ارتفاع أسعار الخبز والطحين يزيد من معاناة سكان إدلب
Children cling on to their bread with delight. Photography by Ahmad al-Salim
يعاني سكان المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف إدلب، من شح وغلاء في مواد المازوت والسكر والخبز، وذلك منذ أكثر من شهر ونصف، بسبب رفع الدعم عن مادة الطحين من قبل بعض المنظمات الإغاثية، بالإضافة إلى غلاء أسعار القمح لقلة المحصول هذا العام، وانقطاع طرق نقل البضائع ونقل المازوت بسبب استمرار المعارك في ريف حلب الشمالي.
وقد أعلن العديد من المخابز في ريف إدلب، عن رفع سعر مادة الخبز، ويأتي هذا الإعلان عقب قصف الطريق الذي يتم اعتماده لنقل الوقود في منطقة دارة عزة في ريف حلب، والذي أدى لاحتراق عدة خزانات كانت محمولة على شاحنات نفط، بالإضافة إلى الاشتباكات المستمرة بين المليشيات الكردية وفصائل المعارضة المسلحة، قرب عفرين.
وقد تم رفع سعر ربطة الخبز الواحدة، إلى 175 ليرة في بعض قرى ريف إدلب فيما وصلت أسعارها إلى 250 ليرة أي ما يعادل نصف دولار للكيلو غرام من الخبز، وذلك بعد أن كان 100 ليرة سورية، الأمر الذي زاد من معاناة الأهالي وضيق سبل العيش بالنسبة للمدنيين في المناطق المحررة، وخصوصاً بعد ارتفاع أسعار جميع المواد الغذائية نظراً لارتفاع أسعار المحروقات.
محمد زيدان مسؤول في أحد الأفران الخيرية أوضح أنهم كانوا يستلمون عشرات الأطنان من الطحين بشكل شهري من أجل خبزه وبيعه بأسعار مخفضة للسكان في المناطق المحررة، ولكن في الآونة الأخيرة تم قطع مادة الطحين عن أغلب المنظمات بشكل كامل، وتحديداً منذ خمسة أشهر ولم يعد هناك إمكانية إلا بالبيع بأسعار مرتفعة.
ويقول زيدان: ” منظمة وحدة تنسيق الدعم كانت تشتري القمح من المواطنين في ريف إدلب في كل موسم، وتبيع طن الطحين بمبلغ 150 دولار ولكنها قامت برفعه حيث أصبح سعر الطن يزيد عن 200 دولار، مما أدى إلى رفع سعر الخبز من قبل الأفران التي كانت تشتري الطحين”.
وتوقع زيدان أن يكون هذا الأمر مؤقتا وليس طويلاً ففي كل فترة من هذا العام يكون هناك نقص في المواد الغذائية وشح في الدعم الإغاثي، وذلك نظراً لاعتماد خطط جديدة من قبل المنظمات في فصل الصيف.
ومن جهة أخرى واصلت أسعار المواد الغذائية الارتفاع في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف إدلب، خصوصاً مادة السكر الذي واصل ارتفاعه، الأمر الذي أدى إلى بيعه من قبل المحلات التجارية بالكيلو غرام لكل عائلة من أجل توفيره لأكبر عدد ممكن من السكان.
حذيفة العوض وهو مواطن من ريف إدلب يقول: “سبب انقطاع السكر هو وصول دفعة من السكر من قبل الحكومة الإيرانية عبر معبر باب الهوى، ما أدى إلى إرجاعها إلى تركيا من قبل إدارة المعبر وإخضاعها إلى الفحص من أجل التأكيد على سلامتها من أي أضرار، كما جرى في السابق مع شحنة حليب الأطفال”.
وأضاف العوض : “المدنيون في ريف إدلب يشعرون بأن قطع الدعم الإغاثي ومادة الخبز، يعود إلى ضغوط دولية على الشعب السوري في الداخل من أجل الرضوخ إلى شروطهم، وخصوصاً بعد انسحاب وفد المفاوضات من محادثات جنيف”.
وأشار العوض إلى أن معدل البطالة في المناطق المحررة يزداد تباعاً، خصوصاً في ظل القصف المستمر وشلل الحركة التجارية بسبب غلاء سعر المحروقات، حيث أن المواطن لم يعد يستطيع تحمل أعباء المعيشة المتزايدة.
من جهته يقول أبو البها مسؤول في أحد المنظمات في الداخل السوري: ” قمنا بشراء ألف طن من القمح من المناطق المحررة بأسعار مرتفعة، وذلك من أجل تشجيع المزارعين على بيعه وعدم تهريبه إلى مناطق النظام أو تركيا”.
وأضاف أبو البها : “سنقوم برفد عدد من الأفران بالطحين بعد طحن القمح بالإضافة إلى تقديم كميات من الطحين التركي الأبيض من أجل خلطه مع الطحين السوري، وذلك بهدف تحسين جودة إنتاج الخبز كماً ونوعاً بالإضافة إلى بيعه بأسعار مقبولة “.
ونوه أبو البها بأنهم لا يستطيعون تقديم الدعم إلا لقسم من المحتاجين في ريف إدلب. وناشد جميع المنظمات لتكثيف دعمها وتحمل مسؤولياتها في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها المدنيون.
ويعتبر إغلاق الطريق في ريف حلب الشمالي، بسبب المعارك بين تنظيم الدولة الإسلامية وفصائل المعارضة، السبب الرئيسي لغلاء سعر المازوت، حيث أن سعر البرميل الواحد200 ليتر، بلغ 100 ألف ليرة، ما أدى إلى إغلاق معظم الأفران.
ويقول أيمن الأخرس أحد تجار المحروقات: “بعد قتل وحدات حماية الشعب عدداً من عناصر الثوار على أطراف بلدة عفرين، اشتعلت المعارك بين الطرفين الأمر اللذي أدى إلى إغلاق الطريق بشكل كامل من طرف وحدات حماية الشعب الكردية “.
وأضاف الأخرس بأنه بعد فتح الطريق من قبل تنظيم الدولة ووحدات حماية الشعب وفصائل المعارضة، تقوم الطائرات الحربية الروسية والسورية باستهداف طريق المازوت بريف حلب بعشرات الغارات الجوية، الأمر الذي إلى أدى صعوبة إيصاله إلى ريف إدلب.
وبحسب الأخرس فإن آلاف السيارات والشاحنات تدخل بشكل يومي مناطق سيطرة تنظيم الدولة من أجل جلب المازوت، ولكنها تبقى أحياناً أكثر من مدة شهر رابضة للسماح لها بدخول مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية في مناطق عفرين والقرى المحيطة بها.
ويذكر أن أزمة المازوت تتجدد في ريفي حماة إدلب، بين الحين والآخر، ما يؤثر بشكل مباشر على القطاعات الخدمية والوضع المعيشي لسكانها.