الحب والحرب والخوف في سوريا
"أحببت رجلا" منذ الصغر. كان عمري 13 عاماً حين أحببته وتعلقت به كان في العشرين من العمر حينها، هو كذلك الأمر كان قد أحبّني بصدق وتعلّق بي أيضاً. دامت علاقتنا في السر لأعوام ولا أحد يعلم بها. "
أنا من مواليد العام 1998، اسمي فاطمة. قصتي طويلة، لن أتكلم عن طفولتي ولكنني سأروي قصة حب، سأحكي عن الأحداث التي جرت معي قبل خطبتي من حبيبي وزوجي سامي.
أنا فتاة متواضعة كثيراً، خفيفة الدم، اجتماعية وقلبي طيب لدرجة كبيرة، وخسرت بسبب طيبة قلبي الكثير الكثير. ولكن والحمدلله لا ينقصني أي شيء أبداً.
أحببت رجلا” منذ الصغر. كان عمري 13 عاماً حين أحببته وتعلقت به كان في العشرين من العمر حينها، هو كذلك الأمر كان قد أحبّني بصدق وتعلّق بي أيضاً. دامت علاقتنا في السر لأعوام ولا أحد يعلم بها.
أحببته بكل معنى الكلمة. أحببت رجلا”صادقاً وذو دين وخوف على عرضه ودينه. كان أميناً والأهم انه كان محبوباً عند كل الناس والاشخاص المحيطين به، بسبب اخلاقه الطيبة والنبيلة.
كنا نتواصل على الجوال كل يوم، وعشنا أحلى الأيام حتى تطورت الأوضاع الأمنية وتفاقمت. وبدأت تغطية شبكة الهاتف تنقطع بين الحين والآخر. وحبه يزداد في قلبي كل يوم أكثر وأكثر. وقلقي عليه يزداد أيضا.ع
كل هذا الحب ولم نكن قد التقينا على أرض الواقع وجهاً لوجه سوى مرتين. مرة أمام بوابة المدرسة في بلدتي الصغيرة في حمص ومرة أخرى في الجانب الخلفي للمدرسة. أغلقت المدرسة أبوابها بسبب الأحداث. كانت الأوضاع تتدهور مع حملات الاعتقالات.
اشتدت الحرب وتحولت حياتنا إلى جحيم. لم أكن لأتخيل أبداً ولو للحظة أن يحل بنا ما حلّ وأن يتهجر الناس من بيوتهم من دون مأوى أو ملجأ.
انقطعت أخبار سامي عني، ولم يعد من سبيل لرؤيته، ولكنه بقي في قلبي لسنوات. لم يكن من وسيلة للتواصل سوى الجوال، وبفعل التغطية السيئة والمتقطعة بات التواصل أصعب وأصعب. كنت أفرح لسماع صوته وأفرح عندما أسمع الأصدقاء يتكلمون عنه.
كنت أخشى عليه من الأوضاع الأمنية. وكل يوم أحمد الله انه في خير وأمان، رغم غياب الأمان في بلدتنا الصغيرة بعدما دخلها النظام. وبقي سامي في المنطقة محاصراً حوالي السنتين والأخبار تصلنا اعن عتقال أو قتل يستهدف الشباب في المنطقة. وأخبار المجازر المتكررة.
بعد مرور سنتين وهو في الحصار جاءني خبر عبر أحد أصدقائه أنه بخير، ونجح في الخروج من المنطقة المحاصرة. وأصبح في شرقي حمص. فرحت كثيراً بهذا الخبر. وحمدت الله عز وجل على نجاته.
اثناء الحصاره خسر والدته التي أحبها من كل قلبه، لفظت أنفاسها بين يديه حين كانا محاصرين. لم يستطع إسعافها إلى المشفى. وبعد وفاتها بفترة اعتقلوا أخاه الأكبر. انهار سامي تماماً أمام هذه الأحداث.
حينما وصل إلى مقر إقامته الجديد حاولت التواصل معه بكافة الوسائل، ولكن الأمر كان أشبه بالمستحيل. وأخيراً ولله الحمد تمكنت من التواصل معه عن طريق أخته التي كانت ما تزال تسكن في نفس البلدة التي اسكن فيها. بسبب الحرب الللعينة خسرت أخته زوجها الذي ترك لها ثلاثة أطفال صغار. ابنتين وصبي، فقدوا أباهم أمام اعينهم وخسروا حقهم في مناداته كل صباح.
ساعدتني أخته في الحصول على رقم جواله الجديد، بعدما كان غير معظم أرقامه التي كنت أعرفها. وفي الشهر الأول من سنه 2013، دقّ قلبي فرحاً عندما كلمته لأول مرة بعد هذه القطيعة الطويلة.
كان وقتها قد سكن في البلدة المجاورة في منزل كبير مشترك مع أقاربه المشردين أيضاً بسبب الأوضاع الصعبة. وكان في هذه الفترة يبحث عن عمل لكي يؤمن مصروفه ومصروف أولاد اخوته الصغار.
أصبح يعمل بداية الامر بالزراعة بأجر زهيد جداً، وهو ثمن الخبز وقليل من البرغل والأرز. وفي هذه الأثناء كنت أكلمه باستمرار ونتحدث عن الأيام المقبلة والتفاؤل يملأ قلوبنا أنا وسامي. مرّ الوقت سريعاً، أنا أكبر ويزيد تعلقي به يوماً بعد يوم …
فاطمة السامي (20 عاماً) متزوجة وتقيم في تركيا