التجمع الوطني لقوى الثورة في الغوطة الشرقية هل ينجح في لم شمل القوى الثورية في الداخل؟!
رزان زيتونة
ملاحظة: هذا التقرير هو الثالث من نوعه الذي يتناول المؤسسات التي أقامتها المعارضة في المناطق التي تسيطر عليها في الغوطة الشرقية. يمكن قراءة التقريرين الأولين هنا وهنا.
يحاول “التجمع الوطني لقوى الثورة في غوطة دمشق الشرقية” أن يشكل “مظلة سياسية وإدارية” في المنطقة، التي تحررت العديد من بلداتها ومدنها منذ أشهر ولا تزال تخضع لحصار غير مسبوق من قبل قوات النظام.
تأسس التجمع في كانون الثاني/ يناير 2013، ضامّاً بين صفوفه نشطاء سياسيين ومدنيين وثوار في أكثر من 58 بلدة ومدينة. وفي ورقته التأسيسية ركز التجمع على خطاب وطني جامع ذو صبغة مدنية، فهو “يلتزم بأهداف الثورة المتمثلة بإسقاط نظام الأسد، وإقامة الدولة التعددية الحرة، دولة القانون والعدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان، والتي تعتبر الإسلام الحامل الأساسي لحضارتها وتاريخها، وهو مصدر مبادئ عملها.”
ومن أهداف التجمع “العمل على حشد كافة الطاقات والجهود المدنية والعسكرية لتحقيق أهداف الثورة، والتنسيق مع كافة الفعاليات وممثلي الثورة في كل أنحاء سوريا، من أجل الوصول إلى تجمع وطني موحد لقوى الثورة السورية، يُدير الثورة ويصون مبادئها”.
وتضم الأمانة العامة للتجمع ممثلين عن المجالس المحلية وممثلين عن قوى الثورة. ولديه عدد من المكاتب التي توزعت حسب اختصاصاتها، كالمكتب السياسي، الخدمي، الإغاثي، الزراعي وغيرها.
وفي ورقته التأسيسية، يرحب التجمع “بأي تحرُّك دولي من أجل وقف القتل والدمار الذي يتعرض له الشعب السوري، بما يضمن مبادئ الثورة وأهدافها…” مؤكداً أن “للعالم أجمع أنَّ أيَّ حلٍّ سياسيٍّ لا يمكن له أن يمرَّ ويُكتَبَ له النجاح إلا عبر تأييد الداخل له، وإن الحل السياسي يكون مبنياً أولاً على تنحّي المجرم بشار الأسد، ونقل السلطة للثوار، وتسليم المجرمين من رموز العصابة الأسدية إلى محاكم وطنية نزيهة”.
كما يضم المجلس مكتب الارتباط العسكري، الذي يهدف “للتنسيق مع مختلف المجالس العسكرية للجيش السوري الحر وكتائبه، للمساهمة في توحيد التشكيلات العسكرية على أساس وطني مستقل عن السياسة وتجاذباتها، وتأسيس جيش وطني مهمته حماية الوطن والدفاع عن حدوده”.
يقول المهندس نزار الصمادي، المنسق العام للتجمع الوطني لقوى الثورة في غوطة دمشق الشرقية، أن تشكيل التجمع جاء استجابة لمعطيات استجدت في سياق العمل الثوري في غوطة دمشق، فمع تراجع الاشكال التمثيلية الاولى كالتنسيقيات وغيرها ومع الفراغ الإداري الناجم عن تحرير الغوطة وانسحاب كل مؤسسات النظام الخدمية منها، كان لابد من صيغة تمثيلية ثورية جديدة تواجه تحديات جديدة وراهنة كوحدة قوى الثورة المدنية والعسكرية.
ويتابع: “كنا سباقين في صياغة علاقة متقدمة بين القوى الثورية و”الجيش الحر” في الغوطة. وأما التحدي الثاني وهو العمل الاداري الخدمي، المتعلق بإيجاد بدائل مؤسساتية تحل محل مؤسسات النظام السابقة لإدارة شؤون الأهالي وتنظيم الخدمات العامة، وتكون كما نطمح احدى صياغات اللامركزية الإدارية في الحكم في سوريا المستقبل”.
المشكلة عادة أن كل تشكيل جديد في الثورة لا يأخذ في الاعتبار التشكيلات السابقة عليه والتعاون معها، بما يؤدي إلى خلافات جديدة داخل الجسد الثوري. يبدو التجمع وكأنه ابتدع حلاً وسطاً، لا يبارك تلك التشكيلات ولا يسعى لتشكيل بدائل عنها في الوقت نفسه!
يقول السيد صمادي أن “المكاتب الخدمية الموحدة التي تشكلت في الغوطة، نشأت بقرارات فوقية من المعارضة الخارجية ومكاتبها العامة، ولم يكن للأهالي والثوار رأي بتشكيلها أو الإشراف على أعمالها، وبالنسبة لنا فنحن لانسعى إلى تشكيل مكاتب جديدة، وكل ما نعمل عليه هو إيجاد صيغ إدارية وخدمية، يكون للسكان والأهالي رأي في تشكليها وفي الإشراف على أعمالها”.
ويتابع صمادي “لقد ساهم الكثيرون من أعضاء التجمع في تشكيل المجالس المحلية في مدنهم وبلداتهم، ونحن في التجمع دعمنا هذه التجربة وعملنا على تعميمها وتطويرها في كل قرى ومدن الغوطة، ونسعى مع آخرين إلى وضع نظام داخلي موحد لهذه المجالس يراعي خصوصية المنطقة وظروفها، ونعمل لربط مجالس المدن والقرى وإيجاد صيغة تمثيلية حقيقية لمجلس محلي موحد يمثل الغوطة الشرقية، ويكون بمثابة حكومة محلية منتخبة لإدارة الشؤون والخدمات العامة في المنطقة”.
يرى التجمع أن من شأن وجود تمثيل ثوري في الداخل أن يشكل بديلا للمعارضة الخارجية التي فشلت حتى اللحظة في تمثيل الثورة كما ينبغي.
ويشير صمادي “لقد كنا في التجمع الوطني لقوى الثورة في غوطة دمشق الشرقية، من أوائل القوى الثورية التي طرحت وعملت على وحدة قوى الثورة السورية، للوصول إلى قيادة موحدة للثورة على أرضها وبين ناسها، وسحب التفويض من الهيئات والهياكل المعارضة في الخارج، التي أخفقت في إدارة الصراع مع النظام وقيادة العمل الثوري على الأرض. وفي هذا الصدد ورغم كل المصاعب فلقد تواصلنا مع القوى الثورية في الكثير من المحافظات ولدينا أعمال متقدمة على هذا الطريق”.
لكن مؤخراً، تم الإعلان عن تجمع آخر يتضمن الأهداف نفسها تقريباً في الغوطة الشرقية، وحول ذلك يقول السيد صمادي: “بخصوص مؤتمر الغوطة الأخير لوحدة قوى الثورة، فهو يعيد البدايات ولا يبني على كل ما تم من أعمال وجهود مخلصة ساهم فيها الكثيرون، ورغم ذلك شاركنا في هذا اللقاء لأننا نسعى الى الوحدة والعمل الجماعي المنظم والمسؤول. إن التحديات الكبرى والحرب البربرية التي نواجهها، وأنهار الدماء الزكية التي يقدمها شعبنا يومياً تدعونا لوقفة مسؤولة وتاريخية أمام الله والشعب والضمير”.
لا يخفي التجمع طموحه نحو دور قيادي في الغوطة الشرقية “نحن في التجمع نطمح ونعمل لأن نكون مظلة سياسية وإدارية في منطقة الغوطة الشرقية. فنحن دعمنا وساهمنا بتطوير المجالس المحلية في أغلب المدن والبلدات وقمنا بتقديم الدراسات والخبرات النظرية والعملية للجميع. ويتابع التجمع الكثير من المشاريع الخدمية الأساسية كمشروع خط ريما لمياه الشرب، وإصلاح الأعطال الواقعة على الشبكة ومشاريع أخرى كمكب مركزي للنفايات وغيرها من المشاريع الخدمية الأساسية. وساهم التجمع بدعم بعض الحملات الإغاثية للمناطق الأكثر فقراً ولبعض الجبهات الساخنة في الغوطة وكذلك تجهيز وتطوير الكثير من المشافي الميدانية”.
على أية حال يبدو أن أكثر من مبادرة شبيهة في طريقها للظهور قريباً في المناطق المحررة. الأمل أن لا تعيد المعارضة في الداخل أخطاء معارضة الخارج بتنافرها وتنازعها، وأن تتمكن من التكامل في العمل في مثل هذه الظروف الاستثنائية الصعبة.