الجنّ في المناطق المحررة يزاحم النازحين
نساء مع أطفالهم اثناء زيارة الأقارب . تصوير معهد صحافة الحرب والسلام
أمضى الطفل أمجد (6 سنوات) ليلة كاملة لم يعرف النوم طريقاً إليه، كان يشاهد بعض الحشرات في فراشه وعلى وسادته، يتخيل وجود خيال على الجدار. عاد أمجد إلى طبيعته، بعد أن تم عرضه على أحد المعالجين بالقرآن الكريم، حيث “قرأ على رأسه” بعض الآيات من القرآن الكريم، وكتب له “حجاباً”. ولم يشاهد أمجد بعدها ما شاهده تلك الليلة.
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الحديث عن الجن في الكثير من قرى ومدن المناطق المحررة، وفي كثير من الحالات اضطر بعض السكان إلى ترك منازلهم، بسبب الكثير من الحوادث الغريبة التي جرت فيها. وقد استدعت هذه الحوادث الاستعانة بالمشايخ المتخصصين بالتعامل مع الجن. وكأن هذا الأمر أصبح احتلالاً وغزواً من نوع آخر.
الجن خلقٌ من خلق الله سبحانه وتعالى، والجن من عالم الغيب الذي أخبر الله عنه في القرآن الكريم، وهم مكلفون وسيحاسبون على أعمالهم مثل البشر، وبحسب الداعية أبو المجاهد الشامي (36 عاماً): “الجن يسكنون البيوت المأهولة والخربة، ومنهم المطيع القانت، والعاصي المارق، وعلمنا بهم ومعرفتنا إياهم إنما تكون بما ورد في كتاب الله عز وجل وفي سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم”.
ويضيف الداعية الشامي: “الجـن كائنات خفية لها القدرة أن تتخذ أشكالاً متعددة، قد يتصور الجن بصورة حيوان أو إنسان، ويراهم من يسكن في البيت، وتسمى هذه الجن بالعوامر”، وأكد الشامي أن هناك مشايخ متخصصين بالقراءة من القرآن على أشخاص مسهم الجان، أو بيوت مسكونة لإخراجهم. ويتابع الشامي قائلاً: “إن تزايد انتشار ظاهرة تواجد الجن في المناطق المحررة، تعود إلى أن الجن تنزح وتهاجر وتتأذى كما البشر، وأنها نزحت مع السكان الذين نزحوا من قراهم نتيجة المعارك الدائرة “.
رغم أنه لا توجد أدلة علمية على وجود الجن في العلم الحديث، رغم أبحاث وتحقيقات عدة عن الجن، لكنها لم تتوصل الى نتائج إيجابية تؤكد أو تنفي وجود الجن. قال الكثير من العلماء والفلاسفة إن المراد بالجن في الكتب الدينية هو نوازع الشر والقوى الخبيثة عند الإنسان، ولأن أجسام الجن غير مرئية وقادرة على التشكل بالشكل الذي تريده، زعم فريق من المحدثين أن الجن هم الجراثيم والميكروبات التي تصيب الناس بالأمراض التي كشف عنها العلم حديثًا، وأنكرت طائفة من الناس وجودهم إنكارا كليًا وزعم قسم منهم أن المراد هو أرواح الكواكب.
أبو أحمد (62 عاماً) أحد المعالجين بالقرآن لقضايا الجن يقول: “إخراج الجن عند المشايخ يكون بأساليب مختلفة كالدعاء والذكر وقراءة المعوذات وآية الكرسي، وهذه الأساليب تؤثر سلباً على الجني، وتؤدي إلى طرده من مكان تواجده. وبعض المعالجين يلجأون إلى أساليب مباشرة للتعامل مع الجن العنيد وذلك بانتهاره وسبه ولعنه وأمره بالخروج وتهديده بالحرق، فإن لم يمتثل لهم كان نصيبه الضرب بالعصي غالبا تحت الأرجل حتى يصيح ويصرخ، وإن لم يفلحوا بذلك قاموا بحرق الجن”.
ويوضح أبو أحمد أن الضرب يكون على جسد الشخص المسكون، وهو حينها لا يشعر بالألم والصياح للجن من الألم بواسطة الشخص نفسه.
ويضيف أبو أحمد:” أذى الجن للإنسان يتمثل بحركات اختلاجيه تشبه الصرع، أذية الأجنة وقتلها داخل الرحم، التأثير النفسي السلبي والوسواس، هجر الأم المرضع لرضيعها، الكراهية بين الأزواج وفقدان القدرة الجنسية عند الرجال. وغيرها الكثير”.
كانت جميلة (24 عاماً) من قرية “بسقلا” تقوم بحركات لا إرادية وتتفوه بكلمات غير مفهومة، وتصدر أصواتاً تشبه صوت الوحوش أثناء جلسات علاجها بالقرآن. تقول جميلة: ” بمجرد بدء المعالج بقراءة القرآن الكريم كنت أتحول إلى جسد لا يربطني به شيء، كنت أرى أشخاصاً لا أعرفهم مع أنهم من أهلي، كانت تصدر مني كلمات وتصرفات لا أذكرها بعد نهاية الجلسة. عانيت الكثير من الجن، ذهبت إلى 4 شيوخ خلال 4 أشهر، حتى تخلصت من معاناتي، أما الأن فقد نسيت ما كنت أعانيه وأنا مرتاحة جداً”.
أحداث غريبة غير معهودة، أصوات لا يسمعها سكان المنزل بنفس الطريقة، مشاهد يشاهدها أهل المنزل لكن كل واحد منهم بصورة مختلفة، حيوانات تظهر وتختفي على مرأى البعض.
أبو بشار (62 عاماً) من سكان مدينة كفرنبل، وهو أحد أصحاب البيوت المسكونة بالجن يقول: “لم نلحظ أي شيء غريب في البيت منذ أكثر من 40 عاماً، منذ أكثر من 4 أشهر بدأت تحدث في البيت حوادث لم نعهدها من قبل. فقدان بعض الأغراض المتكرر، خلط بعض مواد المنزل ببعضها، إضافة إلى تمزيق الثياب، ونقل بعض المواد المنزلية من أوعيتها وأمكنتها إلى أوعية وأماكن أخرى، استعنت مؤخراً بشيخ يحضر إلى المنزل بشكل شبه يومي وأنتظر التخلص من هذه الحالة على يديه، علماً أنني أبحث عن بيت أستأجره ريثما أجد حلاً لمشكلتي”.
“بعض الإنس يحتاجون الجن بسبب ما يوفرونه من خدمات كثيرة غير مباشرة، وحاجة الناس البسطاء للجن كبيرة، بحيث أن كل الحوادث وردود الأفعال الناشزة، الخارجة عن جادة العقل والخارجة عن قدرة استيعابهم ووعيهم وإدراكهم تعزى إلى الجن، الذين يمثلون أقرب شاطئ ترسي عليه مراكب الخوارق من الأشياء والأحداث. بينما يكون أكثر هذه الخوارق طبيعياً ومقبولاً عند الناس ذوي العقل المنفتح، الذين يستطيعون تقبلها دون ربطها وردها إلى جهات قادرة على القيام بمثل هذه الخوارق مثل الجن ” بحسب الروائي عبد العزيز الموسى (70 عاماً) الذي يحمل إجازة في الفلسفة.
ويضيف الموسى:” وجود الجن يعطل آلية البحث عن منشأ الخروقات العجيبة الغريبة المتداولة وعن منشأ الكثير من الأمراض النفسية، ومع الجن علينا أن نتدرب على تقبل الجور والمرض والظلم بكل أشكاله والخوف من المجهول، ومنه مراعاة ديكتاتوريات القهر التي لا يمكن محاسبتها حتى اليوم”.
نفى مصطفى علي الشيخ(46 عاماً) رئيس المجلس المحلي في كفرنبل وصول أي شكوى من الأهالي بهذا الخصوص وبين :” أنه في حال وجود شكاوي فإن المجلس عاجز عن التعاطي في مثل هذه القضايا، وليست من اختصاص عمل المجلس”.