توعية عوائلنا وجيراننا من مخاطر هذه المخلفات. وبما أننا غير قادرين على تمويل حملات توعية لضعف إمكانياتنا سيكون نطاق نشاطنا ضيقا للأسف. سنستهدف بلدتنا، وإن استطعنا سنستهدف البلدات المحيطة”.
عدد الإصابات بتلك المخلفات، دليل واضح على قلة الاهتمام، وتدنى مستوى الوعي بالنسبة لمخاطر هذه المخلفات. في المناطق المحررة البعيدة عن الحدود لا يوجد سوى فرق الهندسة التابعة للدفاع المدني السوري. وحدها مختصة بإزالة تلك المخلفات. هذه الفرق لا تستطيع تغطية كل تلك المناطق، خاصة مع استمرار القصف بشكل يومي.
محمد شيخ محمود (24 عاما)، يعمل ضمن فريق يقزم بزيارة المنازل للتوعية حول مخلفات الحرب. خضع لعدة دورات توعية. يقول محمود: “عملنا في هذا المجال في مناطق تواجد السوريين في تركيا. خاصة في منطقة أنطاكية. كان النشاط يتضمن جلسات توعية لكافة الشرائح العمرية. ولكن للأسف لم يكن لنا أي نشاط في الداخل السوري على الرغم من أنه أمر ضروري”.
عمدت اليونيسف في أفغانستان إلى إقامة 137 منطقة آمنة للعب في أنحاء البلد. كما وتدعم اليونيسف برامج التوعية بالألغام، التي ساهمت في تثقيف ما يقرب من مليون ونصف المليون أفغاني، بشأن المخاطر الموجودة على الأرض.
لا يبدو المجلس المحلي في بلدة حاس بعيداً عن التنسيق مع المجموعات الناشطة في هذا المجال. ويقول رئيس المجلي ناصر الأعرج (36 عاماً): “هذا ما تحتاجه المناطق المحررة في سوريا. نحن في المجلس المحلي لبلدة حاس نشجع ونثمن ما قام به هؤلاء المتطوعون. ونحن على استعداد للتنسيق معهم ومع أي جهة تختص بهذا الشأن. مناطقنا بل كافة مناطق سوريا تحتاج لهذا التخصص”.
استغرق التنسيق أكثر من شهر. بقي المتطوعون مصرين على حضور الدورة رغم بعد المسافة بين بلدتهم و مقر المنظمة الدولية للمعوقين على الحدود الشمالية. وتكفلت المنظمة بتكاليف السفر وبدائل التنقل،على مدى يومين.
أيوب الشرتح أحد أعضاء الرابطة وأحد المتطوعين يقول: “نتمنى أن يكون لدينا برنامج مدروس وواسع، من أجل أن نوصل رسالتنا لأكبر شريحة من الناس. لأن ذلك أمر مهم جدا خاصة في ظل تزايد أعداد المتضررين من مخلفات الحرب. برأينا هذه المخلفات هي القاتل المجهول الذي لا بد من مكافحته بشكل جدي“.