البيت الإدلبي يجمع الأهالي في أسرة واحدة
من لقاءات البيت الإدلبي تصوير سونيا العلي
"يشكل البيت هيئة مدنية مستقلة، تضم أهالي المدينة. ويعنى بخدمة المواطنين وتحسين الظروف المعيشية والخدمية لهم، ويساهم في دعم أي نشاط من شأنه خدمة المدينة وأبنائها"
“في البيت الأدلبي لا نهدف إلى تحقيق أي مقابل مادي، بل نعمل على تعزيز الشعور بالانتماء، وتحمل بعض المسؤوليات وخدمة القضايا التي يعاني منها المجتمع” هكذا يختصر رئيس قسم الخدمات في البيت الإدلبي عامر كشكش (37 عاماً) أهداف البيت الإدلبي.
ويقول كشكش لحكايات سوريا: “يشكل البيت هيئة مدنية مستقلة، تضم أهالي المدينة. ويعنى بخدمة المواطنين وتحسين الظروف المعيشية والخدمية لهم، ويساهم في دعم أي نشاط من شأنه خدمة المدينة وأبنائها. كما يسعى إلى تصحيح الأخطاء الإدارية من خلال المبادئ الشرعية بعيداً عن العسكرة أو السياسة. إضافة إلى السعي لتحسين العلاقات الاجتماعية بين سكان المدينة والنازحين إليها من مناطق مختلفة، ورفع الظلم ورد الحقوق إلى أصحابها”.
ويلفت كشكش إلى أن أعضاء البيت يعملون على تنفيذ هذه الأهداف، من خلال الدعوة لسهرات في موعد ومكان محدد، بمشاركة جميع الشرائح الثقافية والاجتماعية، لمناقشة مشاكل المدينة وسبل حلها. كتأمين المياه وضرورة وجود صيدلية مناوبة لحالة الطوارئ واسترداد الحقوق العامة للناس عبر إنشاء محكمة شرعية.
ويؤكد كشكش أن للبيت الإدلبي تواصل مع مجلسي الشورى والأعيان والمنظمات الداعمة والفاعلة في إدلب، للمطالبة بحقوق المدينة من نواحي الصحة والتربية وضبط المخالفات للارتقاء بالمدينة نحو مستويات أفضل، دون أن يتعرض لأي مضايقات من قبل الفصائل الثورية لكونه يعبر عن هموم المواطنين.
أبو خالد أحد القائمين على البيت الإدلبي ( 29عاماً) يقول: “قمنا بهيكلة البيت الإدلبي وتنظيمه كهيئة مدنية بنظام داخلي. حيث يتكون من الهيئة العامة التي تضم جميع الأعضاء، ومن مجلس الإدارة الذي يضم أحد عشر عضواً، يتم اختيارهم من قبل الهيئة العامة. كما قمنا بتشكيل لجان مختصة لتنظيم المهام وتسهيل العمل. كاللجان الأمنية والمالية والاجتماعية”.
ويبين أبو خالد خلال حديثه أن اللجنة المالية تتولى إدارة كافة الأمور المادية، نظراً لعدم وجود جهة داعمة للبيت. ويقتصر تمويله على بعض التبرعات المالية العينية المقدمة من بعض الأهالي لتغطية نفقات الإيجارات وشراء الوقود اللازم لعمل سيارات تفريغ الحاويات أو إصلاح الأضرار التي تخلفها الغارات، وتأهيل بعض الطرقات.
ويتحدث أبو خالد عن عمل اللجنة الأمنية التي تضم عدداً من شبان المدينة، يقومون بمهمة حراسة أحياء المدينة ومداخلها وطرقاتها، تم تزويدهم بأسلحة وذخيرة وأجهزة لاسلكية لاستخدامها عندالضرورة .
أحد المتطوعين في اللجنة الأمنية التابعة للبيت الأدلبي ويدعى سامر الإدلبي (21 عاماً) يغتبر نفسه عينا من العيون الساهرة على راحة وأمن الأهالي. يتحدث عن طبيعة عمله قائلاً: “في ظل ما تعيشه المدينة من حالة أمنية متردية، ونتيجة انتشار حوادث الخطف والسرقات أصبح الحديث عن الأمان يحتل جزءاً من تساؤلات أهالي المدينة. لذلك قام البيت الأدلبي بتشكيل لجان أمنية مهمتها ضبط الوضع واستعادة الأمان واتخاذ التدابير اللازمة لذلك، وكثيراً ما نقوم في هذه اللجان بالقبض على لصوص يحاولون سرقة دراجات نارية أو سيارات أو غيرها فنعمد إلى ردها لأصحابها وتسليم السارقين للقوة التنفيذية .”
عمر الزعيم (51 عاماً) مالك لأحد المحلات التجارية في سوق المدينة، يشكر أعضاء البيت الإدلبي على مساهمتهم بردع الفوضى والحفاظ على ممتلكات المواطنين، وخاصة بعد قيام الدورية التابعة للبيت بالقبض على اللصوص، وإفشال محاولتهم لسرقة محله التجاري.
كما يتضمن البيت ما يسمى باللجنة الاجتماعية، وهي تعمل على فض الخلافات والنزاعات بين أهالي المدينة وتعزيز ثقافة العمل الجماعي الخدمي الاجتماعي، إضافة إلى تأمين احتياجات النازحين ومساعدتهم بالدعم المادي والنفسي.
كما يساعد البيت الإدلبي الدفاع المدني عبر تأمين سيارات الإسعاف المجهزة بالمواد الطبية وصهاريج المياه لإطفاء الحرائق وإخلاء المباني .
عيسى دياب (51 عاماً) هو أحد النازحين من ريف حلب الشمالي إلى مدينة إدلب يقول: “لقد خفف البيت من معاناة وآلام النزوح. ساعدني في تلقي المساعدات والسلل الغذائية كما أمن لي الحليب لأطفالي مجاناً. ونلجأ إليه في المشكلات التي تعترض حياتنا”.
جذب البيت الإدلبي الأنظار وهو يحظى بثقة الناس، ولكونه فكرة جديدة لاقى ترحيباً واسعاً من الأهالي وحصل على تأييد شعبي من المدنيين والعسكريين على حد سواء من خلال قيامه بتصويب القرارات الخاطئة، وعلاقاته الطيبة مع الجهات المعنية في إدلب، ومن أهم أعماله هو القيام بتشكيل مجلس مدينة إدلب الذي يتولى إدارة شؤون المدينة .
أبو علاء (42 عاماً) من مدينة إدلب يتحدث عن أهمية البيت الادلبي قائلاً: “نرى في البيت الإدلبي انطلاقة نحو بناء الوطن. وهو يضم أبناء مدينة إدلب الغيورين على مصلحتها، لذلك نعتبره منبراً لأصواتنا وهمومنا ونبثه شكوانا لإيصالها إلى الدوائر والجهات المعنية. وأسعى لحضور كافة السهرات الشعبية التي تقام بهدف تنشيط المجتمع للقيام بواجباته وإشراكه في بناء مؤسسات الدولة في المدينة”.
رئيس قسم الخدمات في البيت الإدلبي عامر كشكش يختتم حديثه لحكايات سوريا قائلاً: قررنا أن نبتعد كل البعد عن العمل لأجل سلطة أو اتجاه سياسي، ساعين لتقديم المساعدة للمحتاجين، محاولين زرع المحبة والألفة والتعاون بين كافة شرائح المجتمع في المدينة، فهي أمانة في أعناقنا يجب أن نساهم معاً للنهوض بها على كافة الأصعدة. آملين أن يكون هذا البيت خطوة لانطلاقة البيت السوري الذي يجمع السوريين على كلمة واحدة وقلب واحد”.